لبنان يحتفي بناشطيه الإنترنتيين الأكثر ابتكارا وشعبية

مواقع التواصل الاجتماعي بات لها أبطالها وجوائزها

TT

بعد دخول كبار السياسيين ونجوم الفن والشركات التجارية إلى جانب الأفراد العاديين، عالم التواصل الاجتماعي، بات لزاما الاهتمام بما ينجزه هذا التواصل من نتائج. وإن اعتبرت الثورات العربية هي إحدى ثمرات هذه الصفحات التواصلية سواء كانت على «فيس بوك» أو «تويتر» أو غيرهما، فإن شبانا لبنانيين يعتبرون أن السنوات المقبلة ستحمل المزيد من المفاجآت التي لم تكن في الحسبان.

وكشفا لأهمية صفحات التواصل الاجتماعي ومواقعه، فإن مسابقة تنظم في لبنان، بدأ العمل عليها منذ شهرين، ستصل إلى خواتيمها السعيدة يوم الاثنين المقبل. وفي فندق فينيسيبا سيقام حفل كبير، تحضره شخصيات معروفة لها باع في التواصل، حيث سينتهي التصويت لما يقارب 600 مرشح موزعين على 32 فئة. وينال الفائزون ما يحب المنظمون تسميته بـ«جوائز الأوسكار لصفحات التواصل الاجتماعي»، بسبب ما يتمنونه لهذه الجوائز من مصداقية محاطة باحتفالية بهيجة.

أكثر من 100 ألف شخص صوتوا طوال الشهر الماضي، ليختاروا صفحاتهم المفضلة، حيث ستحتسب أصواتهم بنسبة 50% فيما تعطي لجنة التحكم الـ50% الأخرى. وتضم اللجنة كلا من وزير الاتصالات نقولا صحناوي، المدون الناشط، سفير بريطانيا في لبنان توم فليتشر، الممثل الكوميدي نمر أبو نصار، رئيسة تحرير مجلة «راغ ماج» فدا شعبان، الإعلامية أوكتافيا نصر، مؤسس «أراب نت» عمر كريستيدس، الإعلامية شذا عمر، رئيس مجلس إدارة «ألي واي غروب» زياد كامل، وأستاذة التسويق في الجامعة الأميركية ليلى خولي حنا، مصممة الغرافيك مايا زنقول، إضافة إلى عضوين من الجهة المنظمة «ذي كولابوراتيف أونلاين» محمد حجازي ودارين صباغ. وهذه الجهة هي هيئة غير حكومية بدأت عملها في الجامعة الأميركية منذ ثلاث سنوات، بورش تدريب على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وطورت عملها بالتواصل مع عدة جامعات ومدارس، للتشجيع على الاستخدام السليم لعلميات التواصل.

والطريف أن الفئات المتنافسة الـ32 تشمل مختلف أنواع الاختصاصات، فهناك المدونات التي قسمت إلى مدونات معنية بالأعمال وأخرى بالطعام وغيرها بالأزياء، أو الأخبار السياسية أو حتى التكنولوجيا والهندسة كما المدونات ذات الطابع الذاتي. وهناك فئة الفنادق والتجارة وكذلك التصميم والمطاعم والبارات. وهناك عدة فئات مختصة بصفحات «تويتر» وأخرى لمستخدمي «فيس بوك» أو الناشطين على «يوتيوب». ومع العدد الكبير من المرشحين للجوائز مع بدء تقديم الطلبات، تم اختيار 600 مرشح فقط استوفوا الشروط علما بأن الصفحات المعنية بالجائزة هي الصفحات اللبنانية أو التي يشرف عليها مقيمون في لبنان.

ووصل إلى التصفيات النهائية، على سبيل المثال، عن فئة الفنانين الأكثر نشاطا على تويتر، كل من هيفاء وهبي، بيريت قطريب، راغب علامة، نانسي عجرم، إليسا ونوال الزغبي. أما عن فئة الإعلاميين الأكثر نشاطا على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وصل إلى التصفيات النهائية كل من مرسيل غانم، أيمن عيتاني، عامر طبش، بولا يعقوبيان ومنى صليبا كما زافين قيومجيان.

