عرفان خان.. نموذج لنجوم بوليوود الطامحين للعالمية

رشح للأوسكار مرتين في الأعوام الـ5 الماضية

TT

يسعى الكثير من نجوم السينما حول العالم الى إثبات قدراتهم في هوليوود، ونجوم بوليوود من بين هؤلاء. وقلائل هم الذين استطاعوا ان يتركوا بصمة على هوليوود.

وقد أضاف عرفان خان، أحد الممثلين الهنود القلائل الذين تمكنوا من ترسيخ أقدامهم في هوليوود، الذي رشح لنيل جائزة الأوسكار مرتين الأعوام الخمسة الماضية عن أفلام «المليونير المتشرد» و«حياة باي»، إنجازا جديدا بفوزه بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «بان سنع تومار»، الذي يتناول قصة عداء الموانع الذي تألم لإهمال الحكومة لقريته الفقيرة وتحول إلى قاطع طريق.

بدأ عرفان، الذي أسقط اسم خان من اسمه، رحلته في عالم التمثيل بدور قصير ومؤثر في فيلم المخرجة العالمية ميرا ناير «سلام مومباي» عام 1988، لكن نجمه بدأ في السطوع على الصعيد الدولي بأدائه القوي في الفيلم البريطاني «المحارب» عام 2001. أما مشروعه السينمائي العالمي الأكبر فكان مشاركة الفنانة أنجلينا جولي في فيلم «A Mighty Heart»، ثم أفلام The Namesake و«المليونير المتشرد»، وNew York I Love You، The Amazing Spider - Man، Life of Pi إلى جانب المسلسل التلفزيوني In Treatment.

وفي حوار قصير مع مراسلة «الشرق الأوسط» بعد حصوله على جائزة أفضل ممثل، عبر الممثل البالغ من العمر 47 عاما عن أمله في أن يكون نجم شباك، «حتى لا يفكر الناس مرتين قبل عرض أفلامي»، بحسب قوله.

يجمع خان في شخصيته ملامح نادرة لفنان كوميدي متمرس ووجه معبر والقدرة على الغوص في ثنايا الشخصية التي يلعبها.

يعد عرفان علي خان، الحاصل على شهادة الكلية الوطنية للدراما، أحد أهم الممثلين الهنود في السينما الأميركية، على عكس بعض الممثلين الآخرين الذي سرعان ما ينطفئ بريقهم والذين يملأون وسائل الإعلام ضجيجا بعد مشاركة لا تكاد تذكر في أفلام توم كروز.

نشأ خان في جايبور، المدينة المتخمة بالقصور في صحراء الهند الشمالية، كأكبر أبناء عائلة مسلمة محافظة رفضت حبه للسينما، وأصرت على ضرورة حصوله على شهادة جامعية. التزم بكلام عائلته لبعض الوقت لكن تبع في النهاية هواه والتحق بكلية الدراما في نيودلهي وهو يطمح إلى هدف واحد.

ربما يكون نجاح عرفان سواء في السينما الهندية أو هوليوود عائدا بالكلية إلى موهبته الفطرية، وقدرته على فهم الفروق الدقيقة في أدواره المختلفة، والأهم من ذلك هو السياق الكلي لذلك الدور في الأفلام التي يشارك فيها. لكن الانتصار الحقيقي لعرفان يكمن في قدرته على لعب دور الرجل العادي إلى حد الكمال، الذي يقوم على الفهم والصدق والأداء المباشر من القلب.

وتشكل زوجته الكاتبة، سوتابا سيكدار، منذ 18 عاما، جزءا رئيسا في عمله، منذ لقائهما أثناء الدراسة في كلية الدراما (فكانت تدرس الإخراج، فيما كان يدرس التمثيل) ولا يزالان مرتبطين منذ ذلك الحين. وتقول سيكدار: «كان دائما مستغرقا في عمله. أذكر أننا عندما كنا نعود إلى المنزل كان يتوجه مباشرة إلى غرفة النوم ويجلس على الأرض ويقرأ الكتب. حتى الآن، لا تزال هذه العادة تلازمه فقد يستغرق أسبوعا في قراءة نص جديد لفيلم أميركي، ويظل مستيقظا حتى الساعة الثالثة صباحا يدون الملاحظات ويحاول الوصول إلى أفضل طريق لأداء الدور».

