مهرجان الفيلم الفلسطيني التاسع في لندن: 20 فيلما تعرض للمرة الأولى

إطلالة على أفلام عرضت لفترة محدودة خلال السنوات الثلاثين الماضية

«الورقة الطائرة» لنتن سوني وروجر هيل (2013)
TT

في عام 1981، تلقت قاعة للسينما في مدينة سان فرانسيسكو حيث كان فيلم «فلسطين المحتلة» على وشك العرض مكالمة من مجهول زعم فيها وجود قنبلة في المبنى. وعلى الفور تم إخلاء السينما التي تتسع لنحو 1200 شخص. وفتشت الشرطة وإدارة الإطفاء السينما، لكن لم يعثر على شيء. بعد الحادث، اقترن الفيلم بتهديدات أمنية، ومنع من العرض مرة أخرى، كما كان مقررا في ذلك الوقت، لا في سان فرانسيسكو، ولا في أي من المدن الأخرى التي تتوق إلى مشاهدة الفيلم.

ومنذ ذلك اليوم من عام 1981، خضع فيلمه للرقابة وراح في طي النسيان فيما بعد، إلى أن وجد الفيلم، وهو من إخراج مخرج الأفلام الوثائقية الأميركي ديفيد كوف، طريقه إلى صالات السينما مرة أخرى، حيث عرض في افتتاح مهرجان الفيلم الفلسطيني التاسع في لندن لعام 2013 في الثالث من شهر مايو (أيار) الحالي.

ووصف الفيلم الذي أنتج عام 1981 بأنه «إحدى الروائع التي يندر مشاهدتها اليوم، وأنه سابق لعصره». فقبيل الانتفاضة الأولى، كان كوف في فلسطين يصور الشعور بالقمع والمعارضة المتصاعدة التي تجتاح الشوارع والناس. التقط فيلمه نبرة المقاومة التي نادرا ما كانت تشاهد في ذلك الوقت، مما ينذر بالانتفاضة التي جاءت بعد نحو 7 سنوات.

من الجوانب الفريدة التي اتسم بها المهرجان هذا العام هي تلك الإطلالة على الأفلام على عرضت لفترة محدودة للغاية خلال السنوات الثلاثين الماضية. فعرض فيلم جيني مورغان «أصوات الحرية» إنتاج عام 1988، وفيلم أنطونيا كاتشيا «الطريق إلى الانتفاضة» عام 1989، الذي يعد أول فيلم طويل يركز بشكل كامل على الانتفاضة، وستتبعه حلقة نقاشية تبحث في تغطية الانتفاضة في الصحافة البريطانية بمناسبة مرور 25 عاما على الحدث.

وسيكون العرض الأول لفيلم إيليا سليمان «تكريم بالاغتيال»، الذين يتناول بدايات السينما، حتى وإن كان ذلك مصحوبا بانعكاساتها على معاصريها السياسيين، في المملكة المتحدة ضمن عرض لأفلام عام 1991 تحت عنوان «حرب الخليج.. وماذا بعد؟» الذي يجمع أفلاما لمخرجين من تونس ولبنان والمغرب وفلسطين ويتعرف الجمهور على إيليا سليمان كمخرج مصدوم من حرب جديدة في المنطقة.

هذا العرض المثير للاهتمام من «الأفلام المتميزة» لا يتيح للمشاهدين التعرف على ما فاتهم من الأفلام التي تتناول القضايا والأحداث على صعيد المنطقة، بما في ذلك احتلال فلسطين وردود الفعل التي تلت حرب الخليج، فحسب بل وتسمح لهم أيضا بمشاهدة حياة فيلم مع قيمة مضافة متمثلة في القدرة على النظر إلى الماضي بعين العالم بالأحداث. وعلى الرغم من وقوف هذه الأفلام شاهدة على الفترة الذي قدمت فيها، فإنها تحمل أيضا القصص والعلاج من ردود الفعل من تلك الفترة. سواء أكان ما تلا ذلك تدشينا مهما للمهن السينمائية والأساليب، كما في حالة إيليا سليمان، أو تخبئة سؤال مهم كان راديكاليا أكثر مما تستوعبه اللحظة، كما في حالة فيلم «فلسطين المحتلة» لكوف. يوضح لنا مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن العام الحالي أن التاريخ يكمن في التعامل مع التوثيق السينمائي والمحتوى الذي يريد توصيله.

ويضم المهرجان أيضا مجموعة مختارة من الأفلام التي أنتجت مؤخرا. وهناك أكثر من 20 فيلما تعرض لأول مرة في المملكة المتحدة من بينها فيلم «المتسللون» لخالد جرار الحائز على عدة جوائز، وفيلم الدراما العائلية «يوم الجمعة الماضي» ليحيى عبد الله صدر الذي عرض مؤخرا، بطولة الممثل الكبير علي سليمان إلى جانب فيلمين قصيرين ذوي جودة عالية يقدمان أنشطة السينمائيين الشباب التي تعكس بحرفية القضية الفلسطينية.

وعقب العروض السينمائية سيعقد مؤتمر بعنوان «فلسطين والصورة المتحركة». وهو حدث فريد من نوعه في برنامج مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن المعتاد، وسيدعو المؤتمر اثني عشر متخصصا وناقدا يقدمون أبحاثا حول عدد من المواضيع بدءا بالدعاية ووصولا إلى فن الفيديو والجماليات المسلحة.

ويقام مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن في مركز باربيكان وجامعة لندن ويمتد حتى 15 مايو الحالي.