الإسكندراني جورج موستاكي رحل في باريس عن 79 عاما

لحن لإديت بياف وغنى للفدائية نادية برادلي

موستاكي في صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط»
TT

بعد عناد مع المرض وفي سبيل التشبث بالحياة، ودع الدنيا عن 79 عاما في باريس، أمس، المغني اليوناني الأصل، الإسكندراني المولد، جورج موستاكي. وكان الراحل واحدا من آخر الموسيقيين الأحياء الذين صنعوا مجد الأغنية الفرنسية الحديثة في القرن العشرين، بعد رحيل إيف مونتان وجورج براسنز وليو فيري وجاك بريل.

وكانت «الشرق الأوسط» قد زارت موستاكي في شقته الباريسية، قبل أشهر، لتفقده في مرضه الذي أثر على جهازه التنفسي، وروى أثناء الزيارة جانبا من ذكرياته مع أصدقائه العرب، ولا سيما المناضلة المغربية نادية برادلي التي ارتبطت بالقضية الفلسطينية.

كتب موستاكي كلمات نحو 300 أغنية، وغنى عددا منها فنانون من وزن إديت بياف وباربارا ومونتان وجولييت غريكو. وبعد نجاحه كمؤلف وملحن خاض تجربة الغناء وحققت أسطواناته انتشارا واسعا. كما غنى بالعربية في مناسبات ومهرجانات في المغرب وفرنسا. ولقيت أغنيته «ميلورد» التي كتبها لبياف، في الأساس، ثم أداها بصوته، نجاحا عالميا.

ولد جيسيبي موستاشي في الإسكندرية لأبوين من الجالية اليونانية الكبيرة هناك، وأخذت أسرته لقبها من الشوارب الكثة التي كان أجداده يشتهرون بها. ولما استقر في باريس، عام 1951، تحول اللقب إلى موستاكي حسب اللفظ الفرنسي. ومنذ طفولته تعلق بالموسيقى وبالأغنيات الفرنسية التي كان يسمعها من البحارة الذين يجوبون مقاهي الميناء.

في باريس عمل موستاكي نادلا ثم صحافيا حيث تعرف على عدد من الوجوه الفنية. كما تعرف على الفنان الكبير جورج براسنز واستمع له وهو يغني وتأثر به إلى حد تغيير اسمه الأول إلى جورج. وبعد أن كان يحلم بلقاء إديت بياف التي يسميها «أم كلثوم فرنسا»، شاء الحظ أن يلتقيها في باريس وأن تقع في غرامه وتساعده في مسيرته الفنية، شأنها مع كل المغنين والملحنين المبتدئين الذين تعاملت معهم. فقد قدمه براسنز إلى المغنية الشهيرة التي دعته إلى كواليس صالة «الأولمبيا» الشهيرة، في إحدى حفلاتها، ثم أخذته معها في جولة فنية في السويد، وبعد عودتهما تعرضا لحادث سيارة في منطقة قريبة من العاصمة.

لم ينصرف موستاكي للفن وحده بل كان ملتزما بقضايا الحرية وساند انتفاضة الطلبة عام 1968، وقدم أغنيته «لاميتيك»، أي الغريب، التي كشفت عمق موهبته كشاعر يتحدث عن هموم الإنسان المرتحل الذي يعيش مع الأحلام ولا يرتبط بمكان محدد. وقد حققت الأغنية نجاحا عالميا كان بمثابة الولادة الفنية الثانية له. لقد حمل الفنان، في داخله، ذلك الدفء الشرقي الذي جعله قريبا من جمهوره وأليفا في التواصل مع مستمعيه. وهو قد جاب العالم ووقف على مسارح كثيرة، وكان هدفه من السفر اكتشاف صور ومذاقات جديدة وكسب صداقات من كل الأشكال.

كان موستاكي قد كشف لـ«الشرق الأوسط» أنه تعرف، في واحد من تلك اللقاءات، على شابة مغربية تدعى نادية برادلي. وكانت نادية قد عاشت في بيروت، أواسط السبعينات الماضية، وانخرطت في العمل مع المقاومة الفلسطينية وتم إرسالها لتنفيذ عملية فدائية داخل إسرائيل لحساب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وحكم عليها بالسجن لمدة 12 عاما بعد فشل العملية. وقد سافر موستاكي إلى سجن «اللد» وغنى بشكل خاص للسجينة المغربية، كما كتب أغنية حزينة تحمل اسمها، بعد رحيلها بالمرض الخبيث عام 1995.