بعد رحلة استغرقت 18 ساعة.. طائرة تعمل بالطاقة الشمسية تهبط في أريزونا

يأمل صانعوها بأن تقوم في نهاية المطاف برحلة حول العالم

الطائرة تحلق في خليج سان فرانسيسكو دون وقود (رويترز)
TT

هبطت طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، أول من أمس (السبت)، في مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأميركية، بعد رحلة استغرقت 18ساعة و18 دقيقة لم تستخدم فيها قطرة وقود. ويأمل صانعوها بأن تقوم في نهاية المطاف برحلة حول العالم. وأقلعت الطائرة «سولار إمبالس» من مطار موفيت في جنوب سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، يوم الجمعة، لتصل إلى مدينة فينيكس في أول محطة لها في رحلتها عبر الولايات المتحدة.

ويأمل الطياران السويسريان برتراند بيكارد وأندريه بورشبرج، اللذان يتناوبان على قيادة الطائرة ذات قمرة القيادة التي تتسع لطيار واحد، أن تعزز الرحلة الاهتمام بالإمكانات الكامنة للطاقة المتجددة.

وتعمل الطائرة بأجنحة لها عرض أجنحة طائرة «بوينغ 747» نفسه مغطاة بالألواح الشمسية، بينما وزنها صغير مثل سيارة صغيرة. وتتمكن الألواح الشمسية من تحويل ضوء الشمس إلى طاقة لتشغيل بطاريات الطائرة، مما يساعدها على التحليق حتى خلال الليل.

وتقطع الطائرة ذات المقعد الواحد مسافة 70 كيلومترا في الساعة مدعومة بـ4 محركات، بقوة 10 أحصنة. وإضافة إلى فينيكس، تخطط الطائرة أن تستكمل رحلتها عبر الولايات المتحدة لتشمل دالاس، وسان لويس، وواشنطن العاصمة، في رحلتها التي تستغرق شهرين، والمقرر أن تنتهي عندما تصل إلى مطار جون كيندي الدولي في مدينة نيويورك، مطلع يوليو (تموز) المقبل.

وصممت الطائرة للقيام برحلات تصل إلى 24 ساعة في المرة الواحدة وهي نموذج تجريبي لطائرة يعتزم الفريق تصنيعها للقيام برحلة حول العالم بحلول 2015. وقامت الطائرة بأول رحلة لها بين قارتين في يونيو (حزيران) الماضي، عندما طارت بين إسبانيا والمغرب. وتستمد الطائرة طاقتها من 12 ألف خلية شمسية موضوعة على الجناحين، وتقوم هذه الخلايا بإعادة شحن بطاريات بقدرة تخزين تعادل ما تستعمله السيارة الكهربائية «تيسلا».

ويصل الحد الأقصى لارتفاع الطائرة إلى 8500 متر، ويبلغ متوسط سرعتها 70 كيلومترا في الساعة فقط. وبدأ المشروع في 2003 بميزانية قيمتها 90 مليون يورو (112 مليون دولار) على مدى 10 سنوات، ويعمل به مهندسون من شركة «شيندلر» السويسرية لصناعة المصاعد، مع معونة بحثية من مجموعة «سولفاي» البلجيكية للكيماويات.

ويقول منظمو المشروع إن الهدف من الرحلة هو تعزيز التوجه العالمي لتبني تقنيات الطاقة النظيفة. وتعادل المسافة بين طرفي جناحي الطائرة نظيرتها في طائرة «جامبو»، وتزن ما يعادل وزن سيارة صغيرة.

و«سولار إمبالس» نموذج تجريبي لطائرة يعتزم الفريق المشارك في المشروع تصنيعها كي تجوب العالم بحلول عام 2015. وتحتاج الطائرة إلى كمية الكهرباء نفسها التي تحتاج إليها دراجة نارية صغيرة.

