هالي بيري لـ «الشرق الأوسط»: أنا في رحلة متواصلة ما زالت تتبلور

بدأت حياتها العملية عارضة أزياء قبل أن تتحول إلى ممثلة

مشهد من فيلم «النداء» للمخرج براد أندرسون (2013) وكما تبدو في «كلاود أطلس» من إخراج توم تايكور ولانا ووشوفسكي (2012)
TT

فاجأت هالي بيري الكثيرين عندما تحوّلت من عارضة أزياء إلى ممثلة ثم فاجأت أكثر من هؤلاء عندما نجحت وكشفت عن موهبة أداء حقيقية. وبعد بداية تلفزيونية قصيرة الأمد، قوامها اشتراكها في حلقات من «سيتكوم» بعنوان «لعب حية» ظهرت في فيلم وضعها في أول خطوات الشهرة هو «حمى الغابة» (1991). بعده انتقلت إلى أدوار صغيرة لم تحسب لها في أفلام بعضها فشل تجاريا مثل «الكشاف الأخير» (1992) أو أنها نجحت تجاريا لكنها لم تفد مهنة الممثلة بشيء، مثل «مسدّس بكرة» Boomerang أمام إيدي مورفي سنة 1993.

استخدمها بمهارة المخرج والممثل وورن بايتي في «بولوورث» (1998) لاعبة دور الصحافية التي تبحث في حياة السياسي المرشّح للرئاسة، لكن الفيلم الذي منحها النجومية التي تستحق ورد سنة 2001 بعنوان «كرة الوحش» Monster›s Ball الذي خرجت منه بأوسكار أفضل ممثلة وكانت المرّة الأولى التي تمنح فيها الأكاديمية هذه الجائزة لممثلة أفرو - أميركية.

وما زالت الممثلة نجمة ناجحة ومطلوبة. حاليا نشاهدها في فيلم تشويقي بعنوان «النداء» وقبله ثلاثة أفلام خلال الأشهر الأخيرة ما يرفع عدد أفلامها الجديدة إلى أربعة. وقبل نهاية هذه السنة سنراها تعود إلى حلقات «رجال إكس» في الفيلم الجديد المعنون «رجال إكس: أيام المستقبل الماضي».

* ظننت أنك قررت تقليل ظهورك على أساس الاكتفاء بفيلم كل عام أو عامين، لكننا نجدك في أربعة أفلام في أقل من عام.

- (تضحك) من أعطاك هذه الفكرة؟ أحيانا النسبة قليلة وأحيانا كثيرة. ذلك متوقف على ما هو متاح وما أريد القيام به. مثل «النداء» و«كلاود أطلس». لكل واحد سبب مختلف للقيام به أو أعتقد أن هناك أسبابا مختلفة وسببا واحدا رئيسا هو جودة الدور المتاح لي.

* ماذا عن «موي 43»؟ هل ظهرت في الفيلم بسبب الدور أو لأن التجربة جديدة؟

- في الحقيقة للسببين معا. أولا الفيلم، كما يبدو أنك تعلم، مؤلف من أفلام قصيرة كثيرة. الفيلم الذي أديت فيه دوري جاء في فيلم «الحقيقة أو الجرأة»، و.. نعم أعتقد أن السيناريو مكتوب جيّدا ودور إميلي الذي لعبته كان مناسبة لدخول تجارب جديدة من هذا النوع.

* «كلاود أطلس» يمكن اعتباره أيضا تجربة فنية مختلفة عما تقومين به عادة..

- صحيح. أحببت هذا الفيلم على الورق وأحببته حين شاهدته. لا يُصدق. كثيرا.. أريد أن أكون صريحة معك.. كثيرا ما يسألونني عن مغزى هذا الفيلم وردّي هو «هل سؤالك حقيقي؟» لأنه ليس ممكنا الدخول إلى عمق أفلام كهذا الفيلم. هذا الفيلم يدور حول فكرة أن كل شيء يقوم به فرد متصل بكل شيء يقوم به فرد آخر. إنه عن هذا الرابط فنحن جميعا على صلة بعضنا ببعض من الرحم إلى القبر. وكل فعل نقوم به سواء أكان فعلا طيبا أو خبيثا أو قاسيا يتمادى ليشملنا جميعا ولينتقل إلى الأجيال المقبلة.