وسيعلن عن الفائز النهائي، في كل فئة من الفئات الـ32 خلال حفل موسيقي فني لتوزيع الجوائز، يفترض أن يضم فنانين وسياسيين وتجارا وأصحاب شركات ومطاعم ومصممين وناشطين في المجتمع المدني.

وإذ تبدو الفكرة جديدة لكنها باتت تفرض نفسها مع الدور المتعاظم الذي يلعبه التواصل الاجتماعي بموازاة الواقع الأرضي.

يقول محمد حجازي وهو صاحب فكرة تنظيم المسابقة ويبلغ عمره 24 عاما لـ«الشرق الأوسط» «إن أغلب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان هم من المجتمع المدني، وهم معنيون بشكل أساسي بقضايا لها علاقة بالحقوق والعدالة ومكتسبات المرأة». ويعتبر حجازي «أن عالما افتراضيا متكاملا تجوب فيه الأفكار ومليء بالحماسة يتشكل بموازاة العالم الواقعي في لبنان» مراهنا على أن «التغيير السياسي الذي يبدو مستحيلا في لبنان بسبب طبيعة النظام اللبناني الأسري التوارثي، سيأتيه التغيير من مواقع التواصل الاجتماعي». والمثير أن حجازي يخبرنا عن مشروع لترشيح لائحة كاملة من بين الإنترنتيين للانتخابات النيابية المقبلة لتنافس المرشحين التقليديين، قائلا: «إن هذا المشروع بدأ العمل عليه منذ سنتين ويتم تطويره، والجميع ينتظر اللحظة المناسبة. وإن لم يتمكن هؤلاء من الفوز هذه المرة، ففوزهم سيكون أسهل في المرة المقبلة». ويشرح لنا حجازي أن «مدونات لبنانية كثيرة باتت تهتم بالقضايا السياسية والاجتماعية يتابعها الشبان مستغنين عن الوسائل الإعلامية التقليدية في بعض الأحيان» معتبرا أن السبب هو «النقص والخلل الذين يعاني منهما الإعلام التقليدي، وإهماله البين للقضايا الاجتماعية. فهناك حملات على الإنترنت من أجل الكهرباء وحقوق النساء والتغيير السياسي والتبرع بالدم كما تسريع شبكة الإنترنت نفسها، وهو ما لا يفعله الإعلام» لافتا إلى أن كل أصحاب مهنة بات لهم تجمعهم الإنترنتي. هناك الأطباء الذين يتواصلون فيما بينهم، والمهندسون وأساتذة الجامعات، وغيرهم، وهناك مثقفون باتوا يشكلون حلقات ومجموعات تتحول إلى حلقة واحدة حين تتداخل مع بعضها. ويشدد حجازي على أن متابعة الناس لصفحات التواصل الاجتماعي، تبدأ عادة بنجومهم المفضلين في الفن والسياسة مثل إليسا ونانسي عجرم وسعد الحريري: «لكن هدفنا توعية الناس لتوسيع اهتمامهم، ومتابعة ما يكتبه مثقفون وناشطون معنيون بقضايا أكثر عمقا».

الشابة دارين صباغ هي من المنظمين أيضا، وأحد أعضاء لجنة التحكيم، وهي مستشارة في التسويق والمجال الرقمي، تشرح لنا «أن عالم التواصل الاجتماعي بات مليئا بالابتكارات. وهناك جهود كبيرة تبذل من أناس لا يطلبون مقابلا من أحد. وسواء كانوا أفرادا أو ناشطين اجتماعيين أو شركات، فهؤلاء يستحقون لفتة منا». صحيح أن الجائزة معنوية في نهاية المطاف لكنها تلفت على الأقل إلى أن ثمة من يجتهد في مكان ما ولا بد من تكريمه وتشجيعه.

هذه ليست إلا الدورة الأولى التي يحاول فيها هؤلاء الشبان جعل أبطال التواصل الاجتماعي نجوما، سواء كانوا من المشاهير أم من المغمورين. وبعد توزيع الجوائز وإعلان الأسماء لا بد أن الـ100 ألف الذين صوتوا، سيتملكهم الفضول ليكتشفوا الصفحات الرابحة والأشخاص الذين حازوا ثقة لجنة التحكيم. الفكرة انطلقت والتجربة ما تزال في أولها، والشبان يراهنون على أنهم يفتحون أبواب المستقبل.