عربات «الريكشو» تنافس سيارات الأجرة السوداء في شوارع لندن الضيقة

العرب زبائنها المفضلون ويدفعون بسخاء.. ويستمعون للأغاني العربية

الريكشو تزاحم سيارات الأجرة السوداء
TT

تنتشر عربات الريكشو كوسيلة مواصلات في تايلاند والهند ودول جنوب شرق آسيا الأخرى وبعض دول العالم الثالث، وكذلك شبيهتها التوك توك في عدد من الدول العربية مثل مصر والسودان وقطاع غزة، وعلى نطاق ضيق في أميركا الجنوبية. وبتنوع المناطق يختلف اسمه وشكله ولونه وطبيعة دوره وحتى الوقود المستخدم.

التوك توك اشتهرت أكثر في شبه القارة الهندية، كعربة صغيرة من أصل صيني ذات ثلاثة إطارات، وبها مقعدان، الأول أمامي يجلس عليه السائق وآخر خلفي يتسع لشخصين، ومغطاة بغطاء بلاستيكي يحجب أشعة الشمس.

ويستخدم التوك توك لنقل الركاب داخل المدن الصغيرة كبديل للتاكسي، واستطاع في فترة وجيزة أن يفرض نفسه كوسيلة نقل أساسية في ظل حالة التكدس والازدحام الكثيف للشوارع، وأصبح بحجمه الصغير يشبه لعبة (القط والفار) في المراوغة بين السيارات الكبيرة وكذلك في حالة المطاردة بين سائقي التوك توك وبين رجال الشرطة.

لكن الريكشو بشكلها التقليدي، خصوصا في الهند، تعتبر وما زالت وسيلة مواصلات ورزق أساسية.

وخلافا للمعتاد في التاكسي من منع الركاب من تناول الطعام والشراب في السيارة، يباع في الريكشو الباريسي مأكولات خفيفة ومشروبات ساخنة، ولكن الزبون ليس مجبرا على شراء أي منها. وإذا كان الركوب بالمجان والركاب ليسوا مجبرين على شراء أي مأكولات فكيف سيحقق المشروع أرباحا؟ تكمن الإجابة حسب سائح فرنسي رفض ذكر اسمه في بيع مساحات إعلانية على جانبي الريكشو، وقد تلقى بالفعل عروضا من شركات راقتها فكرة المشروع وكون العربات مجانية.

أصبح أمام سكان وضيوف العاصمة الفرنسية باريس وسيلة جديدة ومجانية للتنقل والتنزه أيضا، وهي عربات الريكشو، وهي العربات ذات الثلاث عجلات الشبيهة بالدراجات البخارية، وذلك في مشروع جديد يمتلكه خير مازري الذي يتحدر من أسرة مهاجرة، بأربع وعشرين عربة تجوب شوارع باريس، وتمر على نحو 150 محطة، متتبعة نفس خطوط سير الحافلات التقليدية، لكنها مجانية تماما، وتتسع العربة للسائق وراكبين في المقعد الخلفي العريض بحد أقصى، وتبدو كوسيلة جميلة للتنزه والاستراحة من انتظار الحافلات.

لكنها وفي السنوات الأخيرة، انتشرت في شوارع لندن الريكشو الهوائية ذات الثلاث عجلات، وهي تعمل بالطاقة البشرية فقط، وتعتبر رياضة ومصدر رزق لصاحبها.. وتعتبر صديقة للبيئة لأنها تعمل فقط بقوة الدفع البشرية وليست بالنفط.

ويستخدم السياح في لندن الريكشو للاستمتاع والتغيير كظاهرة جديدة عليهم وليست وسيلة مواصلات رخيصة وسريعة، لأنها عكس ذلك غالية وبطيئة مقارنة مع المواصلات العامة في عاصمة الضباب.

وكان عمدة لندن بورس يلسون قد شجع في هذا الاتجاه بتوفير عجلات هوائية في معظم مناطق وسط لندن للاستعمال اليومي للمواطنين والسياح وأيضا تم تخطيط الطرق للدرجات في شوارع لندن التي لا تتسع حتى للسيارات. وأصبحت الدراجات الهوائية للجميع حتى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يستخدمها وبعض أعضاء حكومته كما تعتبر وسيلة مواصلات أساسية لبعض الموظفين لتكلفة النقل في لندن التي تعتبر أغلى عاصمة في تكلفة تذكرة الموصلات العامة من باصات وقطارات ومترو أنفاق.