* إنه فيلم مختلف ليس فقط عن أفلامك الأخرى، بل عن الكثير من الأفلام.. كيف دخلت وخرجت من فترة زمنية إلى أخرى؟

- هذا نوع من الأفلام التي تأخذك إلى رحلة زمنية وفي الوقت ذاته إلى رحلة روحية تتجاوز الزمن. لقد أحببت أن أكون في القرن التاسع عشر وأحببت أن أنتقل إلى ثلاثة آلاف سنة بعد ذلك. خلال ذلك لم أتوقف عن طرح الأسئلة حول ما الذي يجمعنا جيلا بعد جيل. عن هذا التواصل الشاسع الذي نعيشه منذ مئات ألوف السنين.. لا أعلم.

* كيف تنظرين إلى مهنتك كممثلة إذن؟ أقصد أن مثل هذا النوع من التفكير قد يصاحبه بحث في الذات عما تحقق أو لم يتحقق بعد من طموحات.

- أنا في رحلة متواصلة ما زالت تتبلور. لقد حظيت بفرصة تمثيل عدد كبير من المشاريع مع عدد رائع من المواهب. بعض هذه المشاريع لم ينجز ما حلمت به.

* لماذا؟

- لأنه عندما تكون لديك مهنة تستمر لعقود فإن المؤكد أنك ستواجه صعودا وهبوطا خلالها. هناك أحيان تجد نفسك تنطلق صاعدا لحد التحليق أحيانا. ثم تأتي المرّات التي تجد فيها أن عملك لا يجد قبولا كبيرا أو أنك لم تحقق من خلاله ما أردت. الحياة هي نوع من ركوب الأمواج والنجاح هو للذين يتمسكون بما يقومون به ويجاهدون لإثبات مواهبهم وقدراتهم رغم العوائق. هذا ما آمنت به وما زلت أؤمن به إلى اليوم.

* هل جعلك «كلاود أطلس» تفكرين في طفولتك؟

- أفكر في طفولتي على الدوام. ما جعلني هذا الفيلم أقوم به هو إدراك كم أنا محظوظة كوني أدركت مبكرا ذلك الحس العائلي الأليف والحميم. كنت دائما قريبة من والدتي ومن شقيقتي. لقد ربتني والدتي وحدها (لم تكن تزوجت) ولم نكن ميسورين ماديا. لكن أمي جعلتنا ندرك من البداية أن القيمة ليست في الأمور المادية.

* كيف كانت أجواء التصوير بالنسبة لوجود مخرجين اثنين خلال العمل هم توم تايكور ولانا ووشوفسكي؟

- قاما بالعمل على نحو متكافئ وصدّق أو لا تصدّق لم تسط لانا على الإخراج كما أوردت بعض الصحف فالعلاقة بينهما كانت جيّدة مهنيا ورائعة. إذا ما اختلفا فإن ذلك لم يتم أمام الممثلين وفريق التصوير. لم نسمع صوتيهما عاليين ولم يبد أن هناك أي عدم اتفاق. بالنسبة إلينا كان لديهما صوت واحد. كان أحدهما يبدأ العبارة والآخر ينهيها.

* من كان يصدر أمر البدء بالتصوير وأمر الانتهاء من تصوير اللقطة؟

- مدير التصوير عادة.

* هذا غريب! - الطريقة التي صوّرنا بها كانت غير عادية. كانا عادة بعيدين عن مكان التصوير يتواصلان مع الفريق عبر الهواتف واللاسلكيات.

* بحث عن العمق

* من هذا الفيلم إلى فيلم تشويقي.. دور مختلف تماما هو «نداء». يذكّرني بأفلام تشويقية سابقة وظفت قدرات الممثلين وليس المؤثرات البصرية..

- (مقاطعة).. وهذا ما جذبني جدّا إليه. كما قلت تشويق «أولد فاشن».

