بدء محاكمة الفرنسي بائع حشوات الصدر الضارة في مرسيليا

أكثر من 5 آلاف امرأة تقدمن بدعاوى ضده بتهمة تعريض حياتهن للخطر

TT

كما هي العادة في القضايا الكبرى مثل محاكمات مجرمي النازية، أنفقت وزارة العدل الفرنسية 800 ألف يورو (أكثر من مليون دولار) على تحويل أرض واسعة للمعارض، تقترب مساحتها من 5 آلاف متر مربع، إلى صالة لأولى جلسات محاكمة جان كلود ماس (73 عاما)، أمس. والمتهم هو صاحب شركة فرنسية لإنتاج نوع من حشوات «السليكون» التي تستخدم في تجميل صدور النساء.

ومن بين 30 ألف امرأة من مختلف الجنسيات أجرين عمليات تجميلية باستخدام الحشوات الفرنسية الضارة، تقدمت 5250 امرأة بدعاوى قضائية ضد ماس بتهمة الغش في البضاعة وتعريض حياتهن للخطر. أما المتهم، فقد واصل طوال الفترة الماضية التزام موقف دفاعي والتصريح بأن معظم المدعيات ضده قد هرعن إلى القضاء طمعا في الحصول على تعويضات مالية.

تجري المحاكمة في مرسيليا (جنوب فرنسا)، ومن المقرر أن تستمر شهرا. وقد جلست نحو 200 من المدعيات الضحايا في الصفوف الأولى، مع العشرات من المحامين الذين حضروا للدفاع عنهن، بالإضافة إلى حشد من ممثلي وسائل الإعلام العالمية التي تابعت القضية طوال السنتين الماضيتين. وكانت الشركة التي يملكها المتهم قد باعت حشواتها المغشوشة في الكثير من دول العالم، ما بين أوروبا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط. ولقيت الحشوات الفرنسية المصنوعة في تولون، قرب مرسيليا، رواجا بسبب رخص ثمنها قياسا بغيرها. وقد تبين، أثناء التحقيق، أن صاحب الشركة كان يستخدم، بدل «السليكون» الطبي، مادة هلامية مشابهة يصنعها في معامله، لتعبئتها في أكياس الحشوات التي يصدرها للبيع تحت علامة تجارية هي «P.I.P».

عانت آلاف النساء اللاتي زرعت في صدورهن تلك الحشوات، تسرب مادة السليكون الهلامية من أكياسها واختلاطها بخلايا الجسم. وتسبب ذلك في التهابات داخلية للكثير منهن، كما ظهرت لدى عدد قليل منهن إصابات بسرطان الثدي وفقدت امرأة واحدة حياتها بسببه. لكن السلطات الصحية لم تتمكن من إثبات العلاقة بين الحشوات والإصابة بالمرض الخبيث. مع هذا، كان لا بد من إخطار حاملات الحشوات بالأمر ودعوتهن لإجراء عمليات إضافية لنزعها من صدورهن، من باب العلاج أو الوقاية. وفي ما يخص فرنسا، فقد تكفلت دائرة الضمان الصحي بمصاريف عمليات إزالة أكياس «السليكون»، لكنها لم تتكفل بنفقات عمليات التجميل اللازمة لتصحيح الخطأ.

في ربيع 2010، صدر أمر قضائي بوقف أعمال الشركة التي يملكها المتهم، وذلك بعد أن واصل العمل طيلة 10 سنوات، في حشو عبواته بمادة صناعية غير مرخصة والتحايل على الرقابة الصحية. وصدر الأمر بعد تقرير مفصل للهيئة الفرنسية للمنتجات الطبية. كما أحيل ماس و4 من مساعديه إلى المحاكمة بعدة تهم، بينها تعريض حياة الآخرين للخطر والتلاعب المالي. لكن المدعيات لا يأملن الحصول على تعويضات مجزية، لأن المتهم كان قد أشهر إفلاسه وأغلق معمله منذ اندلاع القضية.