سخرية ودعاية انتخابية يقودها «فيس بوك» لأول مرة في العراق

مثقفون وإعلاميون يصوتون عبر الإنترنت قبل ورقة الاقتراع في الانتخابات البلدية

فنان موسيقي يروج لنفسه ناشرا صورته وهو يحمل آلة العود من أجل الفوز في الانتخابات البلدية («الشرق الأوسط»)
TT

لعل أبرز ما تميزت به الجولة القادمة لانتخابات مجالس المحافظات التي ستنطلق اليوم، السبت 20 أبريل (نيسان)، في عموم المدن العراقية، عدا محافظات الأنبار ونينوى وكركوك، هي دخول مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) على وجه خاص بقوة مشاركا مهما في الدعاية الانتخابية للكثير من المرشحين والقوائم وممارسة التسقيط الساخر والمتعصب لبعضهم الآخر، ولجوء مثقفين إلى الإعلان عن مرشحيهم مبكرا، والتصويت لهم أيضا عبر صفحاتهم الشخصية، ووجود آخرين نظموا الشعر لمدح خصال أسماء معينة.

وعلى الرغم من شيوع حالة عدم الرضا واليأس التي سادت الشارع العراقي من إمكانية التغيير نحو الأفضل في الانتخابات القادمة، وإعلان البعض مقاطعتهم لها، بسبب تكرار الوجوه ذاتها التي اعتادوا عليها ولم يحصدوا سوى المزيد من التراجع في الخدمات وارتفاع معدلات الفساد والإرهاب، فإن شبابا عراقيين وجدوا في بعض الملصقات والدعايات الانتخابية فسحة من السخرية والضحك والتندر عليها بسبب ما حملته من تعابير أو صور مضحكة تولى موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمر ترويجها والتندر عليها، وتولى البعض الآخر مهمة حث الناس للتغيير والمشاركة في الانتخابات بطرق جديدة لقلب الطاولة وتغيير الوجوه، بحسب تعبيرهم.

يقول الروائي والصحافي وارد بدر السالم، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «يحتدم الجدل بين العراقيين بشأن الانتخابات التي ستجرى اليوم السبت. وطبيعة الجدل بشكل عام هو سؤال مصيري: ننتخب من؟». ويواصل القول «الأحزاب الحاكمة صارت تشيع بين الناس أنه لا جدوى من المشاركة الفعلية في الانتخابات، فالقصة محسومة لأنصارهم ومرشحيهم، مما جعل شائعة تنتشر بين الجميع من أن الأحزاب الحاكمة ستفوز حتى لو بالتزوير!». وعاد ليقول «هذا ليس صحيحا مطلقا، ولا بد من التغيير»، مطالبا الجميع بالذهاب الإجباري إلى صناديق الاقتراع وشطب البطاقة الانتخابية وتمزيقها إن لم تكن ثمة قناعة بأي قائمة، الأمر الذي سيفسد على المزورين التلاعب.

ونصح بعدم انتخاب أسماء التسلسلات العشرة الأولى (من 1 إلى 10) من جميع القوائم، لأن هذه الأسماء في الغالب هم القيادات وأصحاب القرار الذين يتحكمون في الأمور أو من المقربين منهم. وهذا سيحدث تغييرا وسيقلب الطاولة على «أمراء» هذه القوائم. ولم ينس وارد أن يقدم لأصدقائه شرحا موجزا عن الشخص الذي سيختاره في يوم الاقتراع، معددا صفاته ومميزاته، الأمر الذي أيده فيه كثيرون.

أما الدكتور والشاعر حسين الدرويش فقد كتب يقول في صفحته على «فيس بوك»:

«قبيل الانتخابات، جاءت.. وقالت: ما العمل؟

تبغي الجواب.. على عَجَل! صوتي لمن أعطيه يوم الاقتراع بلا خَجَلْ؟..

إن الأمور تلابست - حقا - علي ولَم تَزَل فالكُلُّ أعلنَ أنّهُ سيكونُ للمُثلى مَثَلْ! حتى يكادُ كلامُهُ يُشفي المواجعَ والعِللْ مهلا.. أجبتُ عزيزتي السيفُ قد سبقَ العَذَلْ..

لا.. لن يغيّر حالنا ذاك المرشح.. ما فعل بلدي تصدر بالفسادِ الحر.. قائمة الدول! أفهل تَرَينَ كما أرى؟

حتى بصيصا مِن أمَلْ»! أما الروائي والكاتب محمد غازي الأخرس، والذي بدا محايدا طيلة الفترة الماضية، لحمى الدعايات التي غزت الـ«فيس بوك»، فإنه لم يتورع عن كتابة نص شعري ساخر يدعو فيه أصدقاءه لانتخاب أحد المرشحين الشباب وهو ينتمي بصلة قرابة عائلية له، يقول الأخرس «انتخبوا غنفوري.. أحسن من البوري.. انتخبوا هذا الشاب. جنه هوانه الهاب.. متواضع وحباب.. وخدوده كالجوري.. انتخبوا خال ابني.. أحبه ويحبني.. يخدمكم ويبني.. ويخدر بقوري!».

في حين طالبت الأكاديمية والإعلامية الدكتورة رغد السهيل جميع بنات جنسها بمقاطعة انتخاب الرجال، وانتخاب النساء فقط، لأنه كما تقول «جربنا الرجال في الدورات الماضية ولم ينفعونا، لكن وحدها المرأة التي قادت بيتها بنجاح قادرة على قيادة وتصحيح العملية السياسية في البلاد».

وحذر الكاتب سالم مشكور عبر صفحته الـ«فيس بوكية» الأصدقاء من مقاطعة الانتخابات كأسلوب للتعبير عن الامتعاض عن أداء المسؤولين، كونها ستأتي بأسماء معلبة وراءها جهات محددة ولها جمهور موجه. وأكد يقول «نحن المسؤولون عن الخلل لأننا لم نستطع انتخاب الكفء إلى مجالس المحافظات. والتصحيح هنا مسؤولية الناخب نفسه، ولا بد من المشاركة الكثيفة في الانتخابات، أما المقاطعة فهي ليست سوى معاقبة الوطن والناس، وليس المرشحين».