معرض لمقتنيات المخرج دي سيكا يسحر روما من جديد

أخرج «سارق الدراجة» وأطلق صوفيا لورين إلى عالم الشهرة

TT

فيتوريو دي سيكا اسم شهير يذكره الجميع في إيطاليا والعالم وقصة حياته وأفلامه ومسرحياته واكتشافاته وأغراضه معروضة لأول مرة في أهم ضريح في روما للإمبراطور الروماني أغسطس المبني في العام التاسع قبل الميلاد والذي جدده المهندس المعماري الأميركي ريتشارد ميئير لأول مرة منذ زوال العهد الفاشي عام 2006 فأصبح متحفا للعروض الخاصة التي تليق بالمكان التاريخي.

رحلة طويلة بدأت عام ولادة فيتوريو دي سيكا في بلدة سورا بجنوب روما عام 1901 واستمرت 74 سنة عاصر فيها الكثير من الأحداث وتطور فن السينما والمسرح، وعمل في الغناء والتمثيل والإخراج والتلحين وحاز على جوائز الأوسكار وأطلق فاتنات السينما الإيطالية مثل صوفيا لورين وجينا لولو بريجيدا إلى النجومية، وكان من رواد مدرسة السينما الواقعية بعد الحرب العالمية الثانية بفيلم «سارق الدراجة» الحائز على جائزة الأوسكار عام 1948 والذي يعتبر أحد أهم 15 فيلما دراميا ذات تأثير عالمي وفيلم «ماسحو الأحذية» (شوشيا بالإيطالية) الفيلم المفضل للممثل والمخرج الكبير أورسن ويلز وفيلم «معجزة في ميلانو» الفائز بجائزة أفضل فيلم أجنبي عام 1950.

نرى في المعرض تسلسل حياة دي سيكا في 400 صورة ومقاطع من أفلامه كما قدمها منظم المعرض جان لوكا فارينيللي وكما أرادها أبناؤه: ابنته ايمي من زوجته الأولى جوديتا ريزونه وولداه من زوجته الثانية ماريا ميركادير (شقيقة قاتل تروتسكي في المكسيك) مانويل وكريستان اللذان تابعا مهمة والدهما في الإخراج والتمثيل. الفكرة هي تقديم دي سيكا مثل الأميركي غاري كوبر والفرنسي موريس شيفالييه والألماني هانز البرز (المغني والممثل المعروف في العهد النازي) فقد اشترك كوبر مع الممثلة الألمانية القديمة مارلين ديتريتش في فيلم «الرغبة» وشارك دي سيكا في التمثيل معها في «الملاك الأزرق»، ومثل دي سيكا عددا من الأفلام مع شيفالييه وألف أغنية ذاع صيتها في إيطاليا وهي «كلميني عن الحب يامارييو» مثلما ذاع صيت أغنية «لا بالوما» التي لحنها البرز.ترينا الصور أيضا اليد اليمنى لدي سيكا في أعماله الفنية الناجحة وهو شيزاريه زافاتيني الاسم غير المعروف خارج إيطاليا الذي كان له أثر كبير على حياة دي سيكا المهنية فهو كاتب السيناريو والحوار لأغلب أفلامه رغم اختلافهما في الشخصية والتكوين الثقافي والسلوك تجاه المجتمع والحياة. هناك أيضا الكثير من الوثائق الأصلية والمراسلات الشخصية وحتى البدلة السموكن للسهرات في فيلم «الرجال.. كم هم أنذال» مثل فيه دي سيكا عام 1932 دور العامل الذي يحاول شراء زجاجة عطر من بائعة كان مغرما بجمالها فيأتيها بدراجته البسيطة لكنها لا تأبه لطلبه فيعود إليها مجددا بسيارة رئيسه الفخمة. رأينا أيضا بضع دقائق من أفلامه الشهيرة التي أخرجها لصوفيا لورين مثل «ذهب نابولي» (عام 1954) و«أمس واليوم وغدا» (1963) و«زواج على الطريقة الإيطالية» (1964). أما المقطع من الفيلم الكوميدي «خبز وحب وخيال» فهو مثال لطريقته في الإخراج والتمثيل حيث يمثل بنفسه أمام صوفيا لورين دور الدركي بلباسه الرسمي وهو يرقص معها بخجل أمام الناظرين المتعجبين.

المعروف أن فيتوريو دي سيكا أخرج 36 فيلما سينمائيا آخرها «الرحلة» عام 1974 بطولة ريتشارد بيرتون وصوفيا لورين واشترك كممثل في بطولة 160 فيلما منذ ظهوره لأول مرة على الشاشة عام 1917 في فيلم «محاكمة كليمنسو» أثناء فترة نشاطه المسرحي وكان آخر ظهور له في فيلم «البطل» الذي أخرجه ابنه مانويل للتلفزيون الإيطالي قبل وفاته في باريس عام 1974.

المعرض كان تكريما لفنان كبير في مكان مهيب ليستعيد المسنون ذكريات الشباب وأفلام الصبا وليتعرف الشباب على العمالقة الراسخين في الفن ومستويات إنتاجهم الراقية التي حملت الثقافة الإيطالية إلى الأمام وحولتها إلى إعجاب عالمي في التسلية والمرح أو المآسي الداعية للبكاء. أخرج دي سيكا أفلاما لكبار الممثلين الإيطاليين والإنجليز والأميركان والفرنسيين والسويديين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أمثال مارتشيلو ماستروياني وراف فالوني وأماديو نازاري وباولو ستوبا وبيبينو دي فيليبو وألبرتو سوردي وفيتوريو غاسمان ونينو مانفريدي وابنه كريستيان دي سيكا وجينفر جونز ومونتغومري كليفت وديل روربتسون وماكسيميليان شيل وانيتا اكبرغ وجان بول بلموندو، فهو أحد آباء المدرسة الإيطالية العالمية.

ودعنا المعرض بصورة شارلي شابلن التي وقعها وأهداها إلى دي سيكا معربا عن إعجابه بالفنان الإيطالي المتعدد المواهب فقد أفلح دي سيكا في فيلمه عن أبيه «امبرتو» أن يؤثر على شابلن لدرجة أنه استدر دموعه بعد رؤيته لهذا الفيلم في عرض خاص عام 1952.