بعد 27 عاما من الحظر.. السعوديون موعودون بـ«شاي ريزة» التركي عام 2014

مسؤول تركي لـ «الشرق الأوسط»: توقف تصديره بعد «تشيرنوبل».. ولا مجال لمنافسة منتجنا

إحدى مزارع الشاي الملحقة بأحد المطاعم الشهيرة في مدينة ريزة
TT

سيكون السعوديون الذين يشتهرون بحب الشاي والقهوة بأنواعهما المختلفة ونكهاتهما المتنوعة على موعد مع «نكهة الشاي» التركية المفقودة منذ نحو 27 عاما، إذ كشف إسماعيل أوجاج مدير الثقافة والسياحة بمدينة ريزة عن خطط واسعة بدأتها الحكومة التركية لتصدير الشاي التركي إلى السعودية، ليزاحم بذلك أنواع الشاي الشهيرة في السوق المحلية (الصيني، والهندي، والسريلانكي، والياباني).

وقال أوجاج لـ«الشرق الأوسط»: «إن خطة مدينة الشاي (ريزة) للتصدير إلى السوق السعودية ستنطلق مطلع العام المقبل 2014»، مشيرا إلى أن ريزة تضم 190 مصنعا للشاي، 50 منها تابعة للحكومة، وكانت تصدر الشاي بكميات تجارية إلى السعودية، إلا أنها توقفت عام 1986.

ويروي مدير الثقافة والسياحة قصة التوقف عن تصدير الشاي للسوق المحلية قائلا: «إن ضآلة التصدير للسعودية لها قصة اعتبارية تعود إلى 27 عاما مضت، وترتبط بأكبر كارثة نووية شهدها العالم في ذلك الوقت، وعرفت بحادثة «تشيرنوبل» الأوكرانية إبان الحقبة السوفياتية، ولا يفصل ريزة عن أوكرانيا سوى ساحل البحر الأسود، فكان الحظر الرسمي السعودي في ذلك الوقت بسبب الخوف من تأثر مزارع الشاي بالانبعاثات النووية».

ويؤكد أوجاج أن هذه المخاوف اختفت بعد مرور هذه العقود، مستعرضا في الوقت نفسه ميزات شاي مدينته عن بقية أصناف الشاي العالمية، إذ تتساقط الثلوج بكثافة على مناطقهم لشهور عدة، ما يعني عدم حاجتهم إلى استخدام المبيدات الكيماوية لمكافحة الحشرات، إذ يتولى الثلج هذا الدور بشكل طبيعي.

ويشير إلى أن «شاي ريزة» وصل إلى 40 دولة في العالم من حيث التصدير، إلا أنه لم يحظَ بالشهرة ذاتها لدى السعوديين والخليجيين، موضحا أن تقديرات أحد مسؤولي مصانع الشاي الحكومية في ريزة تشير إلى أن حجم تصديره إلى المملكة لا يتجاوز 100 طن سنويا وفق آخر إحصاء صادر في ديسمبر (كانون الأول) عام 2012.

وتقع ريزة الحالمة على ضفاف البحر الأسود شمال تركيا، واستطاعت هذه المدينة التي تستقبلك بعبارة كتبت بالعربية «أهلا بك في جنة الأرض» أن تستقطب صوب جغرافيتها آلاف السعوديين والعرب، الذين يقدمون خصيصا لزيارتها، ليس فقط من أجل الاستمتاع بجمال طبيعتها، ولكن لأخذ «رشفات معدودة» من الشاي، الذي يتطلب الوصول إليه قرابة الساعة ونصف الساعة من مطار إسطنبول الدولي.

ويمثل «الشاي» في المجتمع التركي وفي مدينة ريزة تحديدا أهمية حيوية، فلا تكاد تخطو خطوة إلا وتجد الشاي يحاصرك من جميع الزوايا، وكأنك في مشهد حرب لا مفر منه البتة، حيث يصل عشق الأتراك للشاي حد منافسة شرب الماء، بل قد يتجاوزه في كثير من الأحيان.

وتمثل هذه المدينة الصغيرة مصدر الإلهام والسبب المباشر في انتشار شرب الشاي بين الكبار والصغار في المجتمع التركي، وهم يطلقون عليها مدينة «مزارع الشاي»، حيث تنتشر بين أطراف الشوارع الرئيسة وسفوح الجبال وسهول الوديان، وتحولت لشهرتها إلى مناطق جذب سياحية، فما إن يطأ السائح عربيا كان أم أجنبيا أرضها حتى ييمم شطره صوب تلك المزارع.

وفي أحد المقاهي العريقة في ريزة، أخذ مجموعة من السائحين السعوديين «استراحة قصيرة» لقضاء بعض لحظات مع «شاي ريزة»، وكان من ضمنهم عبد الرحمن نيازي ونجلاه عبد الله وعبد الرحمن، الذين لم يكتفوا بكوب واحد، بل أخذت طلبات الشاي تزداد، ويشير نيازي الأب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن صهره الذي قدم قبله إلى هذه المدينة أوصاه بـ«شاي ريزة»، وقدم له نصيحة: «إذا قدمت عليها فلا يفُتك شرب الشاي لأنه مختلف بامتياز».

ويقول: «مع أنني زرت تركيا مرات عدة، إلا أنني لم أحب شرب الشاي إلا في ريزة، لقربي من مصدرها»، في إشارة إلى المزارع. ثم يختم حديثه بعبارة محلية دارجة: «الحقيقة شاي يضبط الكيف والمزاج».

ولربط الجيل الجديد بتخصص ريزة في زراعة الشاي الذي يعدونه بمثابة «النفط» - على حد قول السكان المحليين - أنشأت البلدية متحفا مصغرا يحكي تاريخ مدينتهم مع الشاي، لذلك حينما تكون في الوسط التجاري للمدينة سيقدم لك الشاي مجانا، خصوصا لو علموا أنك «مسافر» التي تعني بالتركية «ضيف»، كنوع من كرم الضيافة والافتخار في الوقت نفسه.