مهرجان كان يعلن قائمته الرسمية

هجمة أميركية تحيي علاقة الحب بين هوليوود وعيد السينما الفرنسي

«غاتسبي العظيم» يفتتح
TT

لدى رئيس لجنة تحكيم الدورة المقبلة من مهرجان كان السينمائي ستيفن سبيلبرغ الذي سيقام ما بين الخامس عشر والثاني والعشرين من الشهر المقبل، قبعتان، واحدة قبعة المخرج الجاد الذي قدم، من بين ما قدم في هذا المجال، «اللون قرمزي» و«ذكاء اصطناعي» و- حديثا - «لينكولن»، وقبعة المخرج المتوجه إلى الجمهور العريض بأفلام من نوع «جوز» و«إي تي: خارج الأرض» و«جوراسيك بارك» والكثير سواها.

السؤال هو أي قبعة سيرتدي المخرج حين يلعب دور رئيس لجنة التحكيم. الجواب السريع هو قبعة الفنان طبعا، وهو ليس جوابا خاطئا، لكن هل ذلك سيعني أنه لن يستجيب لدواعي الأعمال التي تستهويه، تلك التي تسير على نمط العمل الأميركي من حيث معالجة المواضيع وكيفية السرد والتواصل مع جمهور أكبر حجما؟

بصرف النظر عن كيف سيفكر وأي قبعة سيرتدي، سيجد سبيلبرغ أمامه خلال بضعة أفلام الأميركية متسابقة لكي يختار منها إذا شاء. فقائمة أفلام المسابقة الرسمية التي تحتوي على 19 فيلما (إلا إذا أضيف لها في الأيام المقبلة فيلم أو فيلمان) اختارت أربعة أعمال أميركية ولو أن الغالبية بقيت أوروبية قادمة من فرنسا مع حضور أفريقي وياباني وصيني وإيراني.

هناك الفيلم الجديد للأخوين جوول وإيثان كوون «داخل ليووين ديفيز» (بالأبيض والأسود) وفيلم جيمس غراي «المهاجر»، ثم فيلم ألكسندر باين «نبراسكا» وبعده فيلم ستيفن سودربيرغ «خلف كاندلابرا». كل هؤلاء سبق لهم وأن اشتركوا بمسابقة «كان» ويعرفون المهرجان قلبا وقالبا، ما لا يعرفونه هو ما سيكون عليه موقف مخرج لا يلتقي وأسلوب أي من هؤلاء ولم ينجز فيلما بعيدا عن الاستوديوهات الكبيرة والتمويل الجاهز على عكس هؤلاء في معظم ما قدموه إلى الآن.

طبعا التمهيد لكل ذلك هو فيلم الافتتاح الذي اختير ليكون «غاتسبي العظيم» للأسترالي باز لورمان. وإذ ليس بالإمكان التعرف على الفيلم إلا من خلال «التريلر» الموجودة على الإنترنت، فإن الناظر يتلقف فيلما يختلف تماما عن ذاك الذي أقدم عليه المخرج جاك كلايتون سنة 1974. كعادته سيقدم لورمان فيلما فاقع الألوان، لاهث الحركة وكبير الحجم. فيه يؤدي ليوناردو ديكابريو دور جاي غاتسبي، ليس كما كتبه الروائي ف. سكوت فيتزجرالد بالضرورة. في الواقع، لو أن فيتزجرالد استطاع من قبره مشاهدة ديكابريو لاعبا الدور لما تبين له، على الأرجح، أنه هو من كتب هذه الشخصية.

فيلم الأخوين كوون يختلف بطبيعة الحال. إنه التضاد الكامل لأسلوب اللهث والحركة واللون الاستعراضي بأسره. فيلمهما الجديد «داخل ليووين ديفيز» هو دراما عن مغن «فولك آند كانتري» في الستينات يقوده جستين تمبرلايك ويشترك فيه أيضا ف. موراي إبراهم وكاري موليغن كما جون غودمان. أما فيلم ألكسندر باين فهو دراما عن علاقة أب وابن يشتركان في رحلة طريق طويلة من مونتانا إلى نبراسكا. الأب هو الممثل المخضرم بروس ديرن والابن هو ول فورتي ومعهما ستاسي كيتش مثل ديرن هو من وجوه الأمس لجانب مجموعة حديثة العهد منها ميسي دوتي وميليندا سيمونسن.

أما فيلم جيمس غراي «المهاجر» (وكان اسمه «حياة وضيعة» حين كان لا يزال في التصوير) فهو من بطولة ممثله المفضل واكين فينكس لجانب جيريمي رنر والفرنسية ماريون كوتيار.

كل هؤلاء رغبوا في دخول المسابقة باستثناء ستيفن سودربيرغ الذي رغب في أن لا يدخل فيلمه «خلاف كاندلابرا» (وهو من بطولة مات دامون وروب لاو ودان أكرويد ومايكل دوغلاس مع عودة لنجمة الأمس دبي رينولدز) المسابقة. لكن تييري فريمو، مدير عام المهرجان، ألح عليه الاشتراك في المسابقة وكان له ما أراد ولو بعد حين.

والحقيقة أن الحضور الأميركي شديد هذا العام. العلاقة الخاصة التي تربط «كان» بهوليوود والتي على تفاوت مستوى مراحلها، كانت دائما قوية، تتجلى هذه السنة ليس فقط عبر هذه الأفلام الرئيسية المتسابقة، بل من خلال اختيار فيلم الافتتاح (وهو تمويل أميركي في الأساس) وفيلم افتتاح قسم «نظرة ما» الذي اختير ليكون الفيلم الجديد للمخرجة صوفيا كوبولا وعنوانه «الخاتم المتوهج» مع غالبية نسائية من الممثلين تشمل إيما واتسون ولسلي مان وكاتي تشانغ وتايزا فارميغا وكليتر جوليان من بين أخريات.

