سارة مونتييل.. مارلين مونرو ذات الشعر الأسود

وفاة أول إسبانية تغزو هوليوود في الخمسينات والستينات من القرن الماضي

سارة مونتييل كانت أول ممثلة إسبانية تعمل في الولايات المتحدة قبل 60 عاما من ظهور أسماء لامعة مثل بينيلوبي كروز
TT

العمل في هوليوود حلم يراود الآلاف من الممثلين والممثلات في شتى أنحاء العالم. ومع ذلك، قد يصبح هذا الحلم حقيقة لدى نجمة ما دون توقع منها أحيانا، ولعل هذا ما حدث مع سارة مونتييل (1928 - 2013)، الممثلة الإسبانية الشهيرة خلال فترة الخمسينات والستينات في الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك فترة التسعينات في إسبانيا.

لقد كانت أول ممثلة إسبانية تعمل في الولايات المتحدة الأميركية قبل 60 عاما من ظهور أسماء لامعة مثل بينيلوبي كروز أو خافيير بارديم، واشتركت في التمثيل مع نجوم عالميين مثل غاري كوبر، وبيرت لانكستر، وجين فونتين. وقد أدت أعمالها دون أدنى معرفة باللغة الإنجليزية.

كانت سارة مونتييل مجرد امرأة شابة استمع مخرج إسباني ذات مرة إلى غنائها لإحدى الأغاني المقدسة خلال تجولها بالشارع في أسبوع عيد الفصح؛ فقد كانت لا تعرف الكتابة أو القراءة، وكان ما يميز مونتييل هو وجهها الجميل وصوتها الفريد من نوعه، وهما كفيلان بجعلها نجمة لامعة.

وبعدها بدأت سارة مونتييل تشارك في الأفلام الإسبانية، وقد لاحظ شخص آخر نجوميتها إلى أن قررت أن تعبر المحيط الأطلسي لتهبط لأول مرة في المكسيك عام 1950، وسرعان ما انتقلت إلى مدينة لوس أنجليس الأميركية عام 1952.

وحصلت على عقود عمل من قبل شركة «وارنر بروس» للإنتاج السينمائي، وقدمها عدد من المخرجين المشاهير آنذاك مثل أنطوني مان (مخرج فيلم «سيرينادا») وروبرت الدريتش (مخرج فيلم «فيرا كروز»).

وتتذكر مونتييل قائلة: «عندما كنت في نيويورك، سألني مان أين تقع إسبانيا، وأجبته: إنها تقع وراء هذا البحر مباشرة».

واعترفت سارة مونتييل بأنها لا تجيد التحدث باللغة الإنجليزية؛ لذا كان عليها حفظ كل أدوارها عبر تدوينها لفظيا باللغة الإسبانية من أجل التمثيل أمام تشارلز برونسون أو غاري كوبر، وهو ما يحدث على سبيل المثال، في عدد من أفلام رعاة البقر.

وسرعان ما أصبحت مونتييل قادرة على جعل السينما الأميركية تعشق أعمالها، فقد أطلق عليها النقاد لقب «مارلين مونرو ذات الشعر الأسود»؛ نظرا لجمال عينيها وأسلوبها في التحرك والتمثيل. وكان زواجها الأول من المخرج الأميركي أنطوني مان.

وفي هذه الأثناء، ظهرت العديد من الروايات حول مونتييل وعلاقاتها بنجوم هوليوود، مثل جيمس دين وفرانك سيناترا. واستنادا إلى صداقتها مع الممثل جيمس دين فقد قيل إنها كانت على وشك السفر معه في سيارته قبل حادث السيارة الذي أدى لوفاته. وفي الواقع، أخذت الصورة الفوتوغرافية الأخيرة لدين وهو على قيد الحياة بجوار سارة مونتييل، وقد استخدمتها بعض الصحف لتعلن وفاة محبوب الجماهير الأميركية.

أما فيما يتعلق بفرانك سيناترا، فأشارت مونتييل إلى أنها التقت به في حديقة منزلها عندما كانت متزوجة من مان. وربما أدى تشابه مونتييل مع الممثلة الأميركية آفا غاردنر إلى فتح باب الشائعات حول وقوع سيناترا في حبها من أول نظرة. ولم تؤكد مونتييل أيا من هذه الشائعات على الإطلاق.

أدركت مونتييل بعد مدة أن عالم هوليوود لم يكن عالمها الذي يستهويها، فقد افتقدت وطنها وعائلتها. واشتاقت إلى السير في شوارع مدريد والتحدث باللغة الإسبانية. وتركت هوليوود بعد مرور عامين، وبدأت العمل في إسبانيا، حيث وصلت إلى أوج مسيرتها المهنية.

وقامت مونتييل بتصوير فيلم «آخر زوجين»، الذي حقق أعلى إيرادات على وجه الإطلاق في تاريخ السينما الإسبانية. ووصل هذا الفيلم إلى دور السينما في إسبانيا، وكذلك أوروبا وأميركا الجنوبية.

وبدأت مونتييل بعد ذلك بطولة سلسلة من أعمال الدراما الموسيقية. وحددت أجرها «مليون دولار للفيلم الواحد»، على حسب ما ذكرته في بعض المقابلات التي أجريت معها، أضف إلى ذلك حريتها في اختيار الأغاني التي تؤديها والأزياء التي سترتديها. واستطاعت أن تفرض ميعادا زمنيا لبدء عملها؛ حيث تقول: «رفضت مسألة الاستيقاظ مبكرا كليا، لقد كان علي أن أستيقظ في الخامسة والنصف أو السادسة عندما كنت في المكسيك والولايات المتحدة الأميركية، وهذا لن يتكرر أبدا مرة أخرى».

لقد ساعدها نجاحها في الحفاظ على شعبيتها وعلاقاتها مع النجوم والشخصيات العالمية، فقد قيل إن الكاتب الأميركي إرنست همنغواي علمها كيف تدخن سيجار هافانا حينما كانت توضح له أجمل الأماكن السياحية في إسبانيا. واكتسبت مونتييل الشهرة بسبب أفلامها وطريقتها في الغناء. وتخلت عن التمثيل عام 1974؛ حيث ركزت على الغناء في ظل رفضها الطريقة الجديدة لصنع الأفلام خلال فترة السبعينات، التي وصفتها «بفترة التعري».

ارتبطت شعبية مونتييل أكثر بحياتها المهنية الموسيقية حتى وفاتها، فكانت مسؤولة عن تنفيذ إعلان حول حفل توزيع جوائز «إم تي في» للموسيقى الأوروبية عام 2002. ويبدو في الإعلان كما لو أن مونتييل تلقت دعوة لحضور الحفل وفعالياته، ثم تبدأ بالبحث عن الزي المناسب لمثل هذا الحدث. لقد كانت كلمتها الفريدة التي ترددها كثيرا «شيء رائع». وأصبحت الكلمة متداولة للغاية في إسبانيا في الحقيقة.

وتوفيت مونتييل عن عمر يناهز 85 عاما الأسبوع الماضي؛ حيث كان لا يزال أثر الماكياج على وجهها؛ إذ إنها كانت تمارس عملها حتى وقتنا الحالي. وفاجأت مونتييل الجميع، عندما كان عمرها 81 عاما، بسجل حافل من موسيقى التكنو. وكانت تؤدي عروضها الموسيقية الأخيرة قبل بضعة أشهر برفقة عازف بيانو فقط. وبسبب غرورها أمرت بعدم إظهار جسدها أثناء جنازتها حتى لو كان الأمر يتعلق بتكريمها كأفضل ممثلة إسبانية في القرن الماضي.