«ما سمهاش هيك».. حملة تعيد إحياء أسماء القرى والمدن الفلسطينية في الداخل

لتعريف الأجيال الجديدة بالأسماء العربية لـ500 قرية ومدينة

«شباب الذاكرة» حملة كبيرة للتذكير بالأسماء العربية للقرى المهجرة عام 1948 التي أطلقت عليها إسرائيل أسماء عبرية
TT

اختارت مجموعة من الشبان الفلسطينيين في إسرائيل إحياء الذكرى الـ65 للنكبة، بإحياء أسماء القرى والمدن التي كانت ضحية هذه النكبة، بعدما كاد يطويها النسيان.

وأطلقت المجموعة التي تتكون من شابات وشبان وتعرف نفسها بـ«شباب الذاكرة» حملة كبيرة للتذكير بالأسماء العربية للقرى المهجرة عام 1948، التي أطلقت عليها إسرائيل أسماء عبرية، صارت على كل لسان، حتى الفلسطينيين أنفسهم.

وتستهدف الحملة الأجيال الجديدة، خاصة الطلاب، لتعريفهم بأصل أسماء القرى والمدن، وعددها أكثر من 500 قرية ومدينة.

وقالت خلود مصالحة، مركزة المشاريع في مركز إعلام الذي يرعى هذه الحملة: «الفكرة هي أن يعيدوا زرع أسماء القرى الفلسطينية في الوعي. لقد كانت فكرة مجموعة من طلاب الإعلام لدينا، ودعمناها فورا».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «الحملة تخاطب أجيالا كبرت على أسماء عبرية وتعودت عليها، ودرست وتدرس عن نحمان بيالك (حاييم نحمان بياليك، الشاعر الأبرز في الأدب العبري) بدل محمود درويش (أبرز الشعراء الفلسطينيين)».

وتخشى مصالحة من محو التاريخ إذا ما لم يهب من يعيد إحياءه ويذكر الناس به: «الأجداد يموتون ونخشى أن يمَّحي التاريخ».

وأردفت: «الأسماء العبرية صارت على كل لسان.. صحيح أن الكبار ما زالوا يتذكرون أسماء قراهم ومدنهم، لكنهم كذلك أصبحوا مضطرين للتعامل مع الأسماء العبرية في إطار عام».

وتذكر الحملة بالأسماء العربية لنحو 530 بلدة، من ضمنها المدن الرئيسية: يافا، وحيفا، وصفد، واللد، وعسقلان وطبريا.

ولجأ القائمون على الحملة إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها «فيس بوك» و«تويتر»، والإعلام الحديث: «يوتيوب» و«بودكاست»، وعبر المدارس العربية، لنشر المعلومات المراد توثيقها.

وتعرض الحملة على «فيس بوك» أسماء معظم القرى العربية والمدن التي احتلت عام 1948، وغيرت إسرائيل أسماءها.

ومن بين المدن: الطيرة التي أصبحت غازيت، والصنوبرية التي أصبحت معيان باروخ، والشيخ مؤنس التي أصبحت تل باروخ، وهي جزء من تل أبيب، وملبس التي أصبحت بتاح تكفا، وعراق المنشية: كريات جات، والكوفخة: نير عكيفا، وبيت دجن: بيت داجون.

وثمة إقبال كبير على موقع الحملة «ما سمهاش هيك»، وانضم أكثر من 3 آلاف معجب إلى الصفحة في غضون أسبوع واحد من إطلاقها.

وقال بيان لمركز إعلام: «تأتي هذه الحملة لمواجهة السياسات الإسرائيلية الرامية لطمس الهوية ومحو الذاكرة الفلسطينية بعد أن قامت الدولة الإسرائيلية بتقويض الموارد المادية، وعلى رأسها الأراضي الفلسطينية التي تمت مصادرتها بطرق مختلفة».

وأضاف: «نريد تذكير الجيل الثالث والرابع للنكبة بالأسماء العربية للمدن والقرى الفلسطينية التي تم تهجيرها في عام 1948 على يد الجيش الإسرائيلي، وعملت دولة إسرائيل على تهويد وعبرنة أسمائها، في محاولة منها لمحو الهوية والأسماء العربية من ذاكرة الشعب الفلسطيني الذي يأبى النسيان».

