محطة قطارات سيدي جابر بالإسكندرية تدخل العالمية في ثوبها الجديد

أصبحت مسرحا فنيا للكثير من الأعمال الروائية المصرية منذ افتتاحها عام 1910

تعدّ محطة سيدي جابر من أقدم المحطات المصرية
TT

بدأت محطة سيدي جابر الرئيسة للقطارات بمدينة الإسكندرية باستقبال محبي عروس المتوسط الذين يتوافدون عليها طوال أشهر الصيف، خاصة أنها تعد المصيف الرئيس للمصريين من شتى الفئات الشعبية. وارتدت المحطة ثوبا يضاهي إيقاع محطات القطارات العالمية في أوروبا وغيرها من بلدان العالم.

وفي حفل شعبي، افتتح الدكتور حاتم عبد اللطيف، وزير النقل والمواصلات المصري، المحطة بعد عملية تطوير دامت نحو خمس سنوات بتكلفة بلغت 225 مليون جنيه، لتخدم نحو 4 ملايين مليون مسافر سنويا، وشملت عملية التطوير بناء مبان جديدة، بالإضافة إلى الحفاظ على المبنى الأصلي للمحطة الذي بناه مهندس فنلندي عام 1910، وهو مبنى أثري بني بالطوب الحراري.

قال الدكتور عمرو الشريف، استشاري مشروع تطوير محطة سيدي جابر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه نتيجة ضيق المساحة تم تنفيذ التطوير رأسيا لاستغلال المساحة على أكمل وجه، مشيرا إلى أنه تم استغلال الفراغ أعلى محطات السكك الحديدية لتوفير مسطحات كبيرة كصالات للركاب وخدمات تجارية وترفيهية، على غرار المحطات العالمية الكبرى، مشيرا إلى أنه تم تطوير مبنى المحطة القديم وإنشاء مبنى جديد، وإنشاء جراج للأوتوبيسات، ومحطة لقطارات الضواحي، ومحطة للمرافق، وأنفاق مشاه، بالإضافة لتطوير الساحة الأمامية للمحطة.

وأوضح د.الشريف أن «مساحة مشروع التطوير تبلغ 152 ألف متر مربع؛ أي نحو 30% من مساحة مطار القاهرة الدولي، ومن المتوقع أن يدر مشروع التطوير دخلا متوقعا يبلغ نحو 50 مليون جنيه سنويا».

مشروع التطوير تضمن جراجا يتكون من ستة طوابق، يسع 850 سيارة، وهو أكبر جراج بالإسكندرية من حيث الطاقة الاستيعابية للسيارات. وأصبحت جميع المباني مزودة بكاميرات مراقبة ونظام لمكافحة الحريق.

وتعتبر محطة سيدي جابر من أقدم المحطات المصرية، وكان قد بوشر العمل في إنشائها بين مدينتي الإسكندرية والقاهرة عام 1851 بطول 209 كيلومترات.

وكان الخديوي عباس الأول قد تعاقد عام 1851 مع البريطاني روبرت ستيفنسون، نجل جورج ستيفنسون مخترع القاطرة الحديدية، لبناء الخط بمبلغ 56 ألف جنيه إسترليني، وكان ذلك عقب البدء بإنشاء خط السكك الحديدية الذي يربط بين مدينتي مانشستر وليفربول في بريطانيا عام 1830.

وفي العشرينات من القرن الماضي، شهدت محطة سيدي جابر استقبال سعد باشا زغلول زعيم الأمة بعد عودته من المنفى، حين احتفى به مستقبلوه بأغنية سيد درويش الشهيرة التي لحنها خصيصا لتلك المناسبة «سالمة يا سلامة.. رحنا وجينا بالسلامة»، كذلك مر بالمحطة قطار الخديوي سعيد الذي أهدته له فرنسا عام 1862. وهو عبارة عن قاطرة ملحق بها صالون فخم، وظل حكام مصر المتتابعون يستخدمونه للتنقل بين مصيفي المتنزه ورأس التين في الإسكندرية حتى عام 1898.

وترجع تسمية محطة القطارات الرئيسة بالإسكندرية باسم «سيدي جابر»، إلى أحد أولياء الله الصالحين وهو الشيخ جابر بن إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الأنصاري، المعروف بـ«أبي إسحاق»، ويرجع البعض نسبه إلى سيد الخزرج الصحابي الأنصاري الجليل سعد بن عبادة، وله جامع باسمه بالقرب من المحطة ويقام له مولد شعبي سنويا.

ويقول مفرح إبراهيم أحد العاملين القدامى بالمحطة: «المحطة الآن شكلها أفضل وحضاري، كما أنها أصبحت تفتح النفس، وتستطيع أن تفضي بها وقتا ممتعا، فهناك كافيتريات ومطاعم، ومحال للتسوق، وجراجات للعربات. كما أنها مزودة بآليات حديثة للمحافظة على النظافة والهدوء وأماكن للترفيه بالنسبة للأطفال».

ويروي مفرح أن أكثر ما كان يضايقه في وضع المحطة قبل التطوير، هو العشوائية وعدم وجود وسائل مريحة لتأمين انتقال المسافرين من رصيف إلى آخر. كذلك منظر الأكشاك على أرصفة المحطة، التي كانت تزحم المساحة المخصصة لانتظار الركاب وتثير الفوضى في أحيان كثيرة.

ويري صبحي غانم، سمسار العقارات الذي اتخذ من المحطة مقرا له، أن عملية التطوير سوف تنعكس بشكل إيجابي على الكثير من أصحاب المهن الذين ارتبطوا بالمحطة، وفي مقدمتها مهن السمسرة في الشقق والعقارات التي تؤجر للمصطافين، خاصة في فصل الصيف، حيت يعتبر موسما رئيسا.

ودخلت محطة سيدي جابر كمسرح فني للكثير من الأعمال الروائية والقصصية لكتاب مصريين مثل رواية «سكة الحديد» للكاتب الروائي إدوار الخراط، ورواية ««طوق الياسمين» للروائي إبراهيم عبد المجيد، كما غازلها الشعراء في الكثير من قصائدهم، وأيضا شكلت منعطفا مهما لمجريات الصراع في عدد من الأفلام السينمائية.. ومن أشهرها فيلم «السمان والخريف» و«وحدوتة مصرية» للمخرج الشهير يوسف شاهين.