وبهذا يكون بوسع الطائرة التحليق في ظلام الليل اعتمادا على الطاقة المخزنة خلال ساعات النهار، وستصبح أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية قادرة على الطيران ليلا ونهارا دون وقود، في محاولتها للقيام بالرحلة بين الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة. لكن من غير المتوقع أن تحقق الطائرة أرقاما قياسية جديدة للسرعة أو الارتفاع. وصممت الطائرة الحالية للقيام برحلات تصل إلى 24 ساعة في المرة الواحدة، لكن الطراز المقبل منها سيسمح بالقيام برحلات تستمر 5 أيام و5 ليالٍ من التحليق بطيار واحد، وهو مستوى لم يحدث من قبل. وخضع الطياران لتدريبات تأمل وتنويم مغناطيسي لإعدادهما للطيران دون نوم إلا لفترات قصيرة جدا. وللطائرة 4 بطاريات كبيرة مثبتة أسفل الجناحين إلى جانب المحركات الصغيرة. ويسمح تصميمها من ألياف الكربون الخفيفة والجناحان لها بترشيد استهلاك الطاقة لكن هذا يجعلها أيضا معرضة لخطر الانقلاب.

ومن جانبهما أوضح صانعا الطائرة بيكارد وزميله الطيار أندري بورشبيرغ أن هذه الرحلة هي المحاولة الأولى لطائرة تعمل بالطاقة الشمسية قادرة على التحليق ليوم وليلة دون وقود عبر أميركا. وسوف يتناوب الطياران على قيادة الطائرة.

لكن بيكارد صرح بعد ظهيرة يوم السبت أن الأهم من تحقيق علامة فارقة أخرى في تاريخ الطيران، الأمل في أن تضفي الرحلة مزيدا من الرغبة في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.

وقال بيكارد: «إذا تمكنت طائرة من التحليق ليوم وليلة دون وقود معتمدة على الطاقة الشمسية وفقط، فذلك يعني، بطبيعة الحال، قدرة كل منا على استخدام هذه التكنولوجيا في حياتنا اليومية في المنزل في أنظمة التدفئة والتبريد والإضاءة والسيارات والشاحنات. هناك الكثير مما يمكننا القيام به لمستقبل أكثر نظافة.

ومن فينكس، ستنطلق الطائرة إلى مطار دلاس فورت ورث في تكساس، ثم مطار لامبرت سان لويس ومطار دولس في منطقة واشنطن ثم مطار جون إف كيندي في نيويورك. وستستغرق كل رحلة ما بين 19 إلى 25 ساعة وفترة توقف 10 ساعات في كل مدينة. ويخطط طاقم الرحلة التوقف في كل محطة في انتظار لتحسن الطقس. ويأمل بروشبيرغ أن يقود الرحلة الأخيرة التي ستمنحه الفرصة للتحليق فوق تمثال الحرية.

وتبلغ سرعة الطائرة الرشيقة ذات المقعد الواحد 40 ميلا / ساعة (65 كيلومترا / ساعة) ولا تستطيع الطيران عبر السحب، ويقترب وزنها من وزن سيارة ما يجعل الطقس السيئ يشكل خطورة عليها.

وأوضح بورشبيرغ أن متوسط السرعة في المرحلة الأولى من الرحلة ستبلغ نحو 60 عقدة في الساعة باتجاه الريح. وتستطيع الطائرة الارتفاع إلى نحو 27,000 قدم (8,230 متر) أو نحو ذلك خلال اليوم لجمع الطاقة الشمسية وشحن البطاريات.

ويبقى الطياران برتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ على استعداد للقيام بسلسلة من الجولات خلال الأيام القليلة المقبلة لإظهار التقنية التي تقدمها مدرسة فينيكس للأطفال والباحثين الجامعيين وغيرهم.

وقال بيكارد: «هناك الكثيرون من الناس يريدون أن يروا هذه الطائرة». وهناك سؤال يدور حول ما إذا كانت هناك صعوبة في قيادة طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، يشير بيكار إلى أنه على الرغم من التطورات التي أدخلت إلى الطائرة خلال القرن الماضي، إلا أنه يحمل وبورشبيرغ الكثير من السمات التي كان يتصف بها المبتكرون الأوائل.

وأضاف قائلا: «قبل مائة عام، كان يتعين على الطائرات الطيران في طقس معتدل، وعلى متنها شخص واحد فقط، بينما الآن لدينا تكنولوجيا متطورة تماما وبمقدورنا الطيران دون أي وقود على الإطلاق، ولكننا مع ذلك يتعين علينا الطيران في طقس معتدل مع وجود طيار واحد فقط على متن الطائرة. ولقد بدأنا شوطا جديدا يمثل بداية جديدة حاليا».