قناة «الجزيرة أميركا» تركز كليا على أخبار الولايات المتحدة

ينطلق بثها في أغسطس المقبل.. و40 في المائة من أخبارها تأتي من الدوحة

قناة «الجزيرة أميركا»
TT

تسعى قناة «الجزيرة أميركا» التي ستنطلق في الولايات المتحدة للتركيز على الأخبار المتعلقة بالولايات المتحدة، على الرغم من أنها تحمل اسما أجنبيا. وعندما استحوذ ملاك قناة «الجزيرة» القطرية على قناة «كرنت تي في» التي شارك في تأسيسها نائب الرئيس الأميركي السابق آل جور، صرح هؤلاء الملاك بأن قناة «كرنت» سيجري استبدال قناة «الجزيرة أميركا» بها، التي ستكون قناة إخبارية عالمية يخصص نحو 60 في المائة من برامجها للولايات المتحدة الأميركية، في حين ستأتي الـ40 في المائة المتبقية من قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية في العاصمة القطرية الدوحة، وهي القناة التي تغطي بالفعل معظم أنحاء العالم.

ومع ذلك لم تعد هذه الخطة قائمة، حيث تهدف قناة «الجزيرة أميركا» إلى تخصيص جميع برامجها للأحداث والشؤون الأميركية، حسب تصريحات عاملين بالقناة وغيرهم ممن لهم علاقة بالقناة والذين تم إجراء مقابلات معهم خلال الأسابيع الأخيرة.

وسوف تركز القناة على الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، وبعبارة أخرى سوف تكون أشبه ما يكون بقناة «سي إن إن» الإخبارية (على الرغم من أن العاملين بها قالوا إنهم لن يتناولوا الأخبار بنفس الطريقة المثيرة التي تعتمد عليها شبكة «سي إن إن»)، وقناة «فوكس نيوز» (على الرغم من قولهم إنهم لن يتحركوا بدافع من آرائهم الخاصة).

أما بالنسبة للاستراتيجية التي ستعتمد عليها القناة في تغطية برامجها فستكون أكثر طموحا مما كنا نعتقد في السابق، حيث تهدف القناة إلى جذب الأميركيين وإعطائهم الأسباب والدوافع التي تجعلهم يشاهدونها في ظل المنافسة الكبيرة من القنوات الأخرى. وقد يكون هذا أحد الأسباب التي أدت إلى تأجيل انطلاق القناة من شهر يوليو (تموز) إلى شهر أغسطس (آب)، والتي جعلت بعض العاملين بها يتوقعون تأجيل موعد الانطلاق مرة أخرى.

وعلاوة على ذلك، لم يعين رئيس للقناة أو نواب للرئيس لإدارة القناة على أساس يومي، وهو ما يثير أسئلة غير مريحة بشأن حالة الجدل التي أثيرت في وقت سابق حول قيام هذه القناة الرائدة بخلق صعوبات للقناة الجديدة.

وكانت قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة العربية قد تعرضت لانتقادات كبيرة من جانب الحكومة الأميركية بسبب بث مقاطع فيديو لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وغيرها من المواد التي رأت الولايات المتحدة أنها بمثابة دعاية وترويج للإرهاب. وانتقد آخرون قناتي «الجزيرة» باللغة العربية واللغة الإنجليزية لكونهما البوق الإعلامي لقطر، على الرغم من قيام ممثلي القناة بنفي ذلك. وثمة أسئلة أخرى حول تحيز القناة لأطراف بعينها، كما حدث الأسبوع الماضي عندما تم اتهام الموقع الإلكتروني لقناة «الجزيرة» بنشر مقال معادٍ للسامية.

ومع ذلك، أعرب العاملون بقناة «الجزيرة أميركا» عن ثقتهم في أنهم سيعملون بشكل مستقل ودون أي تدخل. وبدأ البعض بالفعل التدريب على نشرات أخبار وهمية، في حين بدأ آخرون تقديم تقارير إخبارية عن مناطق نادرا ما يجري التركيز عليها من جانب القنوات الإخبارية الأخرى. ولا يزال آخرون يقومون بإنشاء استوديوهات القناة في نيويورك، حيث سيكون للقناة مقر داخل فندق «نيويوركر»، وفي واشنطن، حيث ستعمل القناة في المكان الذي كان مخصصا في السابق لشبكة «إيه بي سي» في متحف «النيوزيام» بشارع بنسلفانيا.

وتستعين القناة بموظفين جدد كل يوم من أيام الأسبوع من أماكن مثل «سي إن إن» و«فرانتلاين» ومجلة «التايم». ويقول إيهاب الشهابي، وهو المدير التنفيذي للعمليات الدولية بالقناة، بما في ذلك قناة «الجزيرة أميركا»: «نتوقع أن يكون لدينا نحو 800 عامل عندما تطلق القناة». ورفض الشهابي التعليق على تأخير انطلاق القناة، ولكنه أشار إلى أنها سوف تنطلق «في وقت لاحق من الصيف الحالي».

ومنذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، والرسالة الشاملة التي تصل من الشهابي وزملائه إلى المشرعين ورؤساء البلديات ومشغلي المحطات والمشاهدين المحتملين هي أن قناة «الجزيرة» قد جاءت إلى الولايات المتحدة لتقدم تغطية تقليدية في بلد لا يوجد به ما يكفي من هذه التغطية الإعلامية.

وقد تم التأكيد على هذه الرسالة عن طريق مجموعة من التصريحات بشأن تعيينات جديدة مثل إيد باوند، وهو صحافي استقصائي محنك، وافتتاح مكاتب جديدة في مدن مثل ديترويت. وتعمل شركات العلاقات العامة وشركات التسويق التي تستعين بها «الجزيرة»، مثل «كورفيس للاتصالات» و«سيجل آند غيل»، على الحد من المعارضة للقناة وزيادة الدعم المقدم لانطلاقها.