ويتسم عرفان خان بقدرته على لعب أي دور، بدءا من الأفلام ذات الميزانيات الضخمة وانتهاء بالأفلام المستقلة الصغيرة في الولايات المتحدة وأوروبا والهند. وينبع تميز خان في قدرته على إضفاء نوع من العمق غير المتوقع والرقة إلى شخصية مبهمة أخرى - محقق في فيلم «المليونير المتشرد»، وملازم بالشرطة الباكستانية في فيلم A Mighty Heart، وأب مهاجر في فيلم The Namesake. ويفحص كل بوصة في Life of Pi وفي فيلم «آنج لي» للكاتب الكندي يان مارتل.

ويشير أيضا إلى أنه كان قلقا بشأن فيلم Life of Pi وقال عرفان: «كان الفيلم شائكا، وكنا قلقين من إمكانية عدم تقبل الجمهور له».

وتتمثل المغامرة الفنية المقبلة لخان في فيلم بريطاني. وكل ما يخبرنا به عرفان عنه هو أنه عبارة عن «قصة ملحمية» تدور أحداثها ما بين أوغندا والنرويج، وأنه سيكون فيلما تاريخيا.

ويشير خان إلى أنه لا يقبل جميع أفلام هوليوود المعروضة عليه قائلا: «لا أقوم بالتمثيل في كل الأفلام التي تُعرض علي. كل من السينما الهندية والأميركية (بوليوود وهوليوود) تشكل أهمية بالنسبة لي. لا يمكنني أن أنتقل للعمل في السينما الأميركية، في ظل حاجتي للتواصل مع جمهوري عبر السينما الهندية. أتعاقد فقط على أداء دور صعب من باب التحدي ولتجديد أدواري، بالإضافة إلى العمل مع مخرجين لم تتح لي فرصة العمل معهم سوى بهذه الطريقة».

وقد صرح داني بويل، المخرج البريطاني لفيلم «المليونير المتشرد»، أن عرفان يمثل نموذجا سينمائيا فريدا يصل بين عالمين، فضلا عن أنه قد تخطى بمراحل كل من شاروخ أو عامر أو سلمان خان، بل إنه أفضل ممثل في الهند، وربما حتى في آسيا كلها.

يتحدث خان بشيء من البساطة عن الأفلام، إذ إنه يعشقها بنفس الحماسة التي يظهرها أحد المعجبين القدامى. وعلاوة على ذلك، فإنه يتحدث عن نضاله كي يصبح ممثلا بحرية مطلقة.

يشعر خان مثل الكثير من الممثلين الذين هم على نفس قدر كفاءته بالقلق الدائم من تكرار نفس الأدوار التي يؤديها بشكل ثابت في ظل رغبته في العمل مع أفضل المخرجين العالميين قائلا: «لم أكن لأوافق على تمثيل فيلم (المليونير المتشرد) ما لم يكن مخرجه هو داني بويل. ويكفي أن ترى مدى حبه وتفانيه المذهل في العمل مع الطاقم الفني. لقد انتهى قدر كبير من دوره كمحقق إلى غرفة الحذف، ولكنه لم يشعر بالندم. فقد علمته الحياة كيفية التعامل مع الرفض».