وقال أندرو فوندسكي وهو طالب من بولندا حضر إلى لندن للدراسة في إحدى جامعات بريطانيا، ولكن تكلفة الدراسة جعلته يبحث عن عمل لتوفير مصاريفها، أضاف أندرو: «وجدت في تلك الوظيفة عائدا ماديا كبيرا»، وقال، إنه خلال فترة وجيزة تحصل على مبلغ من المال قد يساعده في تكملة دراسته الجامعية وتحقيق حلمه بالدراسة في بريطانيا.

أما خفير خسوس وهو من إسبانيا قال، إنه يعمل في تلك المهنة لظروفه الاقتصادية خاصة في وطنه إسبانيا بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت بعض دول الاتحاد الأوروبي، بأنه لم يجد وظيفة في إسبانيا لتوفير حتى لقمة العيش له لأولاده. ووصف خسوس تلك المهنة بأنها متعبة خاصة في الشتاء وأثناء البرد الشديد ولكنه أضاف: أنه سعيد لكونه يحصل على عائد مادي أفضل من لا شيء.

ويقول جيكب. ج، وهو لاجئ من أفريقيا عمره 32 عاما، إنه يعمل في تلك المهنة منذ عامين، وأضاف: أنه يكسب من عمله في حدود 2000 جنيه إسترليني خلال شهر، ولكن حسب كلامه هذا في فصل الصيف والربيع أي حين يكون الجو جميلا ومشمسا، أما في الشتاء والبرد فإن الزبائن يحبذون التاكسي أو البص، حسب قوله.

وذكر جيكب أن العرب هم أحسن وأفضل زبائنه يدفعون أكثر من السياح الآخرين، وقال، إنهم يحبون الاستماع للأغاني العربية، وأضاف: أنه يطرب لتلك الأغاني، ولكن لا يفهمها، وقال، إن تعامله مع العرب أجبره على الاستماع لها، وقال، معظمهم يحضر تلك الأشرطة الغنائية معه.

وعن خطورتها، قال جيكب، إنه لا يغامر بأرواح الناس ويقود الريكشو بأمان وحذر من الباصات والتاكسي التي عادة ما تضايقه في الشارع.

وقال جيكب، إنه قد أجر الريكشو من شركة خاصة بسعر 40 جنيها إسترلينيا في اليوم، وأضاف أن سعر المشوار من أول شارع أوكسفورد إستريد حتى أوسفورد سركيس بـ10 جنيهات إسترلينية وأحيانا يجد مبلغا كبيرا من بعض الزبائن وخصوصا العرب حسب قوله.

أما صاحب التاكسي جارليس رسوول قال: «إن هذه الدراجة خطرة على راكبيها في حالة حدوث حوادث، والغريب في الأمر أنها تعمل من غير تأمين، أضف إلى ذلك الزحام الذي تسببه في الشوارع وعرقلة للحركة نتيجة لبطئها، وفي غالب الأحيان يحاول سائقوها الذهاب في وسط الطريق».

وطالب جارليس بمنعها من الحركة وسط لندن، وأضاف: أنه لا يخاف أن تأخذ الريكشو زبائنه، وقال، إن زبائنه من نوع خاص لا يجازفون بحياتهم من أجل توفير المال.

ومن جهته يقول جوزيف إستود سائق باص، إن الريكشو تعرقل حركة المواصلات وأحيانا تسبب ربكة في الشوارع لسوء استعمال أصحابها للطريق، والسباق للحصول على الزبائن، وأضاف، أنه من الأفضل إيقافها تماما خاصة وسط لندن وشارع إكسفور إستريد على الخصوص.

ومن الناحية القانونية، قال جون كليف من بلدية ويست منستر وسط لندن: إن «القانون لم يمنع أحدا من قيادة دراجة هوائية أو نارية في شوارع لندن أيا كان شكلها إذ لم تتسبب في مشكلة قانونية تخالف لحركة المرور»، وأضاف، أن ظاهرة الريكشو في لندن بدأت في الازدياد، ولكنها أيضا تعتبر نوعا من السياحة بعض السياح يحبون هذا النوع الغريب عليهم، ولكن إذا تطور الأمر وأصبحت الريكشو تسبب عرقلة في حركة المرور وإشكالية سوف يتم النظر في ذلك من طرف السلطات الخاصة بالمرور أو البلديات.