مهرجان الجنادرية.. موسم الفنون الفولكلورية السعودية

«الرقصات الشعبية» حديث التراث وسط إيقاعات الأجساد والآلات الموسيقية

فتيات يشاركن في عرض موسيقي خلال البروفات النهائية لحفل الافتتاح (رويترز)
TT

يمثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة «جنادرية 28» لوحة بانورامية متعددة الأطياف للموروث الثقافي والشعبي الذي تزخر به السعودية، حيث يقدم المهرجان ألوانا متعددة من الرقصات الشعبية لتختزل تراثا فلكلوريا يحكي قصص التنوع الثقافي بالبلاد. وتعد الثقافة المحلية للسعودية موردا زاخرا بفنون التراث الشعبي، حيث تحتل الرقصات الشعبية فيها مقدمة الركب للتعريف بالموروث الشعبي لكل منطقة من مناطق البلاد، فيما يعد الفلكلور بطاقة تعريف لأبناء المنطقة الواحدة بين أقرانهم من أبناء المناطق الأخرى، فيضم في كلماته الشعرية المصاحبة للرقصات الأقوال المأثورة والحكم الشعبية وسردا من مفاخر أيام تلك المنطقة.

وتشهد «الجنادرية» خلال أيامها تقديم فرق الفنون الشعبية عشرات الألوان من الفنون، والرقصات، والأهازيج، والملابس المختلفة، التي تغطي جميع مناطق المملكة، مثل العرضة السعودية، والسامري، والحوطي، والخبيتي، والليوة، والمجرور، والمزمار، والخماري، والحسباني. فيما تذهب بعض المناطق للانفراد بلون معين من الرقصات الفلكلورية كمنطقة جازان (جنوب غربي السعودية)، التي تتميز برقصة السيف وهي رقصة تؤدى في حركات سريعة، وتعتمد على إيقاعات الطبول، ولا تحتاج إلى مكان فسيح واسع للرقص، ويمكن أن تؤدى الرقصة في الساحة الموجودة داخل البيت، لأنها تؤدى بطريقة المقابلة بين شخصين لفترة قصيرة، ثم يتقابل غيرهما، وهكذا حتى تنتهي المدة المحددة لهذه الرقصة، وهي لا تتعدى الساعة إلا ربعا على الأكثر، ورقصة السيف تؤدى في حركات صامتة أي بغير أناشيد.

كما تشتهر جازان برقصة العزاوي، وهي رقصة رشيقة، وحركاتها سريعة، ولا يؤديها إلا الشباب فيما دون الثلاثين سنة، لأنها تعتمد على مرونة عصب الشاب وقدرته على الرقص، ولكونها تؤدى على إيقاعات الطبول في صور مختلفة، فترى الشاب يرقص وهو قائم، ويرقص وهو منحني الظهر، ويرقص وهو جالس على قدميه، والأطفال فيما دون الخامسة عشرة يؤدونها في رشاقة فائقة. وفي جهة أخرى من مناطق المملكة تأتي ألوان أخرى من الرقصات الشعبية، مثل الرزيفة أو الفريسة، وهي من أهم فنون منطقة الأحساء (شرق السعودية)، وتعد أكثر رقصاتها انتشارا بين أبناء المنطقة، ويمتاز هذا الفن بأنه فن للرجال لا يدخل فيه أي عنصر نسائي، فهو عبارة عن صفين متقابلين من الرجال إذا مال أحد الصفوف إلى اليمين لوّح الرجال جميعا بعصيّهم وسُمع صوت مدو لطلقات نارية من بعض الحضور، ويتميز بتفاوته بين السرعة والبطء، وبين الهدوء في الصوت وارتفاعه.

ويأتي فن المزمار كأهم الرقصات الشعبية الحجازية غرب البلاد، حيث يزدهر في أحياء ومحلات مدن الحجاز الرئيسة، مكة والمدينة وجدة. وكان المزمار لونا تصاحبه أغاني الفخر والمديح والبطولة والفروسية. وتكون طريقة الرقصة بتراص الأشخاص على شكل صفين متقابلين وهم وقوف، وبأيديهم العصا (الشون)، وفي وسط الحلبة توقد نار يدور حولها الراقصون، وتمتد فيها الأيادي بالعصا في شكل متناغم مع الإيقاعات السريعة. وتلزم الرقصة بلباس محدد، وهو الثوب، والعمامة الحجازية، التي تمتاز بلونها البرتقالي الزاهي والمطرز بالألوان الذهبية، كما يصاحب المزمار غناء معروف بالزومال، ويكون غالبا مصحوبا بأهزوجة شعرية قصيرة.