هاريسون فورد: عودتي إلى «ستار وورز» إشاعة حتى الآن

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: حين أنظر إلى أعمالي السابقة أشعر بأني أحسنت انتقاء مهنتي

هاريسون فورد في فيلم «42»
TT

هاريسون فورد كان ممثلا ونجارا في الوقت ذاته. ولد سنة 1942 ابنا لوكيل إعلانات، وكان في صباه منطويا وعرضة لخشونة أولاد صفـه الذين كانوا يدفعونه دائما للسقوط في حفرة قرب المدرسة.

في الستينات واصل فورد تعليمه، فدرس الفلسفة واللغة الإنجليزية في المعهد، لكنه لم يسجل نجاحا يذكر.. ما شجـعه على الالتفات صوب نشاطات أخرى وجدها في الانتماء إلى فرقة درامية. كلاهما (هو والفرقة) التصقا ببعضهما البعض من ذلك الحين، فظهر في عدد من المسرحيات المدرسية حتى عام 1965 عندما قرر تجربة حظـه في السينما.

شركة «كولومبيا» قدمت له عرضا بدا له مشجـعا ولو أنه في الحقيقة عرض ضئيل: عقد لسبع سنوات مقابل 150 دولارا في الأسبوع. وبعد موافقته قدمته في دور فتى يعمل في الفندق. تبحث عنه في فيلم «Dead Heat on a Merry-Go-Round» لتجده في مشهد ناطق واحد، يصيح فيه مناديا على الممثل الرئيسي في الفيلم جيمس كوبرن.

بقي في حوزة «كولومبيا» إلى أن صرفته بعد ثلاث سنوات مثـل فيها ثلاثة أفلام (دوره من الصغر في «حب» لكلايف دونر، بحيث لم يـذكر في بطاقة الفيلم على الشاشة).

سنة 1967 انضم إلى شركة «يونيفرسال» التي منحته عقدا بقيمة 250 دولارا في الأسبوع، وأطلقته في عدد من مسلسلاتها التلفزيونية، مثل «آيرونسايد» و«الفرجيني» و«مود سكواد». في وسط هذه المسلسلات ظهر في دور صغير في فيلم وسترن هو «رحلة إلى شيلو» 1968، وعندما حط الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني في الولايات المتحدة لتصوير فيلمه الوحيد فيها، وضعه بين جملة الشبان المتظاهرين الذين تلقي الشرطة القبض عليهم. اسمه غير مذكور هنا أيضا، وهو في آخر سلم الأسماء في فيلم رتشارد رش «Getting It Straight».

وضعه تغير سنة 1973 (بعد مزيد من المسلسلات والأفلام الصغيرة) عندما التقى بالمخرج جورج لوكاس الذي كان يحضـر لفيلم شبابي بعنوان «رسوم حائط أميركية» (American Graffiti) فانتخبه لأحد الأدوار الثانوية. في تلك الأثناء أخذ هاريسون يعمل في النجارة لكي يساعد دفع تكاليف الحياة. وبعد تصوير ذلك الفيلم انصرف لكي ينجز بعض أعمال النجارة والتصليح في منزل لوكاس في الوقت الذي قام فيه فرنسيس فورد كوبولا بزيارة خاصة حادث خلالها صديقه لوكاس عن بحثه لبعض الوجوه الجديد تمهيدا لتصوير فيلمه الكبير «سفر الرؤيا... الآن». كان كوبولا تعاقد مع غالبية الممثلين المطلوبين للأدوار الرئيسية، لكنه كان يحاول ملء الفراغ لبعض الأدوار المساندة، من بينها دور أحد مسؤولي الاستخبارات العسكرية. لوكاس أشار بيده إلى ذلك النجار الذي كان يدق المسامير ونصحه به.

وبالفعل نرى فورد في ذلك الدور وهذا كان آخر دور صغير لعبه. بعده وضعه جورج لوكاس في بطولة «ستار وورز» (حرب النجوم). والباقي - كما يقولون - تاريخ.

اليوم، حقيبة هاريسون فورد تحتوي على 58 فيلما، آخرها أربعة جديدة تعرض هذه السنة، وهي «قبعات سوداء» (وسترن)، «بارانويا» (تشويق)، «لعبة النهائي» (تشويق) و«42» (دراما وسيرة حياة). وهو مشغول بتصوير فيلم كوميدي بعنوان «رجل النشرة: الأسطورة تتواصل» المبرمج للعرض في العشرين من ديسمبر (كانون الأول) هذا العام. بعده مباشرة (وهذا ليس مؤكدا نهائيا بعد) قد يعود للعب شخصيته (على كبر) في الحلقة المقبلة من «ستار وورز».

«ستار وورز»، هو أحد سلسلتين سينمائيتين صنعا مجد فورد السينمائي. الثاني «إنديانا جونز» الذي أخرجه ستيفن سبيلبرغ أحد أكثر المؤمنين بموهبته. وبقدر الحاجة للتطرق إليهما، مع إشاعات تقول إنه سيشترك في جزء جديد لكل منهما، يريد تجنب الحديث عنهما.

