مدينة ملاه هندية تكلفت ما يقرب من 300 مليون دولار

«أدلابس إيماجيكا» اعتمدت على مزيج من الثقافة والأساطير

قلعة المغول في مدينة الملاهي
TT

من نشأ على حب القراءة ومشاهدة القصص الخيالية الإنجليزية أو الاستماع إليها سيشعر بالألفة عندما يدخل مدينة الملاهي الهندية الشبيهة بديزني، ويمر عبر نقطة التفتيش الأمنية. سيجد الذئب الشرير الضخم يعوي وينفخ في الخنازير الثلاثة الصغيرة على سطح من الطوب، بينما توجد بجانبه شجرة بازلاء عليها عش من البيضات الذهبية، بينما جاك يقف في الركن. وإذا سار قليلا نحو الأمام سيجد المرأة التي سحرت الأميرة تتسلق جدائل روبونزول الذهبية، وبيضاء الثلج تستمتع بحفل شاي مع الأقزام السبعة.

يتم الترويج لمتنزه «أدلابس إيماجيكا» الذي تبلغ تكلفته ملايين الدولارات بالقول إنه شبيه ديزني لاند، حيث يمتد على مساحة 32 فدانا في موقع وسيط بين عاصمة السينما والتجارة مومباي ومدينة المتقاعدين بيون. وتمثل هذه المدينة الجديدة رد الهند على القول إنها لن تستطيع أبدا بناء مثل هذه المتنزهات بسبب عدم تلبية البنية التحتية لمعايير بنائها. إنه أول متنزه ترفيهي بمعايير عالمية يقام في الهند وتبلغ تكلفته 294 مليون دولار. وتمتلك النسخة الهندية من «ديزني لاند» قلبا هنديا، فهي تقدم جولات مستوحاة من الأفلام الهندية والشخصيات الأسطورية وحصون المغول، وبها ديناصورات، ولا توجد أي شخصية كارتونية أميركية.

يتكون المتنزه من ستة أقسام منها «أوروبا» و«آسيا» و«الهند» و«جزيرة العرب» و«جامبو أفريقيا». ويقدم كل قسم مجموعة خاصة من الجولات وعوامل الجذب بأسماء هندية مثل السيد هندي. المتنزه الترفيهي مقسم إلى مناطق كل منها يناسب فئة عمرية. منطقة «الأدرينالين» تقدم مجموعة من الرحلات بالقطار الأفعواني. أما الأطفال الصغار فلهم نصيب الأسد، حيث توجد جولات مختلفة منها القوارب المتصادمة ونافورات تفاعلية وقطارات أفعوانية صغيرة وسيور متحركة عليها عربات ومقاعد على شكل خيول وطائرات. كذلك هناك مجموعة من الرجال الذين يسيرون على عصي خشبية والسحرة والمهرجين.

من المؤكد أن الجولة التي تشبه جولة بالمروحية وتسمى «أنا للهند» مثيرة للفضول. أحكم الزائرون رباط أحزمتهم، بينما ترتفع المقاعد وتعرض الشاشة التي توجد على بعد 90 قدما في الأسفل مشاهد لمروحية حقيقية تحلق على مناطق شهيرة في مختلف أنحاء البلاد. وهناك رحلة لأصحاب القلوب الشجاعة فقط هي «غولد راش إكسبريس» التي ترمي الزائر من ارتفاع 66 قدما، ثم يعقب ذلك الإسراع عبر أنفاق ومناجم ذهب بسرعة مذهلة تبلغ 65 كيلومترا في الساعة. ويأتي بعد ذلك دوران سريع وتأرجح على آلة الرعب، مما يؤكد أنك ستكون في عالم مختلف لمدة 30 دقيقة. ولإضفاء المزيد من الإثارة والمغامرة على الزيارة، يوجد بالمتنزه قتال ببنادق الليزر، حيث ينقذ الزائرون علي بابا من الأربعين حرامي، وهي من قصص «ألف ليلة وليلة». وتشمل الجولة استهداف اللصوص ببنادق الليزر. وتوجد في المتنزه السحري أيضا عروض مسرحية وعرض الليزر، فضلا عن عروض شارع أخرى. ويخترق شعاع الليزر الجميل الهواء ليصل إلى السماء. وتكتمل الصورة بالسحرة والذين يتلاعبون بالكرات في الهواء والمهرجين فضلا عن عروض أخرى.