ويبدو أن ممثلي «الجزيرة» يدركون أنهم يواجهون تحديا هائلا في عملية الترويج للقناة، ولكنهم يستفيدون من الانطباع العام بأنهم يملكون أموالا طائلة بفضل ثروات قطر من النفط والغاز. لقد صور البعض قناة «الجزيرة أميركا» على أنها مشروع تحفيز عملاق للصحافة الأميركية في الوقت الذي تعاني فيه وكالات الأنباء الأخرى من مشكلات مالية طاحنة تؤدي إلى تقليص العمالة بها. وقال المراسل والمذيع الاقتصادي علي فيلشي عندما ترك «سي إن إن» في شهر أبريل (نيسان) الماضي للعمل في وقت الذروة على قناة «الجزيرة أميركا»: «هذه أول حركة تعيينات كبيرة في مجال الصحافة يشاهدها أي شخص منذ فترة طويلة».

وكانت قناة «الجزيرة» قد حاولت لسنوات طويلة بث قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية – كمنافس لقناة «بي بي سي» و«سي إن إن إنترناشيونال» – في الولايات المتحدة، ولكنها فشلت في ذلك، قبل أن تستحوذ على قناة «كرنت تي في»، وهو ما أعطاها نافذة جديدة لدخول الولايات المتحدة، ويتوقع كثيرون أن تبث قناة «الجزيرة أميركا» نفس برامج قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية والقائمة بالفعل، وهو ما يعطي الأميركيين فرصا أكبر للاطلاع على الأخبار العالمية.

من جهتها، اعترضت شركات البث على تلك الفكرة، قائلة إنها رفضت مرارا بث قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية القائمة بالفعل، وهو ما يعني أن قناة «الجزيرة» لا يمكننها التسلل إلى السوق الأميركية عبر قناة «كرنت»، وفقا لتصريحات عدد كبير من العاملين بقناة «الجزيرة أميركا» الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم في محاولة للحديث بحرية أكبر عن الشؤون الداخلية.

وقال أحد العاملين بالقناة إن الأمر عبارة عن مسألة تنافسية بحتة، مضيفا أنه لكي تجذب الناس لمشاهدة قناتك بدلا من «سي إن إن» أو «إم إس إن بي سي» لا يمكنك تقديم أخبار دولية فحسب، ولكن «يتعين عليك أن تقدم أخبارا دولية لها تأثير على حياة الأميركيين». ونتيجة لذلك، قامت «الجزيرة» بإعادة التفكير في البرامج التي ستقدم على القناة الجديدة وتعيين أميركيين بصورة أكبر مما كان مخطط له في الأساس.

من جهته، رفض الشهابي الحديث عن الأسباب وراء هذه التغييرات، ولكنه أشار إلى أن قناة «الجزيرة أميركا» ستكون «قناة أخبار أميركية تبث أخبارا تهم المشاهد الأميركي». وأضاف: «سوف يختلف التقسيم الدقيق للأخبار من يوم لآخر، اعتمادا على الأخبار ذات الأهمية الإخبارية. نتوقع أن نركز في معظم الأيام على الأخبار المحلية، ولكن وجود 70 مكتبا لقناة (الجزيرة) حول العالم يعني أنه سيكون لدينا قدرة لا مثيل لها لتغطية الأحداث العالمية التي لا يراها الأميركيون في أماكن أخرى. سوف نقوم بذلك عندما يقتضي الأمر».

وتتكون البرامج اليومية للقناة من نشرات الأخبار الحية، مع بعض البرامج الحوارية والوثائقية المسجلة، وفقا لعرض داخلي تم الاطلاع عليه من قبل صحيفة «نيويورك تايمز». وهناك ثلاثة برامج تبثها قناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية من واشنطن، وهي «ذا ستريم» و«إنسيد ستوري أميركانز» و«فولت لاينز»، ستكون ضمن البرامج المؤقتة على القناة الجديدة.

ووفقا للعرض، فإن البرنامج الليلي الرئيس للقناة كان من المقرر أن يحمل اسم «مين ستريت جورنال»، ولكنه أصبح الآن «أميركا تونايت»، وما زال عرضة للتغيير.

وقال الشهابي إن هذا البرنامج «سيبث خمسة أيام في الأسبوع في وقت الذروة وسوف يقدم الأخبار اليومية بالشكل النموذجي وغير المنحاز والموضوعي الذي تتميز به الجزيرة، بما في ذلك أخبار لم تغط في أماكن أخرى».

وكانت القناة قد عينت كيم بوندي، وهو المنتج التنفيذي السابق لشبكة «سي إن إن»، لإدارة البرنامج الجديد، ولكن ما زال يتعين على القناة تعيين مقدم للبرنامج. في الحقيقة، كان فيلشي هو مقدم البرامج الوحيد الذي تعاقدت معه «الجزيرة» حتى الآن.

وتستعين القناة بالكثير من شركات التوظيف التي لديها الكثير من مقدمي البرامج والمراسلين والمسؤولين التنفيذيين. وقال الشهابي: «تجري المناقشات على قدم وساق في ما يتعلق بجميع المناصب العليا». وفي ما يتعلق بمنصب الرئيس، قال الكثير من الموظفين إن «الجزيرة» تحتاج إلى صحافي ذي مكانة مرموقة، بسبب الواقع السياسي لهذا المنصب.

*خدمة نيويورك تايمز