عائشة راتب أول سفيرة لمصر في الخارج.. السادات عينها في الحكومة واستقالت احتجاجا على رفع الأسعار

توفيت عن عمر يناهز 85 عاما

د. عائشة راتب مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات
TT

بعد حياة حافلة بالعطاء، غيب الموت الدكتورة عائشة راتب وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية السابقة بمصر عن عمر يناهز 85 عاما، لتفقد مصر واحدة من رائدات العمل الوطني في تاريخ البلاد.

ولدت الراحلة في عام 1928 وتخرجت في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1949، لتخوض في العام ذاته معركة قضائية أمام مجلس الدولة (القضاء الإداري) للطعن على قرار رفض تعيينها فيه بداعي أنها امرأة وأن وجودها في المجلس يتعارض مع تقاليد المجتمع المصري، لتخوض راتب أول معركة قضائية دفاعا عن حق المرأة في الالتحاق بسلك القضاء، انتهت بإصدار الدكتور عبد الرزاق السنهوري، رئيس مجلس الدولة في ذلك الوقت، حكما يؤكد فيه عدم وجود مانع دستوري أو شرعي أو قانوني، يحول دون تعيين المرأة في سلك القضاء، ولكن الدولة هي التي تحدد الوقت المناسب الذي تصبح فيه المرأة قاضية.

وعقب تخرجها سافرت الوزيرة الراحلة إلى فرنسا لاستكمال دراسة الحقوق حيث حصلت على دبلوم القانون الخاص والعام، وعقب عودتها عينت الدكتورة راتب معيدة في كلية الحقوق لتصبح أول سيدة تشغل هذا المنصب، كما كانت أول أستاذ للقانون الدولي وأول سفيرة لمصر في الخارج، وفي عام 1974 عينها الرئيس الراحل أنور السادات وزيرة للتأمينات والشؤون الاجتماعية، بعد أن لاحظها خلال مناقشة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، التنظيم السياسي الوحيد في مصر آنذاك، لمشروع دستور 1971 حيث أبدت اعتراضها على المواد المتعلقة بصلاحيات الرئيس، وبرر السادات اختياره لها لأنها ناقشت اختصاصات رئيس الجمهورية في وجوده، في إشارة لجرأتها وشجاعتها.

واستقالت الدكتورة عائشة راتب من الحكومة عقب أحداث 18 و19 يناير (كانون الثاني) عام 1977 التي أطلق عليها «ثورة الجياع» والتي وقعت نتيجة قرارات رفع أسعار بعض السلع التموينية الأساسية، وهي القرارات التي تراجع عنها السادات بعد أن ثبت خطؤها.

وعرفت الراحلة بمعارضتها لقانون الانفتاح الاقتصادي الذي اتبعه نظام السادات خلال فترة وجودها في الحكومة، إلا أن تلك المعارضة لم تحل دون تعيينها سفيرة لمصر عام 1979 في الدنمارك ثم ألمانيا بعد استقالتها من الحكومة، لتصبح أول سيدة مصرية تشغل منصب سفيرة لبلادها في الخارج.

وعارضت الدكتورة عائشة راتب سياسات الرئيس السابق حسني مبارك رغم أنه منحها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1995، ولها مقولة شهيرة عن مبارك هي «إن شرم الشيخ ليست عاصمة لمصر، وبقاؤك فيها يضع حاجزا بينك وبين الشعب»، وبعد ثورة 25 يناير 2011 انحازت إليها تماما، وأعلنت أنها أهم حدث في تاريخ مصر المعاصر.

ورغم كبر سنها وظروفها الصحية، لكن عائشة راتب في آخر أيامها شعرت بحنين إلى المجال الأكاديمي فطلبت من الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة أن يدعوها لحضور مجلس الكلية لمناقشة بعض الأمور الأكاديمية، وبالفعل دعاها، إلا أن صحتها تدهورت ولم تلبي الدعوة.