توقعات بتحميل أكثر من 80 مليار تطبيق إلكتروني عبر الإنترنت هذا العام

الصين تعتزم وضع سياسات للتصدي لإدمان «الشبكة».. و«ياهو» تطرح خدمتين للطقس والبريد

TT

من المرجح أن يتم تحميل أكثر من ثمانين مليار برنامج وتطبيق إلكتروني عبر شبكة الإنترنت هذا العام. وتشير مؤسسة «غارتنر» للدراسات التسويقية إلى أن هذا الرقم قد يرتفع إلى 130 مليار تطبيق في عام 2014، وإلى أكثر من 300 مليار عام 2016. وتتوقع جهات بحثية أخرى أن يكون العدد النهائي للتطبيقات التي يتم تحميلها أعلى من ذلك.

لكن أكثر من 90 في المائة من هذه التطبيقات والبرامج يكون مجانيا، وهو ما جعل مبتكري هذا البرمجيات يعتمدون في تحقيق الربح على الإعلانات والمواد الدعائية، لا سيما بعد أن اعتاد المستهلكون على الحصول على تطبيقات مجانية.

ويقول سيباستيان بلوم، من شركة «كوليريس» الأميركية لتطوير البرمجيات «لا يكفي أن تقوم بابتكار تطبيق جيد، بل لا بد أن تتم مشاهدتك». وفي ظل ارتفاع عدد التطبيقات والبرامج التي تعرضها شركة «أبل» على مستخدمي أجهزة «آي فون» و«آي باد» إلى أكثر من 750 ألف تطبيق، فإن كثيرا من التطبيقات قد تمر من دون أن يلتفت إليها أحد. ولا تتاح فرصة الشهرة إلا للمحظوظين الذين تعرض شركة «أبل» تطبيقاتهم بشكل واضح على موقعها لتحميل البرامج، أو الذين يتلقون إشادات من مدونات تكنولوجية معروفة.

ومن بين هذه التطبيقات المحظوظة «كول إيريس»، وهو تطبيق مجاني لاستعراض الصور الرقمية على الكومبيوترات اللوحية والهواتف الذكية. ورغم أنه يتنافس مع العشرات من التطبيقات الأخرى المماثلة، فإنه تم تحميله ثلاثة ملايين مرة عبر الإنترنت.

ويرجع السبب في شهرة «كول إيريس» إلى الاتفاق الذي توصل إليه مع شركة «غوغل» العملاقة لخدمات الإنترنت، بحيث يتم تنزيل البرنامج بشكل مسبق على هواتف «نيكسوس» الذكية من «غوغل».

كما حصل البريطاني نيك دلويسيو (17 عاما) مؤخرا على ثلاثين مليون دولار من شركة «ياهو» الرائدة في خدمات الإنترنت بفضل برنامجه الذكي «سملي» لتلخيص المواد الإخبارية، ويرجع الفضل في هذا النجاح إلى مزيج من الحظ والكفاءة في التسويق.

وكان برنامج دلويسيو قد حصل على إشادة من المدونة التكنولوجية «تيك كرانش»، بالإضافة إلى استثمارات من بعض المشاهير من بينهم الممثل الأميركي أشتون كوتشنر، ويوكو أونو أرملة جون لينون مطرب فريق «البيتلز».

وفي بعض الأحيان، يتطلب النجاح الإصرار وتكرار المحاولة، فشركة «روفيو» الفنلندية على سبيل المثال تعرضت لنحو أربعين محاولة فاشلة قبل أن تطرح برنامجها الشهير «أنجري بيردز» أي «الطيور الغاضبة» الذي حقق نجاحا مبهرا في عالم تطبيقات الهواتف الذكية والكومبيوترات اللوحية، وتم تحميله 1.7 مليار مرة، وما زال يواصل النجاح من خلال إصدارات جديدة متوالية.

أما شركة «ياهو» فقد أزاحت النقاب عن تطبيقين جديدين للطقس والبريد الإلكتروني للأجهزة المحمولة، في خطوة تشير إلى أن الشركة الأميركية العملاقة ربما تكون في طريقها لاستعادة مكانتها كإحدى الشركات الرائدة في مجال خدمات الإنترنت.

وتعرضت «ياهو» التي كانت من كبرى الشركات في «سليكون فالي» أي «وادي التكنولوجيا الأميركي» لضغوط في السنوات الأخيرة لاستعادة وضعها في عالم التكنولوجيا بعد هجرة المستخدمين إلى عالم الأجهزة الإلكترونية النقالة مثل الهواتف الذكية والكومبيوترات اللوحية. ويذكر أن «ياهو»، بعكس «غوغل» و«أبل» و«فيس بوك»، لا تمتلك هاتفا ذكيا أو شبكة تواصل اجتماعي خاصة بها.

وأفاد الموقع الإلكتروني الأميركي «تيك هايف» المعني بمجال التكنولوجيا بأن خدمتي الطقس والبريد الإلكتروني الجديدتين من «ياهو» تهدفان إلى توفير تجربة استخدام نظيفة وجذابة، مضيفا أنه من بين مزايا خدمة الطقس الجديدة من «ياهو» والتي تعمل على أجهزة «آي فون» و«آي باد» و«آي باد تاتش» أنها تقدم صورة خلفية على مساحة الشاشة بالكامل للمدن قرب موقع المستخدم. وتتوافر هذه الصور من خلال خدمة «فليكر» لتبادل الصور من «ياهو».