هذا بدوره يعني أن صحافة النجوم ستكون مشغولة جدا هذه المرة وهي تركض ما بين تصوير الممثلين والمخرجين وباقي المشاهير ما بين «بساط كان السحري» وغرفة المؤتمرات الصحافية أو أمام الفنادق الرئيسية.

إزاء ذلك يتبلور أمامنا سؤال آخر: هل ما زال هناك مجال مواز أمام الأفلام غير الأميركية؟ نقصد، ماذا عن السينما القادمة من أوروبا ومن بعض أطراف العالم والتي، افتراضا على الأقل، تبقى التعريف المعتاد لما هو فيلم «جاد» و «ذاتي» و «مؤلف»؟

* فيلم إنساني وآخر عاطفي

* في تاريخه حافظ مهرجان كان على توازن بين السينما الأميركية وسواها، وساعده على ذلك حقيقة أنه ثابر على استقبال الأفلام التي تنتمي إلى ما هو مستقل (ولو إلى حد) من الإنتاجات الأميركية. هذا يساعد على تحقيق ذلك التوازن من حيث التقائه بحقيقة أن معظم ما هو وارد من الإنتاجات الأوروبية ثقافي محض ولو أن الإعلام قد لا يعاملها على نحو متساو معاملته للأفلام الأميركية.

لدينا هذا العام بضعة أعمال تستحق الإشارة من خارج هوليوود من بينها فيلم المخرج الفرنسي رومان بولانسكي «فينوس في الفراء» وهو ثاني اقتباس مسرحي له من بعد «أشلاء» الذي قدمه قبل عامين في مهرجان برلين. البطولة لإيمانويل سينجر وماتيو أمالاريك. لبولانسكي أيضا فيلم جديد آخر هو «ويك - إند لبطل» وهذا فيلم تسجيلي حول سباق سيارات سيعرضه المهرجان في مناسبة خاصة.

من الدنمارك هناك نيكولاس وندينغ رفن الذي سبق وقدم بضعة أفلام بالإنجليزية من بينها «برونسون» و«فالهالا رايزينغ» ثم «مروج»Pusher و«درايف». فيلمه هنا هو «الله وحده يغفر» (يبدو قريبا من عنوان فيلم من نوعية الـ«سباغتي وسترن» لجيسيبي كوليتزي عنوانه «الله يغفر لكني لا أفعل» سنة 1967. بطولة هذا الفيلم هي لرايان غوزلينغ الذي قاد بطولة «درايف» أيضا.

إلى ما سبق هناك الفيلم الجديد للإيراني أصغر فرهادي الذي كان انطلق قبل سنتين من برلين حين حاز الذهبية عن فيلمه «انفصال» قبل أن ينال فيلمه ذاك أوسكار أفضل فيلم أجنبي في العام التالي. هنا يقدم جديدا بعنوان «الماضي» وصف بأنه فيلم رومانسي فرنسي الحكاية يقوده كل من طاهر رحين وبرنيسيو بيجو.

كان يخطف مخرجين سبق لهم أن اشتركوا في برلين كما يتبدى في حال فرهادي هذه السنة، والمهرجانات الأخرى تستقبل مخرجين سبق لهم وأن اشتركوا في «كان» وأرادوا التنويع (بولانسكي وسودربيرغ وكوون وآخرون كثيرون). لكن هذا العام، ومن بين الأفلام 19 التي تنطلق لعروضها في «كان» ضمن المسابقة هذا العام هناك 13 مخرجا سبق لهم أن تسابقوا في هذا المهرجان بينهم الفرنسي فرنسوا أوزون العائد هنا بفيلم «جون وجولي» والإيطالي باولو سورنتينو العائد بفيلمه الجديد «الجمال الرائع» كما المخرج التشادي محمد صالح هارون الذي يعد بفيلم إنساني الحاشية عنوانه Grigris ويدور حول شاب يعاني من ساق مشلولة لكنه يطمح جادا لكي يصبح راقصا.

المخرج الفرنسي عبد اللطيف كشيش يوفر للمسابقة فيلمه الجديد «الأزرق هو اللون الأدفأ» والياباني ماييك تاكاشي يعرض حقبة تاريخية اعتادها في أفلامه الأخيرة عنوانها «درع من القش». أما الصيني جيا زانكجي فلديه دراما بعنوان «لمسة خطيئة».

خارج المسابقة الفيلم الجديد للمخرج الأميركي ج. س. شاندور وهو أيضا من مواليد مهرجان برلين إذ كان عرض فيه قبل ثلاثة أعوام «نداء هامشي». الآن يقدم «كل شيء ضاع» مع روبرت ردفورد في البطولة.

* عودة هاني أبو أسعد

* مشوار المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد كان أطول قليلا مما طمح إليه. لفت الأنظار بشدة حين عرض «الجنة الآن» في مهرجان برلين ودخل به مسابقة الأوسكار سنة 2006 ثم غاب بضع سنوات عن الأنظار إلى أن عاد سنة 2011 بفيلم تركي الإنتاج هو «لا تسامحيني يا إسطنبول»، وبعده أخرج «حامل الرسائل»، فيلم بوليسي أميركي جيد ضمن منواله، لكنه عادي بأي معيار آخر توجه إلى أقرب محلات أسطوانات الأفلام من دون عروض سينمائية تذكر. بفيلمه الجديد «عمر» داخل تظاهرة «نظرة ما» الرئيسة سنجده عاد إلى الظهور في مثل هذه المحافل الفنية بفيلم عنوانه «عمر». والحكم على النتائج.