الفنان التشكيلي المغربي يونس الخراز يعرض في الدار البيضاء وجوها أصبحت مسكنه وعنوانه

لوحاتي لا تحمل اسما.. والشكل هو الأهم

جانب من لوحات الفنان يونس الخراز في معرض «ملامح جديدة لوجوه متجددة» («الشرق الأوسط»)
TT

ألوان دافئة وتعابير وجوه متعددة تبحث عن حركات فالتة شدت الناظرين إليها خلال افتتاح ورشة «طاطا» أخيرا في الدار البيضاء، وهي قاعة عرض جديدة للفنون التشكيلية جاءت لتعزز فضاءات العرض التشكيلي في المغرب.

وضم المعرض الأول للقاعة 24 لوحة فنية تحمل توقيع الفنان يونس الخراز، الذي يستأنف في أعماله الجديدة ما كان بدأه كتمارين وتنويعات على نصوص الجسد تحول إلى تيمات تشكيلية مركزية، ما فتئت تتناسل وتتعدد وتتمدد في مختلف الاتجاهات، ليعود من مدينة أصيلة، مسقط رأسه، إلى تقديم «ملامح جديدة من وجوهه المتجددة» في معرض جديد.

اعتمد الخراز في لوحاته على إظهار تعابير الوجوه والأحاسيس النفسية، من خلال خطوط رسمها تبين الحالة النفسية للشخص الذي يرسمه، وساعد على ذلك استخدام بعض الألوان التي تبرز انفعالات الأشخاص، بل وتثير مشاعر المشاهد إزاء الموضوع التعبيري.

وينتمي الخراز إلى المدرسة التعبيرية، ويقتدي بمجموعة من الفنانين أبرزهم أوسكار كوكوشكا، وهنري ماتيس، وغيرهم من فناني المدرسة التعبيرية، التي يرتكز اتجاهها الفني على تبسيط الخطوط والألوان، وتركز على دراسة الأجسام ورسمها والمبالغة في انحرافات بعض الخطوط أو بعض أجزاء الجسم وحركته، وهي بذلك تقترب في بعض الأحيان من الكاريكاتير.

وشهد المعرض حضور شخصيات سياسية وفنية وثقافية من أبرزها وزير الداخلية السابق مولاي الطيب الشرقاوي الذي أبدى إعجابه بلوحات الخراز إضافة إلى المهندس المعماري عبد الواحد منتصر، والفنان الحسين طلال، ابن الفنانة التشكيلية الراحلة «الشعبية»، وكذا الكثير من الشخصيات المغربية والأجنبية.

وقال يونس الخراز لـ«الشرق الأوسط»: «لوحاتي لا تحمل اسما والشكل هو الأهم»، موضحا أنها قد تبدو عبارة عن وجوه، لكن يحق لأي واحد التعبير عنها واعتبارها غير ذلك، إذ إن الشكل يمكن أن يراه أي أحد.

وحول موضوع اللوحات، قال الخراز: «أعالج في رسوماتي الذات الإنسانية بكل تجلياتها في مناحي الحياة المتعددة والمختلفة»، مبرزا أن جل لوحاته هي عبارة عن جسد ووجوه تحمل أشكالا مختلفة لها رمزيتها وتعابيرها البالغة، مشيرا إلى أنه داخل الوجه «نجد الأعين التي يمكن تصويرها تتكلم ضاحكة أو باكية أو متأملة».

ويعتبر الخراز فنانا تعبيريا انفعاليا يعتمد على تحطيم المظاهر السطحية للأشياء، إذ يحول العمل الفني إلى وسيلة اتصال بالآخرين، ناقلا إليهم مشاعر الفنان وأحاسيسه وأفكاره ورؤيته الخاصة للعالم، ذلك أن الفنان التعبيري لا ينقل موضوعا جماليا، بل ينقل مشاعره العارمة إزاء موضوع معين، كما أنه لا يلجأ إلى العقل، بل يلجأ إلى العاطفة، حيث إن التعبيرية تركز على البركان الثائر داخل أغوار النفس الإنسانية. وقد أوضح الخراز ذلك في لوحاته بطرق عدة، تمثلت في المبالغات والتحويرات الكثيرة في الخطوط والألوان، والإهمال المتعمد للاتجاه نحو الطبيعة، واستعمال الألوان المتكاملة، وإعادة بناء عناصر الطبيعة بطريقه تثير المشاعر.

وقال الشاعر والمترجم المغربي المهدي أخريف عن معرض الخراز: «هذه الوجوه أصبحت مسكنه وعنوانه بصمته التشكيلية الدالة ربما بصفة نهائية على هويته بصفته رساما نزاعا إلى التفرد والتعدد اللانهائي داخل المتاهة الوجهية الواحدة، ساعيا بذلك إلى توكيد فنه الخاص عبر بلاغة (التكرار) والحفر على نفس الحجر الصعب»، موضحا أنه استطاع أن يستولد من كثافة الرسم الزيتية وإيقاعاته البطيئة ملامح «جديدة» لما يمكن أن يسميه «الوجه اليونسقليسي». وهي ملامح مرسومة بلمسات خفيفة فيها اقتصاد وبرود بقدر ما فيها من تجريد وهمود، فضلا عن غنائية لا تخلو من لمسات وعلامات جديدة تميز تمظهرات الأوجه تارة بإبراز الأعين النظرات الجاحظة أو المغيبة أو المحدقة في فراغ همودها الخاص، وتارة أخرى بتغييب وتشويش تشكيلي مقصود للتعابير المرسومة على الأوجه.

وعبر الخراز عن سعادته للإقبال الكبير على اقتناء لوحاته، التي تباع في المغرب بشكل أكثر، وعزا ذلك إلى تنامي الاهتمام والذوق الفني عند المغاربة، بفضل الأنشطة والمعارض الوطنية التي باتت توازي ما ينظم في دول أخرى خارج المغرب، موضحا أن كل بيت مغربي أصبح لا يخلو من لوحة فنية أو أكثر. ونظم الخراز أزيد من عشرين معرضا له في الكثير من المدن المغربية وبعض الدول الأوروبية، كما شارك في معارض جماعية داخل وخارج المغرب (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين وكندا).