فنان مصري يتحدى الإعاقة ويحصد برسوماته الجوائز

رضا فضل صنع بنفسه ظروف نجاحه متحديا الإعاقة

الفنان رضا فضل مع أحد أعماله («الشرق الأوسط»)
TT

«كثيرا ما يلوم الناس ظروفهم لما هم فيه، أنا لا أؤمن بالظروف، النجاح في الحياة يتحقق لمن يسعى للبحث عن الظروف التي يريدها، وإن لم يجدها يصنعها بنفسه»، مقولة لبرنارد شو عن التحدي، وهي نفسها لسان حال الفنان المصري الشاب رضا أحمد فضل، الذي صنع بنفسه ظروف نجاحه متحديا إعاقة في أطرافه، حيث اتجه إلى الرسم كهواية ثم احتراف.

رضا (32 عاما)، فاقد للكفين والساعد الأيمن، وعلى الرغم من ذلك لم يستسلم إلى لقب «ذوي الاحتياجات الخاصة»، ليبدأ منذ الصغر رحلة فنية وقودها الموهبة ومحركها الإرادة، تتوج حاليا بحصده لعدد من الجوائز الفنية، إلى جانب عمله معيدا جامعيا في تخصص التربية الفنية، مواصلا رحلته الفنية والأكاديمية التي لا تتوقف على حدود بعينها، فلا يقتصر طموح «ابن الريف» المصري على حدود بلاده، حيث يتمنى الوصول بفنه إلى العالمية.

وعن رحلة التحدي، يقول: «علمتني شقيقتي كيف أمسك بالقلم وعمري 5 سنوات، وعندما التحقت بالمرحلة الابتدائية كنت أتنافس مع زملائي الأسوياء على من يكتب جملة أو يرسم لوحة بشكل أفضل، كنت أجد متعة في دخول تحدٍ معهم لأثبت نفسي، كنت أحاول النظر للشيء وأرسمه، وفي هذه المرحلة كنت أحاول رسم شخصيات الأفلام الكارتونية».

ويتابع: «لأنني أنتمي إلى قرية ريفية بمحافظة كفر الشيخ (شمال مصر)، كان صعبا أن يهتم أحد بالموهبة، فلا أحد يستوعب وجود فكرة معاق يرسم، ومع وصولي للمرحلة الإعدادية انتبه أحد مشرفي مركز شباب القرية لموهبتي فبدأ يشجعني، وكنت وقتها أرسم بالقلم الرصاص، ثم مع وصولي إلى المرحلة الثانوية أحضرت ألوان ماء وبدأت أتعلم الرسم بالفرشاة».

مع اقتناع رضا بموهبته التي حباه الله بها رغم استغراب من حوله بما ينتجه، بدأ في التقدم لمسابقات تنظمها جهات حكومية للطلائع، وفي السنة النهائية الثانوية تقدم لمسابقة نال فيها المركز الأول على مستوى مصر تحت عمر 18 عاما بعد أن نافس عشرات المواهب من الأسوياء.

عن المسابقة يقول: «كانت لجنة التحكيم برئاسة أشهر مخرجات الرسوم المتحركة في مصر والعالم العربي الدكتورة الراحلة منى أبو النصر، والتي عندما رأت أعمالي الفنية أعجبت بها وحثتني على تحويل مساري التعليمي من التعليم الأزهري إلى التعليم العام للالتحاق بكلية الفنون الجميلة لدراسة الرسوم المتحركة معها، ولكني وجدت صعوبة في ذلك، فنصحتني بأن أدرس التربية الفنية بجامعة الأزهر».

بالفعل استجاب رضا للنصيحة، وتقدم لاختبارات القدرات للالتحاق بالكلية، التي قبلته للدراسة، ليتخرج بعد 4 سنوات أول دفعته مع مرتبة الشرف. تخلل هذه السنوات حصوله على الكثير من الجوائز الفنية في مسابقات تنظمها جهات مختلفة حكومية وأهلية، والتي يتفوق فيها على الأسوياء وعلى أقرانه من ذوي الاحتياجات الخاصة.

عمل رضا بعد تخرجه مدرسا للتربية الفنية، وفي العام الماضي وفي أعقاب الثورة المصرية عين معيدا في كليته، بعد صدور قرار حكومي يخص تعيين أوائل الدفعات. يقول: «منذ يومي الأول وقت التحاقي بالكلية كان لدي نية لأن أكون أستاذا جامعيا في الرسم والتصوير، وهذا أملي، وحاليا أسعى لذلك فحاليا أنا في مرحلة الماجستير وسأنتهي منه قريبا، لأبدأ رحلتي نحو درجة الدكتوراه».

شارك رضا خلال السنوات القليلة الماضية في الكثير من المعارض الجماعية التي تجمع إبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، استطاع فيها أن يلفت نظر النقاد والجمهور لموهبته، كان آخرها «صالون الفن الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة» قبل أسابيع قليلة، والذي نال فيه المركز الأول عن عمله لوحة تعبر عن الثورة المصرية.

كما نال خلال السنوات الماضية شهادات تقدير وميداليات، منها شهادة تميز من منظمة اليونيسيف، وميدالية بيت العرب من جامعة الدول العربية، كما تم تكريمه من الكثير من الشخصيات منهم الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، والأمير الوليد بن طلال، والرئيس المصري السابق حسني مبارك وقرينته.

وعن أسلوبه الفني وما يفضل إيصاله للجمهور، يقول: «أفضل فن الغرافيك أو التحبير بالأبيض والأسود بقلم الرابيدو، حيث يعطي ميزة رسم الظل وهنا تكمن الصعوبة التي أحببتها، كما أنني أيضا أرسم بالزيت والأكريلك، ولا أخفي أن الدراسة الأكاديمية فتحت لي مجالات وأعطتني خلفية للتنوع الفني». موضحا أيضا أنه عمل في النحت بالطين الأسواني خلال الدراسة.

تتسع موهبة رضا الفنية لتشمل أيضا فن الكاريكاتير، يقول: «كان هناك مسابقة للكاريكاتير وأردت التقديم فيها، وعندما أخذت رأي فنان كاريكاتير شهير لم تعجبه الفكرة، لكني أصررت وأخذت الأمر كتحدٍ لأثبت له أنني أستطيع، وبالفعل دخلت مسابقات على مستوى الهواة والمحترفين في الكاريكاتير وحصلت على جوائز».

في رأي رضا أن ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر بينهم مواهب فنية ينتجون أعمالا فنية جيدة للغاية ينافسون بها الأسوياء، لكنها تظلم لعدم أخذ حقها في العرض، لذا فهو يأمل أن تتضمن معارض الفنانين الكبار أعمال بعض الفنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة كنوع من التبني الفني لهم.

ويكشف رضا عن أنه يستعد حاليا لأول معرض فني خاص به، لكن طموحه الفني لا يتوقف عند ذلك، فيقول: «لدي أهداف أخطوها خطوة خطوة، فأنا أتمنى أن أكون فنانا معروفا ولي بصمة في الحركة الفنية والتشكيلية خاصة أن الفن كل يوم فيه الجديد، كما أتمنى أن أقوم بإيصال إبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة إلى العالم، وأن تكون أعمالنا معروفة ومعروضة للجميع وغير مهمشة».