فقراء العراق في رسومات كاريكاتيرية لاذعة

الرسام سلمان عبد: أعمالي لسان حال الضعفاء في البلاد

TT

لم يجد رسام الكاريكاتير العراقي سلمان عبد أبلغ من الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة واللاذعة التي أطلق عليها عنوان «المكاريد في العراق»، ليحكي قصة الخراب والفساد والتأخر الذي نخر اقتصاده وعمرانه وبناءه وتعليمه وكل نواحي الحياة، على أيدي الحكومات التي تعاقبت عليه، وهو لا يخشى غضب ومطاردة المسؤولين له بسبب أعماله، لأنها تعني أن أفكاره وصلت وأن الفن الكاريكاتيري أداة مهمة للتأثير في الرأي العام.

وقد نظم معرضه الشخصي السادس في المركز الثقافي البغدادي أمس، وبذات طريقته التي تفرد بها طيلة معارضه السابقة، بإقامتها على الأرض، والابتعاد عن الصالات والقاعات كونها لسان حال «المكاريد» والضعفاء والفقراء في البلاد بقلة فرص نجاحهم، كما يقول سلمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «أشعر أن معارضي هي جزء من مسؤوليتي تجاه وطني، خصوصا المعذبين منهم الذين استبشروا خيرا بسقوط النظام السابق، لكنهم لم يجنوا من الأنظمة الجديدة سوى المزيد من الخسارات والتراجع وقلة الفرص».

ويدافع سلمان، 69 عاما، عن المكاريد بالقول: «لا أقصد منهم الفقراء فقط، لأن هناك مهندسين ومعلمين وموظفين لكنهم لم يحصلوا على استحقاقهم من أوطانهم التي تخلت عنهم، في حين نال المال والفرص الجيدة أصحاب الكروش والمقربون من السلطان، وهؤلاء من أسعى لكشفهم هنا. فكرة المكاريد أطلقتها على أول رسوماتي بعد عام 2003، وأنا أرى الفوضى والخراب يعمان كل شيء، ووحدهم الفقراء من يتجرعون الألم».

وعن معارضه الأخرى يقول: «سبق أن عملت معرضا للنساء كوني نصيرا لهن، وسميته (معرض المكرودات)، وخصصته للنساء الأرامل والمتسولات».

وعن ردود أفعال الناس والمسؤولين لمعارضه التي تحمل انتقادات لاذعة قال: «معارضي أخصصها للناس، وأفرح بتفاعلهم مع الرسومات التي أسعى من خلالها إلى جس نبضهم وتحفيزهم على نقد الواقع المزري ورفضه أيضا، أما المسؤولون ورد فعلهم فعادة ما يكون عنيفا وغاضبا بسبب قلة وعيهم بأهمية الفن الكاريكاتيري في رصده الحالات السلبية في المجتمع، وأتذكر أن حمايات رئيس الوزراء نوري المالكي قاموا بمداهمة منزلي في كربلاء عام 2009 بتهمة الإساءة إلى شخصية رئيس الوزراء في معرضي الأخير الذي حمل بعض الصور الساخرة عنه، السلطات تحاول صم آذانها عنا، لكننا نحاول أن يكون لنا صوت مسموع ومؤثر في البلاد لأن الرسومات الكاريكاتيرية يمكنها أن تسقط حكومات».

وعن أهم موضوعات معرضه الأخير، قال: «ركزت على قضايا الإرهاب والفساد وأصحاب الكروش، الذين يأخذون حقهم وحق الآخرين».

حمودي عذاب رئيس الجمعية العراقية لرسوم الكاريكاتير قال إن معرض الفنان سلمان عبد حمل جرأة واضحة، عبر توظيف مساحة كبيرة من معرضه لأجل الفقراء في البلاد، وهم شريحة واسعة من المجتمع العراقي. وعن إمكانية أن يتحول فن الكاريكاتير إلى فن مؤثر، قال: «فن الكاريكاتير مهمش في البلاد حتى الآن رغم مساحات الحرية، والسبب هو الفهم الخاطئ لبعض السياسيين باعتباره فن السخرية فقط، في حين أن هذا الفن له أبعاد سياسية واجتماعية، وهو أداة مهمة في رصد الأخطاء لأجل تصويبها أو حتى التركيز على النجاحات لأجل تعميمها».