فعلى سبيل المثال، تم حذف الدور الذي أداه خان حينما كان وجها جديدا، طالبا في بداية دراسته، في الفيلم الهندي «سلام بومباي!» عام 1988. وهنا يقول: «أتذكر أنني بكيت بعد ذلك، ولكن واساني كاتب السيناريو آنذاك، قائلا إنك قد تشعر بالانتصار حينا وبالهزيمة حينا آخر. وقد أدركت الآن كيف كانت تعدني الحياة لتجاوز اختبارات أشد صعوبة». كذلك، لم يتسن لفيلم «المحارب» المنافسة على جوائز الأوسكار بسبب وجود بعض العيوب الفنية. بدأت السينما الهندية تشيد به عام 2003 بوصفه ممثلا رائعا يشق طريقه للنجومية بسبب دوره في فيلم haasil. فقد حصل على الكثير من الجوائز على أدائه دور طالب جامعي يتسم بالحمق والانتهازية وانهال عليه طوفان من الأدوار المشابهة. واعترف قائلا: «أرادت السينما الهندية أن تحصرني في هذا الدور الشرير، ولكن لم يكن لدي رغبة للاستمرار في تمثيل هذا النوع من الأدوار». وأخيرا حصل خان على فرصة لأداء دور الحبيب في الفيلم الهندي «مقبول» ولكن حتى هذا الفيلم لم يتم عرضه بشكل واسع النطاق على شاشات السينما الهندية كما كان يتوقع خان. وحينما كانت تغريه الشهرة في كل مرة، كان لا يبدو عليه الاهتمام. ويوضح خان كيف أنه احتجز في الكثير من المطارات الأميركية بسبب اسمه. وقد شعر بالضجر لدرجة تأكيده أنه حال حدوث هذا الأمر في المرة المقبلة، فإنه سيشتري تذكرة سفر ليعود إلى الهند مرة أخرى. وقال خان: «هذا الأمر مهين، لا سيما أن السلطات لا تفصح عن سبب الاحتجاز».

وأضاف قائلا: «أنا لا أستخدم لقب خان في الأفلام التي أمثلها في الحقيقة، ولكن من الضروري ذكر اللقب والديانة في جوازات السفر. لقد تم إيقافي مرات كثيرة في المطارات الأميركية. وعندما سألت موظف الهجرة عن علة إصدار تأشيرات السفر في الوقت الذين لا يرغبون فيه بالسماح لنا بالدخول، نظر إلي بغضب قائلا: هل تهددني؟».

وعندما سئل خان عن نضاله لشراء سيارة مستعملة خلال المقابلة التي أجريت قبل بضعة أيام، رد قائلا: «إن شراء سيارة باهظة الثمن يمثل نوعا من الترف والإسراف».

وأضاف: «ألتزم بالكثير من المسؤوليات تجاه عائلتي، ولذا فمن غير المنطقي إهدار أموالي. لم أقم بتأمين مستقبل إخوتي جيدا، ولا يزال أقاربي يكافحون في حياتهم وأشعر بالحاجة إلى تقديم الدعم لهم. ولذلك، سوف أشتري سيارة قديمة ماركة (أمباسادور) رغم أن ابني يريد سيارة فاخرة».

وفي ظل رفضه لأداء أي أدوار مخلة بالآداب مقابل الحصول على المال، فإن التحديات التي قد يواجهها خان خلال الأيام المقبلة ستكون شاقة.

ويقول خان الكبير، كما تصفه جماهيره الغفيرة، إنه لم يعد يسعى للشهرة أو للثروة فهو يمتلكهما على حد سواء. ويمكن وصف رغباته الحالية بالخيالية، لا سيما أنها تنطلق من ممثل لم يؤد الكثير من الأعمال الفنية: اختيار عدة أدوار من المحتمل أن يؤدي دور بطل العمل فيها وبناء سيرة مهنية تسمو بالعرق والدين والوطن والعيش بأقل مظاهر الترف والزخرف وإتاحة مساحة أكبر لمحاسبة النفس وفحص الذات.

وعندما سُئل عما يبتغيه «في الواقع»، رد قائلا: «إنني أبتغي رضا الله».