40 عاما على إجراء أول مكالمة بالجوال قبل وصوله إلى أيادي 6 مليارات مستخدم

مخترعه مارتن كوبر استخدم جهازا طوله 4.‏25 سنتيمتر ووزنه 13.‏1 كيلو

مارتن كوبر وإلى جانبه الجوال بشكله القديم وآخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الاتصالات الشخصية
TT

تقدر الأمم المتحدة أن عدد مشتركي الهواتف الجوالة في العالم هذه الأيام يصل إلى نحو ستة مليارات شخص، أي ما يعادل عدد سكان الأرض بقليل، لكن هذه لا يعني أن جميع الناس في العالم أصبحوا يحملون هذه الأجهزة. الشيء المؤكد أن هذه الهاتفات التي استخدمت للاتصالات الشخصية بين اثنين قبل 40 عاما ولأول مرة، قد وصلت، ليس فقط إلى المجتمعات الصناعية المتقدمة في دول العالم الغربي وإنما أيضا إلى القرى النائية في أفريقيا والصين والشرق الأوسط ومعظم دول العالم الثالث. قبل نحو 40 عاما وبالتحديد يوم 3 أبريل (نيسان) من عام 1973 أجريت أول مكالمة بالهاتف الجوال. وأجرى هذه المكالمة مخترع الهاتف الجوال مارتن كوبر، عندما تمشى على جانب الشارع في مدينة نيويورك، واستخدم جهازا طوله 4.‏25 سنتيمتر ووزنه 13.‏1 كيلوغرام أي أكبر من بعض أجهزة الكومبيوتر الجوال هذه الأيام. وتتراوح أوزان الهواتف الجوالة اليوم في العادة بين أربعة وستة أوقيات (أونصة).

وقال شاب وفي يده هاتف جوال قديم كبير «مر وقت طويل على آخر مرة رأيت فيها شيئا مثل هذا». وأمسكت شابة الهاتف الكبير وهي تضحك قائلة في تصريحات للوكالة الألمانية، «لا أعلم حتى كيف استخدمه». وقال مارتن كوبر البالغ من العمر 84 عاما في مقابلة مع محطة «سي إن إن» التلفزيونية «تغير مفهوم المكالمة الهاتفية بالكامل.. كان الأمر يتعلق بالاتصال الهاتفي بمكان أما الآن فأصبح الاتصال بشخص».

الجهاز الجديد، الذي أصبح يطلق عليه اسم «الموبايل» والذي يحتفل العالم بمرور 40 سنة على اختراعه، بدأت أولى التجارب عليه عام 1947 بشركة «لوست تكنولوجيز» الأميركية، من دون أن تتمكن من اختراعه. وبدأ كوبر العمل مع فريقه في سباق مع مختبرات «إيه تي أند تي بيل»، وبعد ثلاثة أشهر من العمل على الهاتف الجوال بشكله القديم حالفهم النجاح.

في 3 أبريل 1973 وقف مارتن كوبر وسط صحافيين ومحتشدين أحاطوا به في الشارع ورأوه يضغط الرقم بعد الآخر، ثم أدهشهم بعد ثوانٍ. وقام كوبر بالاتصال من هاتفه من على الرصيف في نيويورك مع جويل انجيل الذي كان يعمل آنذاك رئيسا لمختبرات «إيه تي أند تي بيل». وقال له في المكالمة الشهيرة «جوي، إنني أتكلم معك من هاتف خلوي، حقيقي، يحمل باليد. إنه هاتف خلوي حقيقي»، يتذكر كوبر فحوى المكالمة مع صديقه، كما أخبر «سي إن إن»، مضيفا أن جويل، منافسه، لم يكن في مزاج ليستمر في الحديث. ثم أقفل ما كان اسمه DynaTac8000x ووزنه كيلو و130 غراما، وبه قام بتغيير عادات واحتياجات مليارات السكان على كرة أرضية.

«لا أتذكر بالضبط ما قاله (جويل)، لكنه صمت لوهلة» قال كوبر، مضيفا «أعتقد أنه كان يصك أسنانه، لكنه كان مؤدبا وأنهى المكالمة». لكن عندما سئل جويل عن تلك اللحظات رد قائلا إنه لا يتذكر أي شيء عن تلك المكالمة مع كوبر.

كوبر، المعروف باسم مارتي، كان يعمل آنذاك مهندسا ونائب رئيس شركة «موتورولا» للاتصالات في شيكاغو. اتصاله الذي أجراه في 3 أبريل 1973 كان تاريخيا ومذهلا، وخبره طوى العالم بدقائق، فتغيرت معه عادات واحتياجات المليارات من ساكنيه. ووصل سعر النماذج المبكرة من الهواتف الجوالة إلى نحو أربعة آلاف دولار أميركي وكان شحنها يستغرق عشر ساعات. وكانت تلك الهواتف تتضمن لوحة تعليمات تشرح لحاملها طريقة استخدامها. ولكن يوما بعد يوم أصبحت الهواتف الجوالة أكثر تطورا لكن كوبر يقول «يجب أن تعرف دائما متى تغلق الهاتف وتفتحه.. يفترض أن يكون الهاتف عبدا لك ولا يفترض أن تكون أنت عبدا لهاتفك».

وأضاف كوبر في مقابلته مع «سي إن إن» «كنا نعرف أنه يوما ما كل شخص سيمتلك هاتفا خلويا، لكن لم أتوقع أن يتم ذلك وأنا ما زلت على قيد الحياة، والآن أصبح هناك مليارات من المستخدمين، يا إلهي».

وبعد 10 سنوات تم تطوير الهاتف DynaTac8000x ليصبح «دينا تاك» الذي ننزل إلى السوق وكان يباع بما بـ3900 دولار ويزن نصف كيلوغرام وطوله قدم تقريبا. يمكن مقارنته مع آي فون 5 الذي يزن أربع أونصات وطوله 5 بوصات ويباع بـ199 دولارا.

وكوبر لا يدعي أنه وراء كل شيء تم تطويره في مجال الهواتف الجوالة التي كان من أول روادها. ويقول «كنا من الحالمين، ولم نتصور أن يوما ما سيكون هناك هاتف يجمع كل هذه الخواص. أنا غير متأكد أن هذا شيء جيد. الهواتف أصبحت معقدة جدا واستعمالها صعبا، وتجعلك تتساءل إذا كنت صممت للاستخدام العام أو للمهندسين».

واليوم يثار القلق على مستقبل الهواتف النقالة نفسها.. حيث تتناثر التكهنات بانتهاء عصرها قريبا في ضوء انتشار الأجهزة الذكية (سمارت فون) التي تؤدي الكثير من الخدمات المجانية في ضوء شرائح النطاق العريض، فالطلب لن يكون سوى على امتلاك الشرائح الذكية للبيانات.. ويثار التساؤل حول إذا تم الاستغناء عن خدمات الاتصال على شبكات الاتصالات، فهل سيكون بمقدور شركات الاتصالات الاستمرار في السوق اعتمادا على تقديم خدمات النطاق العريض فقط؟.