* تلعبين دور موظفة سنترال تحاول إنقاذ ضحايا من قاتل متسلسل. كيف قمت بأبحاثك لهذا الدور؟

- لم أكن أعرف تماما ما تفعله موظفة استعلامات الطوارئ. لا أعتقد أننا شاهدناها من قبل في فيلم ما. نعم هناك أفلام يتصل الممثلون طالبين النجدة، لكن لا أعتقد أن هناك أفلاما حول الموظفين والموظفات في ذلك الجزء الحيوي من الحياة. دائما ما أخذنا الأمر على أنه من المسلّمات. لقد فتحت عيني على عالم لم أكن اهتممت به من قبل وتعلمت الكثير حول حياة وعمل هؤلاء الموظفين.

* هل تعلمين إذا ما كانوا يخضعون للتدريب على مواجهة أزمة ما كتلك التي في الفيلم؟

- أعلم أن الموظفين يخضعون لتدريبات عامّة. عملهم لا شك يتضمن المرور في أزمات ومواقف ينتج عنها التوتر الشديد. وأعتقد أنهم في البداية يخضعون لفحص نفسي مركّز. عليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية التي يقومون بها. فأنت إما تستطيع أن تتحمل الأوضاع وساعات العمل الطويلة أو لا تستطيع. هذا ما أعرفه عن تدريباتهم لكن دوري لم يتطلب مني، بصراحة، بحثا عميقا في أي شخصية على حدة. مجرد العلم بالشيء ثم يستند الأمر على استعدادي ضمن أجواء واقعية يؤمنها الفيلم كالمكان وما فيه من موظفين وآلية العمل.

* هل سبق لك أن طلبت النجدة (الرقم 911)؟

- نعم. قبل عام من هذا الفيلم اتصلت بـ911 لأن أحدا دخل منزلي عنوة. وكنت خائفة جدّا. هذه التجربة كانت في البال حين كنت أمثل الدور.

* بالطبع الفيلم عن امرأة تمر في أزمة حين تكتشف أن قاتلا يلاحق فتيات يتصلن بها للنجدة. كيف تتعاملين مع الأزمات عموما؟

- لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يدرك أنني أمر بأزمة حين أمر بأزمة. أقصد أنني أنجح في معالجتها وإخفائها عن الآخرين بحيث لا يدرك أحد ما أمر به باستثناء من أريد إخبارهم بذلك. وأنا حذرة من أن لا أنفس عن متاعبي في تصرّفاتي. لا تجدني أثور في وجه أحد. لقد تعلّمت ذلك على حسابي الخاص وعلى نحو شخصي وعرفت كيف أتصرف كما لو أن شيئا لم يكن.

* كيف تقررين أي مظهر ستمنحين الشخصية؟ هنا في «النداء» لديك شعر «منفوش» ومظهر فتاة عاملة لكنك في «كلاود أطلس» وطبعا في أفلام سابقة تنتقلين بين أشكال أخرى.

- دائما ما أبدأ برغبتي تغيير شكلي وتصميم شعري في كل فيلم. لا أريد أن أبدو أنا الحقيقية. وكلما ابتعدت عن شكلي الواقعي شعرت بأنني أنتمي إلى الشخصية التي أقوم بتمثيلها. لا مانع في أن يتعرّف علي المشاهد لكني أمانع في أن أبدو أنا.

* سمعت أنك عزمت على وضع كتاب يتوجّه إلى المراهقات ويتضمن نصائح لهن في كيفية تجاوز محنة المراهقة.. هل هذا صحيح؟

- (تضحك) لم أفكر في ذلك ولو فكرت لرفضت الفكرة. أنا لست مؤهلة لتأليف كتاب كهذا. أنا لست طبيبة أو اختصاصية. أعرف كيف أمارس حياتي وكيف مررت بتجربة المراهقة، لكن أن أكتب ما يفيد الغير في هذا الخصوص، وربما في أي موضوع آخر، ليس أمرا أستطيع أن أدّعيه.

* هل تحبين أفلام التشويق؟ بكلمات أخرى أي نوع من الأفلام تحبين أكثر من سواه؟

- أحب أن أخاف. لا أحب بالضرورة الأفلام الدموية وأفلام الرعب العنيفة. أحب أفلاما مثل «صمت الخراف» و«جاذبية قاتلة» كلاهما أبقاني على حافة المقعد.