ولعل أكثر عامل جذب في هذا المتنزه هو «مستر إنديا» المستوحى من فيلم هندي بالاسم نفسه، ويتضمن شخصية شرير مزعج. وخلال جولة مستر إنديا يمكن للزائر مشاهدة الممثل الهندي الحائز للأوسكار عن فيلم «المليونير المتشرد»، أنيل كابور، والنجمة الهندية سرديفي، يقاتلان النجم الشرير الشهير موغامبو. يعرّف السيد الهندي (أنيل كابور) وسيما (سرديفي) الزائرين بمعملهما المذهل واختراعهما الجديد وهو السيارة الطائرة التي يمسك بجهاز التحكم فيها قرد آلي شقي. ويدخل الزائر بعد ذلك «موغامبو» الذي يأخذ الأطفال كرهائن حتى يحصل على سوار الإخفاء. وعلى الزائرين الجلوس في السيارة الطائرة ومساعدة السيد الهندي في إنقاذ الأطفال من موغامبو الشرير من خلال السترات النفاثة ورشاشات المياه.

ولمحبي الجولات المائية، هناك مغامرة نهر ديناصور راجاسوراس التي ينتقل خلالها الناس عبر قارب إلى وادي نارمادا، حيث تم اكتشاف هذا الديناصور في الثمانينات. ويبحر القارب عبر العقبات المنحنية قبل أن يغطس وهو يتجه نحو منحدر وعر. وتتضمن الجولات أيضا السقوط الأفقي وأكبر قطار أفعواني. وتشبه هذه الجولة كثيرا «جوراسيك بارك ريفير أدفينشر» في استوديوهات شركة «يونيفرسال» في أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية بما فيها من ديناصورات بكل الأحجام تبدو حقيقية وهي تلتهم ضحاياها وسقوط مرعب داخل المياه. ومثل أكثر الجولات على الجانب الأيسر من المتنزه، يعرض قبل بداية الجولة فيلم قصير لتسلية الزائرين بينما يصطفون انتظارا لدورهم. وهناك جزء مبهر آخر في هذا المتنزه يحمل اسم «غضب الآلهة»، يتضمن تكنولوجيا متقدمة مع شخصيات أسطورية هندية. إنه يوضح غضب قوى الطبيعة من رياح ونار وماء بسبب الضرر الذي يلحقه الإنسان بها، مما يعد بمثابة درس لطيف للأطفال حتى ينشأوا على احترام الطبيعة.

وتتسع «إيماجيكا» لاستقبال نحو 15 ألف زائر يوميا وتعتزم جذب ما يتراوح بين 2 و3 ملايين زائر سنويا. ويبلغ سعر التذكرة 1200 روبية للبالغين و900 للأطفال خلال أيام العمل، أما في العطلات فيزداد السعر بمقدار 300 روبية. ورغم أنها ليست رخيصة الثمن، فإنها بالتأكيد أقل كثيرا من تكلفة الرحلة إلى «ديزني لاند» في الولايات المتحدة. ويمكن لمن يستطيع دفع ألف روبية إضافية للتذكرة التخلص من الانتظار في الطوابير الطويلة.

تعد منطقة حقبة المغول جذابة هي الأخرى. «لعنة سليمغار» مقامة فوق حصن مسكون بالأشباح توجد به زنازين وغرف تعذيب وأميرة «مسجونة إلى الأبد» تلقي التحية على الزائرين. وتمت تسمية هذا الجزء باسم حصن يعود إلى حقبة المغول في دلهي تحول إلى سجن خلال في عهد الإمبراطور أورانغزيب، أعظم أباطرة المغول. وإذا شعر الزائر بالجوع فيمكنه العثور على أربعة مطاعم تقدم أصناف متنوعة. هناك «ريد بونيه» الأميركي، و«زيزي بار آند غريل» الذي يقدم أصنافا من المطبخ الأفريقي، و«أرمادا» الرومانسي الذي يقع في سفينة ومقام على الطراز الإسباني، و«روبرتوز فود كوستر» الذي يوجد في سرادق كبير ويقدم طعاما تقليديا عبر قطار طعام أفعواني يحمل الأصناف المتميزة التي يعدها الطهاة. والمتنزه مخصص للذوق الهندي، فليس على الزائرين السير إذا أرادوا، بل يمكن أن يتنقلوا بسيارة. ووضع مصممو المتنزه ارتفاع درجات الحرارة والأمطار الموسمية في الحسبان، لذا حرصوا على توفير الكثير من الأماكن الداخلية المغطاة. يقول مانموهان شيتي، مؤسس المتنزه «لا يوجد أثر لهوليوود في المتنزه الترفيهي الهندي لعدم اهتمام الهنود كثيرا بالأفلام الأجنبية. لا يشاهد الأفلام الأميركية سوى 8 في المائة من الجمهور، في حين يعشق الباقون السينما الهندية».