وذكرت شركة «ياهو» أن خدمة البريد الإلكتروني التي تتوافر على أجهزة «آي باد» والكومبيوترات التي تعمل بنظام تشغيل «أندرويد» تهدف إلى «التخلص من الضوضاء» وتوفر واجهة مستخدم على شكل «مجلة رقمية» تسمح للمستخدم بطي صفحات الموقع كوسيلة لاستعراض رسائل البريد الإلكتروني، وكذلك شطب الرسائل وإلغائها بمجرد المسح على الشاشة. وقالت شركة «ياهو» في تدوينة على الإنترنت «لقد قمنا بتصميم تطبيق (ياهو ميل) للاستفادة بشكل كامل من إمكانيات الأجهزة اللوحية لتسهيل وتسريع عملية قراءة البريد الإلكتروني وجعلها أكثر متعة».

وفي الصين، يعم الظلام مقهى الإنترنت الذي يقع بالعاصمة الصينية بكين، ولا يلوح في المكان سوى بصيص الضوء الخافت الذي ينبعث من الشاشات وينعكس على وجوه مرتادي المقهى، ويغلف الصمت الحاضرين، فلا يسمع سوى طنين أجهزة الكومبيوتر، حتى يكسر أحد الجالسين حالة السكوت عندما يدق بيده على المائدة في غضب ويشعل سيجارة وهو تبدو عليه ملامح الإحباط.

لقد خسر هذا الرجل لتوه إحدى الشخصيات التي يخوض بها غمار إحدى الألعاب الإلكترونية على شبكة الإنترنت، ولكن لا أحد من الجالسين حوله أمام شاشات الكومبيوتر يلتفت حيث إنهم جميعا مستغرقون في ممارسة ألعاب مماثلة. وتقول دينغ دان، صاحبة مقهى الإنترنت «بعد 24 ساعة، نضطر أحيانا إلى طرد الجالسين خارج المكان». وتقول دان، التي تدير مقهى الإنترنت منذ عشرين عاما «الرجال على وجه الخصوص لا يريدون الرحيل، فهم يريدون البقاء هنا طيلة الوقت وينسون بشأن أسرهم في المنزل». وتضيف أن النساء من زبائن المقهى لا يبقون طويلا ويستخدمون أجهزة الكومبيوتر في الدردشة عبر الإنترنت.

ويثير الإقبال المتزايد على الألعاب الإلكترونية قلق السلطات الصينية منذ فترة طويلة. وتشير الإحصاءات الوطنية إلى وجود 560 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت في الصين، وأن ستين في المائة من هذا العدد يمارسون ألعاب الكومبيوتر على الإنترنت بشكل منتظم.

وتصل تكلفة الدخول على الشبكة العنكبوتية في مقاهي الإنترنت في الصين إلى أقل من 50 سنت يورو (0.65 دولار)، فيما يبلغ متوسط الأجور في البلاد نحو 600 يورو شهريا. وأثارت هذه الظاهرة تقارير إعلامية متوالية بشأن تفشي مشكلة إدمان الإنترنت، كان آخرها قصة شاب أمضى 6 سنوات داخل مقهى للإنترنت. ويقول دينغ جيان لو، أستاذ طب النفس في جامعة جيلين «إن حالة هذا الشاب خطيرة بصفة خاصة، لكن تصرفاته تقليدية بالنسبة لسلوكيات المدمنين».

وتتعاون 15 وزارة بالحكومة الصينية في الوقت الحالي للتوصل إلى خطة لعلاج هذه المشكلة. وتتضمن الخطة وضع تعريف لمفهوم إدمان الإنترنت بحلول نهاية العام الحالي، ثم صياغة قوانين للتعامل مع هذا الإدمان خلال ثلاث سنوات.

ويرى بي يجين، أستاذ العلوم السياسية والقانون في جامعة العلوم السياسية في بكين، أن إدمان الإنترنت يمثل مشكلة خاصة في الصين حيث تؤدي ساعات الدراسة الطويلة إلى شعور بالإجهاد الشديد. وأضاف «المجتمع لا يعطي الناس وقتا ولا مساحة للتخلص من الشعور بالإجهاد، ولهذا السبب يلوذ الشباب بمقاهي الإنترنت». وأعرب عن اعتقاده أن السياسات الجديدة لن تحل المشكلة، مشيرا إلى ضرورة إجراء تغيير اجتماعي لعلاج هذه الظاهرة. وأوضح قائلا «يمكنك أن تحظر الإنترنت، لكن الشباب لن يعدموا الحيلة للوصول إلى الشبكة الدولية». وقال إن الوسيلة الوحيدة للتغلب على هذا الانجذاب تكون من خلال خلق حالة من الضغط الاجتماعي بحيث يصبح الجلوس ليوم كامل أمام الكومبيوتر أمرا ليس عصريا.