عبد الهادي التازي يدعو المشرق العربي إلى اعتماد الأرقام العربية عوض «الهندية»

في محاضرة ألقاها بالقاهرة حول «المصطلح بين المغرب والمشرق ثقافيا وعلميا ولغويا»

عميد مجمع اللغة العربية بالقاهرة (الثاني من اليسار) يقول إن الإمام أبو بكر بن العربي أول من انتبه للفروقات الثقافية بين المشرق والمغرب
TT

دعا الدكتور عبد الهادي التازي عميد أعضاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة وعضو أكاديمية المملكة المغربية، المشرق العربي إلى اعتماد الأرقام العربية كما هي معروفة عالميا عوض الأرقام الهندية المستخدمة في عدد محدود من البلدان في هذه المنطقة، ومنها مصر.

وقال التازي، وهو سفير مغربي سابق لدى العراق وإيران وليبيا، في محاضرة ألقاها مؤخرا بالقاهرة حول «المصطلح بين المغرب والمشرق ثقافيا وعلميا ولغويا» ضمن ندوات المؤتمر الـ79 للمجمع إن الموسوعات العالمية تشير إلى الأرقام (0، 1، 2) باعتبارها أرقاما عربية، فيما يعتبرها بعض المشارقة خطأ أرقاما «إفرنجية». وفند التازي بعض الكتابات التي تشير إلى انتشار هذه الأرقام في بلاد المغرب الإسلامي عقب الاستعمار بالخصوص، مستدلا بوثيقة للرياضي المغربي ابن ياسمين المراكشي تعود للقرن 12 الميلادي، تضمنت أرقاما عربية مرسومة بالصيغة المستخدمة حاليا في مختلف أنحاء العالم.

ودعا التازي مجمع اللغة العربية بدوره إلى اعتماد الأرقام العربية كما هي معروفة عالميا، وقال: «إن تجاهل مجمع اللغة العربية لما يجمع عليه الآن معظم البلدان العربية من الخليج إلى المحيط في وثائقها الإدارية قد يجعله (المجمع) معزولا عن الواقع».

وإضافة إلى الاختلاف في استخدام الأرقام، توقف المؤرخ التازي عند اختلافات أخرى بين المشرق والمغرب، ومنها ترتيب حروف الأبجدية، الذي يتعين أخذه بالاعتبار، خصوصا أن المشرق والمغرب معا عمدا إلى استخدام هذه الحروف في عملية التأريخ.

أوضح التازي أيضا أنه كانت للمفسرين المغاربة (تفسير القرآن الكريم) خصوصيات تميزهم عن نظرائهم في المشرق العربي، حيث «كانوا يستفيدون من محيطهم العلمي ليضيفوا للأفكار الشرقية ما تجدد لديهم من معلومات»، مشيرا في هذا السياق إلى اهتمام المغاربة بشكل خاص بـ«صحيح مسلم»، وتخصيصهم ميزانية كبيرة للكراسي العلمية التي تعنى به؛ نظرا للدقة التي يتميز بها مقارنة بـ«صحيح الإمام البخاري».

وعلى المستوى اللغوي، أشار عميد المجمعيين العربإلى أن تدوين المغاربة لرحلاتهم وتاريخهم تضمن كلمات ومصطلحات استعصى على المشارقة فهمها، أو أخطأوا فهمها في أحيان كثيرة. وسجل التازي في مستهل محاضرته أن أول من انتبه للفروق الثقافية بين المشرق والمغرب كان الإمام أبا بكر بن العربي الذي أرسله السلطان المغربي يوسف بن تاشفين سفيرا إلى بغداد (الخلافة العباسية) في محاولة لتوحيد جناحي البلاد الإسلامية.

وقال إن ابن خلدون استند إلى ملاحظات أبي بكر بن العربي حول الفروق في طرق التعليم؛ ليبين صواب منهج المغاربة في تعليم أبنائهم. وشهدت الندوة إلقاء عرضين آخرين، أولهما حول مشروع إحداث شهادة دولية في اللغة العربية للباحث السوداني حسن بشير صديق، وثانيهما عن «التصحيف والتحريف في المعاجم العربية» للخبير المصري بالمجمع رجب عبد الجواد. وجاءت الندوة ضمن الجلسات المفتوحة للدورة الـ79 لمؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة التي أنهت أعمالها الاثنين الماضي. وتمحورت أشغال الدورة الجديدة لمجمع اللغة العربية بالقاهرة حول «قضايا اللغة العربية المعاصرة»، حيث تعقد ندوات مفتوحة حول عدد من المواضيع ذات الصلة، إضافة إلى اجتماعات اللجان المتخصصة.