«وجدة» يفوز مرة أخرى والكعكة الكبيرة توزعت بين ثلاث دول

يوميات مهرجان الخليج السينمائي ـ 8

هيفاء المنصور تتسلم جائزتها من الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم
TT

انتهت الدورة السادسة من مهرجان الخليج السينمائي الدولي بحفلة جوائز حاشدة يوم أول من أمس، وتميـزت، لجانب كل ذلك الحشد من السينمائيين والمتابعين، بقيام السعودية والإمارات والعراق بتقاسم معظم الجوائز الكبيرة، مما أثار ملاحظة البعض والتساؤل عن معايير لجنتي التحكيم، خصوصا بعدما فاز فيلم «وجدة» بجائزة أفضل فيلم روائي طويل.

بداهة، كل الدورات في كل المهرجانات التي تلتزم نظام المسابقات تنتهي بفائزين وخاسرين. لكن حين يكون المهرجان، تنظيما وإدارة وهدفا، من النوع الذي يـقام على أهداف محددة تتجاوز حدود الاحتفاء السينمائي العادي، فإن الفائز الأول هو المهرجان نفسه.

الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي، هي من هذا النوع من المهرجانات. نعم، كانت هناك أفلام أضعف من أن تقدم، لكن تقديمها كان ضروريا لمهرجان يسعى، من بين ما يسعى إليه، لكتابة تاريخ موثـق لسينما المنطقة، أحرفه من أفلام السينمائيين على مختلف مستوياتهم.

دورة عام 2013 لمهرجان الخليج السينمائي انتهت إذن، واستقبل السينمائيون المشاركون النتائج بترقـب واضح. يشعر المراقب بأن الجميع إنما يطمح إلى الفوز لتتويج مشواره مهما كان حديثا أو قصير العهد. يدرك أن اللهفة في الصدور هي بمثابة أمل ربما كان - أعتقد - يستطيع العيش من دونه، فالأهم هو تحقيق الفيلم، لكنه الآن بات يطلب لنفسه الصعود على المنصـة والإمساك بالجائزة التي يعتقد أنه يستحقها.

الجوائز كثيرة، لكنها أقل عددا بكثير من الطامحين إليها. والحفل الذي أقيم برعاية الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس «هيئة دبي للثقافة والفنون»، وبوجود رئيس المهرجان عبد الحميد جمعة ومديره مسعود أمر الله آل علي - كان سريع الوتيرة، حافلا بالأسماء ومثار ترقـب واسع.

في البداية، تم تقديم جائزة «أكاديمية نيويورك للأفلام - أبوظبي» التي ذهبت إلى مخرجتين شابـتين وواعدتين؛ هما: فاطمة البلوشي عن فيلم «كأنك نسيت»، وفاطمة عبد الله عن فيلم «ظابة». هذان الفيلمان اشتركا في مسابقة الطلبة القصيرة التي انتهت بفوز فيلم «لحظات» لإبراهيم ناجم الراسبي (الإمارات) بجائزة أفضل فيلم، وفوز «مجرد صورة» للسعودي نواف الحوشان بجائزة لجنة التحكيم الخاصـة. بينما ذهبت الثانية (تقع جائزة لجنة التحكيم بين الأولى والثانية في قيمتها المعنوية والمادية) لفيلم «نساء من طابوق» لعصام جعفر.

لكن اختيار فاطمة البلوشي وفاطمة عبد الله من قبل لجنة خاصة تنتمي إلى أكاديمية نيويورك للأفلام، هو فوز خاص بالفعل، لأنهما ستستطيعان الآن الانضمام إلى برنامج هذه المدرسة الأكاديمية للتدريب وتعلم كتابة السيناريو والإخراج، من بين العناصر الرئيسة الأخرى التي يتكون العمل السينمائي منها.

وإذا ما كانت جوائز الطلبة توزعت بين أفلام إماراتية وسعودية وعراقية، فإن ذلك بدا كما لو كان تمهيدا لحال الجوائز الأخرى كلها. فمسابقة الخليج للأفلام القصيرة انتهت بفوز فيلم «ميسي بغداد» لسهيم عمر خليفة وهو يحمل اسم العراق والإمارات. جائزة لجنة التحكيم الخاصة ذهبت إلى فيلم «سيلويت» (العراق)، والجائزة الثانية لفيلم «حرمة» المقدم باسم السعودية وفرنسا، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب المخرج السعودي بدر الحمود عن فيلم «سكراب». هذا ما دفع عددا من السينمائيين المختلفين للتساؤل حول ما إذا كانت كل الجوائز ذهبت إلى من يستحقـها أو أن أيا من الأفلام الأخرى المشتركة (قطرية، كويتية، بحرانية، عـمانية) لم تصل إلى المستوى المنشود.

في قسم الأفلام الخليجية الطويلة، نجد أن جائزة أفضل مخرج ذهبت إلى العراقي «بيكاس» لكرزان قادر، وذهبت الجائزة الثالثة لحيدر رشيد عن «مطر وشيك» (العراق والإمارات)، وحصد الفيلم ذاته جائزة لجنة التحكيم الخاصة. أما الجائزة الأولى، فكانت من نصيب «وجدة»، وهو انتصار مهرجاني آخر يحسب للمخرجة هيفاء المنصور.

تعليقا على الجوائز المعلنة، قال عبد الحميد جمعة، رئيس المهرجان: «مع كل عام، تزداد مهام لجان التحكيم في المهرجان صعوبة، حيث تتنامى جودة الأفلام المشاركة باطراد عاما بعد عام، والفنانون الذين كانوا يبدأون طريقهم في الدورة الأولى من مهرجان الخليج السينمائي، باتوا اليوم مخرجين لهم أساليبهم الخاصة وتجاربهم المتميزة. نوجه الشكر للجان التحكيم في المهرجان، كما نحيي صناع الأفلام في الخليج لإصرارهم على بناء صناعة سينمائية جديدة تتميز بالحيوية وتعكس حياة، وقيم، ورؤى شعوب منطقة الخليج».

عرض فيلم «وجدة» كان أثار التوقـعات بفوزه بالجائزة الأولى. فلقد سبق عرضه الإعلام الكبير الذي أحيط به، حيث نال جوائز في «فينيسيا»، وجائزة ذهبية في «مهرجان دبي»، كما عرف رواجا نقديا وتجاريا غربيا لافتا. الصحف الفرنسية، حيث يشهد هذا الفيلم عروضه الناجحة التي نتج عنها بيع 75 ألف تذكرة حتى الآن، أفردت صفحات للحديث عنه، علما بأنه لم يسبق لأي فيلم، سعودي أو خليجي، أن نال مثل هذا الاهتمام العالمي حتى الآن.