«الشرق الأوسط» التقت هاريسون فورد ودار معه الحوار التالي:

* في فيلمك الجديد «42» هناك مزيج من عدة شخصيات في شخصية واحدة. أنت الأخ والأب والجد على نحو أو آخر. كيف عالجت ذلك؟

- من خلال سيناريو رائع لبريان هلغلاند (مخرج الفيلم). كتب سيناريو جميل جدا مبني على أن لا يحاول إخبار المشاهدين كيف يشعرون أو كيف يتجاوبون، بل على منحهم فرصة الاندماج عاطفيا في القصة. الطريقة التي تم بها تصوير الفيلم، والطريقة التي عالج بها المخرج الفضاءات، تسمح للمشاهد باستيعاب قوة السينما على نحو مثير. قوتها في سبر غور الأفكار عبر المشاعر. أعتقد أن هلغلاند صانع أفلام عظيم، وهناك أكثر من مشهد في هذا الفيلم يدل على ذلك ويمنح المشاهد لحظات فريدة. إنه فيلم رائع وأنا كنت محظوظا أن أمثـل فيه دوري.

* يتعامل الفيلم مع العنصرية. هناك ذلك اللاعب الأفرو - أميركي الذي يعاني من ذلك الهوس في أحداث تقع في الأربعينات. هذا في الوقت الذي كانت فيه الحرب دائرة ضد النازية. كيف نظر الفيلم إلى العنصرية والنازية في آن واحد؟

- التجربة الأميركية ليست تامـة (perfect).. هناك الكثير من الأفكار النبيلة التي تدعم بنية الفكرة الأميركية. تصرفاتنا ليست دائما مناسبة لما هو نموذجي أو مثالي. لقد كان هناك تفرقة عنصرية غير قابلة للتحمـل في ثقافتنا، ولا تزال هناك جيوب. حركة الهجرة خلقت حفرا في هذا المجتمع عليك أن تمر فوقها بنعومة وتتجاوزها، لكنها قد تنبعث من جديد. عملنا كأميركيين هو مواصلة ردم هذه الحفر، ولكي نحسن مجتمعنا، وفرص الحياة الاجتماعية المناسبة لكل الناس. علينا أن نكون قدوة للآخرين في هذا العالم.

* يبدو لي أن الفيلم يسعى لأن يمحور كل شيء حول لعبة البيسبول. كل هذه المسائل المثارة.

- صحيح. لعبة البيسبول هي أميركية صرفة. هي رمز لأميركا. إنها لعبة أميركية بحتة وأعتقد أن الشخصية التي أؤديها (شخصية برانش ريكي) استطاعت أن تكون محورا في تغيير النظرة صوب اللاعبين السود في هذه اللعبة، وبعد ذلك في كل الألعاب الأخرى. سنة 1942 كانت أساسية في ذلك التغيير التدريجي الذي حدث بعد ذلك.

* هذه هي المرة الأولى التي تؤدي فيها سيرة ذاتية. كيف بدا لك التعامل مع شخصية حقيقية عوض خيالية؟

- القيمة الحقيقية لتمثيل شخصية حقيقية هي أن السيناريو إذا كان مكتوبا جيدا، يلح عليك أن تجمع بين طريقتك في التعبير وبين حقيقة الشخصية. يجب أن لا تخونها أو تفرض عليها ما هو غريب عليها في الوقت الذي على السيناريو أن يسمح لك بالتعبير عن طريقتك الخاصة في الأداء وفي تصورها. كل شيء مدون بالتفاصيل بالنسبة لحياة لينكولن مثلا، لكن هناك مساحات للابتكار في حياة بعض الشخصيات طالما أن هذه المساحات لن تغير الصورة الأساسية للشخص. المعني صاحب السيرة.

إنديانا جونز

* هل لعبة البيسبول من بين الرياضات التي استهوتك في حياتك الخاصة؟

- لا أعرف أي شيء عن لعبة البيسبول. لا شيء على الإطلاق. لم أكن أعرف شيئا قبل هذا الفيلم وما زلت أجهل كل شيء عنها. تعلمت ما كان علي تعلمه خدمة للفيلم. هناك دراما كبيرة في الرياضة، وهذا ما كان مصدر جذبي الأول، لا اللعبة بحد ذاتها. هناك جهد إنساني كبير في هذه اللعبة، وأنا أعرف ذلك، لكني لا أعرف أي شيء عن قواعد اللعبة.

* أريد أن أسألك عن «ستار وورز».

- وأنا لا أريدك أن تسألني عن «ستار وورز».

* ماذا عن «إنديانا جونز»؟

- (يضحك) وليس عن «إنديانا جونز».