ويروج شبان وشابات للحملة عبر فيديو قصير يشرحون فيه أسباب الحملة والمرجو منها.

واختار الشبان أراضي قرية صفورية المهجرة، ليذكروا الناس بالأسماء العربية المنسية.

وفي الفيديو، يشرح الشبان أسباب إطلاق الحملة، مستهجنين استخدام الأسماء العبرية التي أطلقها الاحتلال على مدن كانت قائمة قبله بكثير.

وفي الفيديو، تطل فتاة ترتدي الزي الفلسطيني الشعبي، قائلة لمشاهديها: «ما اسمهاش تسيبوري اسمها صفورية». وتؤكد فتاة ثانية: «ما اسمهاش احيهود اسمها البروه»، ويظهر شاب آخر: «ما اسمهاش كريات شمونه اسمها الخالصة»، وتعرض المجموعة أسماء لقرى ومدن أخرى بما فيها الشيخ مؤنس التي تقول فتاة إنها وقرى أخرى شكلوا اليوم تل أبيب.

واختار الشبان لغة بسيطة في مخاطبة الناس مثل «يا عمي ما اسمهاش هيك ما تسموها بالعبراني».

وقالت هيا أبو أحمد، من الفريق القائم على الحملة، لـ«الشرق الأوسط»: «فكرنا بأبسط الأساليب وأسهلها، كي يحافظ الجيل الصاعد، جيل العودة، على هويته وتراثه».

وأضافت: «أردنا التذكير بالهوية والأصل.. قلنا لهم ما تسموا قرانا ومدننا بالعبري إلها اسم عربي».

وتابعت: «لم تكتف إسرائيل باحتلال المدن والقرى وتهجير الناس منها، لكنها أيضا غيرت أسماءها وعبرنتها (اللغة العبرية)، وأصبحنا من دون وعي نستخدم هذه الأسماء. كثير من شبابنا مثلا بيحكوا.. مفرق جولاني، طيب ليش؟ اسمو مش هيك، هاي بلد اسمها مسكنه.. وعلى فكرة جولاني هو اسم القوات الإسرائيلية اللي احتلت الشمال. هل هذا معقول؟».

ويعيش في إسرائيل نحو 1.4 مليون فلسطيني من بين نحو 6 ملايين يهودي، وهؤلاء هم سلالة فلسطينيين لم يغادروا قراهم ومدنهم عام 1948 وكان يقدر عددهم آنذاك بنحو 154 ألف فلسطيني.

وقال بيان للإحصاء المركزي الفلسطيني إن الإسرائيليين في عام 1948 سيطروا على 774 قرية ومدينة، بينما دمروا 531 قرية ومدينة فلسطينية.

وكانت فكرة إحياء أسماء مدن وقرى عربية، واحدة من بين فعاليات أخرى أطلقها الفلسطينيون في الذكرى الـ65 للنكبة.

ويحيي الفلسطينيون هذا اليوم وفي مثل هذا التاريخ من كل عام، ذكرى النكبة.

وجاء في بيان الإحصاء: «مصطلح نكبة يعبر في العادة عن الكوارث الناجمة عن الظروف والعوامل الطبيعية، مثل الزلازل والبراكين والأعاصير، بينما نكبة فلسطين كانت عملية تطهير عرقي وتدمير وطرد لشعب أعزل وإحلال شعب آخر مكانه، حيث جاءت نتاجا لمخططات عسكرية بفعل الإنسان وتواطؤ الدول. فقد عبرت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير حتى احتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967 عن مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلا عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة إسرائيل، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1300 قرية ومدينة فلسطينية».

ويبلغ عدد الفلسطينيين تحديدا نحو 5.8 مليون نسمة (فلسطين التاريخية)، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 7.2 مليون بحلول نهاية عام 2020، وذلك فيما لو بقيت معدلات النمو السائدة حاليا.