* لكن لا بد من الحديث عن شائعة أنك ستعود إلى تمثيل دور هان صولو في «ستار وورز»... وكانت هناك رغبة، حين التقيت بك سابقا، لبعث الحياة في سلسلة «إنديانا جونز».

- إنها شائعة كما ذكرت. لا أستطيع التكهن بما إذا كنت سأمثل «ستار وورز» أو لا، لأن السيناريو لم يجهز بعد. لا أعلم إذا كانت هناك شخصية هان صولو فيها. وإذا ما كانت هناك شخصية صولو فعلي أن أقتنع بأني الوحيد الذي أستطيع تمثيلها. أي أن عليها أن تكون مكتوبة لغاية أو وظيفة فعلية وليست مجرد إلقاء تحية.

* حتى ولو كان الدور شرفيا؟

- لا أستطيع أن أقول. علي أن أقرأ أولا.

* هذه الأيام يحتاج المشروع الجاد إلى ممثل يدافع عنه أو ينضم إليه. لا تمويل من دون نجم مرتبط به. هل هذا كان الوضع بالنسبة لأي من أفلامك الجديدة؟

- بلا شك هو عامل مشجع أن يرتبط اسم ممثل أو نجم بالمشروع؛ لأنه يسهل الكثير من العمل الذي يمضي معظمه في الإقناع. معظم الأفلام التي مثلتها، ومن بينها الأفلام الجديدة التي سأظهر فيها، لم تكن لي أي علاقة بكيفية صنع الفيلم. أنا عادة ما آتي متأخرا على المشروع.

السيناريو هو كل شيء

* كيف ورد إليك دور الشريف الشهير وايات إيرب في «قبعات سوداء»؟

- هذا أيضا فيلم سابق لأوانه.

* حسنا.. كيف تسلمت عرض بطولة «42»؟

- لقد تعثرت بهذا العمل. وقعت عليه بالصدفة. تقريبا سرقته. كنت أعلم أنني لم أكن مرشحا له. لم يجر اعتباري لهذا الدور مطلقا. حين قرأت السيناريو وجدته عبقريا. وأردت كثيرا لعب شخصية «برانش ريكي».

* على حد علمي برايان هلغلاند لم يكن يبحث عن ممثل معروف للدور..

- تماما. لم يكن يريد نجما، وهذا تفكير صحيح. أراد ممثلا مشخصا (Charactor Actor). لاحقته لفترة طويلة بلا نجاح. ثم أعتقد أنه أدرك مدى شغفي بالشخصية. جلسنا معا وتحدثنا واكتشفت أننا نتحدث اللغة نفسها. لدينا الأفكار نفسها عن الشخصية وعن الفيلم، ونتشارك في إدراك قيم تلك الشخصية وقوة الأفكار الكامنة في هذا الفيلم. أخبرته أنني أريد أن أكون في هذا الفيلم. برايان اتخذ قراره بمنحي بطولة هذا الفيلم بناء على تلك الجلسة.

* أما زلت تحب مهنة التمثيل كما أحببتها حين كنت شابا؟

- لدي الشعور ذاته نحو التمثيل. الحب نفسه. أقوم بالتمثيل اليوم للغاية نفسها التي من أجلها أقدمت على التمثيل حين بدأت العمل في هذه المهنة. أحب أن أكون بين صانعي الأفلام.. واحدا من بين المجموعة التي تشترك في صنع الفيلم. أحب أن أشترك في حل المسائل التي تعترض العمل وقت التصوير. إلى ذلك، التمثيل هو مهنتي التي أعتاش منها. تضع الطعام على طاولتي. لذلك فإن طموحي هو الاستمرار في هذه المهنة وأن أبقى دائما عنصرا مفيدا فيها.

* التقينا أول مرة في مهرجان فينيسيا في أواخر الثمانينات. كنا جميعا أكثر شبابا من اليوم. بالنسبة إليك كنت مندفعا بطريق النجاح..

- هل تذكر أي فيلم التقينا بسببه؟

* نعم. واحد من أفضل أفلامك لليوم «بلايد رانر».

- أحيانا أنظر من زاوية السن الذي يتقدم، وكما قلت بنا جميعا. لكن ما الفائدة؟ حين أنظر إلى أعمالي السابقة أشعر بأني أحسنت انتقاء مهنتي وأنني كنت محظوظا إذ حالفني النجاح الكبير حتى هذا الحين. وأنا أقدر الأفلام الجيدة التي اعترضت طريقي.

* ما هو الفيلم الجيد بالنسبة لك؟

- بوصفي ممثلا أسهم في سرد القصة. أنا أروي قصة من خلال الشخصية التي أقدمها، وهذا واحد من أسرار انجذابي للعمل في التمثيل. لذلك فإن الفيلم الجيد عندي هو الفيلم الذي ينجح في سرد حكايته للجمهور، ويجعلهم متوغلين فيما يقع على الشاشة، ليس فقط متابعين كحال الكثير من الأفلام. على الفيلم أن يشد جمهوره إلى داخله.