عراقيون يستعينون بكاميرات المراقبة الشخصية لمواجهة العصابات المسلحة

بغداد .. فقدان للأمن وانتشار للعنف في وضح النهار

الكاميرات تلقى رواجا وإقبالا في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

أكثر من كاميرا مراقبة شخصية، حرص المصور الصحافي سعد الله الخالدي، على نصبها وتوزيعها قرب مداخل بيته في منطقة الإعلام (جنوب العاصمة بغداد) بعد تعرضه أكثر من مرة لخطر الاعتداءات والتهديدات التي تصل إليه على مدى عام كامل بسبب عمله الصحافي، وكذلك الحال مع الكثير من العوائل العراقية التي راحت تؤمن حماية كافية لها بنصب كاميرات مراقبة حديثة انتشرت في الأسواق المحلية خلال السنوات الأخيرة بسبب انتشار العصابات المسلحة والميليشيات التي تتجول في وضح النهار على الرغم من انتشار الكثير من نقاط السيطرة التابعة للدولة في المناطق السكنية والشوارع العامة.

وراجت في الأسواق المحلية، محال بيع كاميرات المراقبة بأحجامها وأنواعها ومزيات تصويرها التي حددت ما بين الـ5 أمتار والـ1000 متر، وتتراوح أسعارها بين 100 و2000 دولار، للأحجام الكبيرة، في حين يبلغ سعر نصب نظام كامل (أربع كاميرات) مع جهاز «DVR» (رسيفر) وجهاز خزن لمدة شهر 600 – 700 دولار.

يقول أبو محمد، 38 عاما، صاحب شركة «تاج الشرق» لنصب كافة أنواع الكاميرات وملحقاتها، في منطقة السعدون ببغداد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نوعيات مختلفة الكاميرات، وهي تلقى رواجا وإقبالا من قبل الشركات والوزارات الرسمية والمحال التجارية والسكنية، خصوصا في الآونة الأخيرة بعد فقدان الأمان وشيوع خطر العصابات المسلحة».

وأضاف أبو محمد: «أكثرية الكاميرات صنعت في الصين، إلى جانب كاميرات وأجهزة المراقبة الكورية والكندية الصنع، وقد حصلنا على موافقات رسمية من وزارتي التجارة والداخلية لافتتاح الشركة وكذلك موافقات هيئة الإعلام والاتصالات، التي لا تسمح بنصب كاميرات للشركات الأهلية أو البيوت السكنية بمدى تصوير يزيد على 50 مترا، لاحترازات أمنية وخشية أن تستخدم لمراقبة أناس آخرين».

وأكد أبو محمد أن «الإقبال على شراء الكاميرات، من قبل العوائل العراقية والشركات، زاد أخيرا بنسبة 80 في المائة شهريا بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية وشيوع العصابات المسلحة بقصد السرقة أو عمليات الخطف أو التهديد».

ولفت أبو محمد إلى أن «معظم الطلبات تصل إلينا اليوم من سكنة منطقة الأعظمية (ذات الأغلبية السنية) والتي تشهد موجة احتجاجات بسبب سوء إدارة الحكومة للبلاد، كما أن الجهات الحكومية قد طالبت الأهالي بنصب الكاميرات لأجل التعرف على الجناة».

وعن أهمية هذه الكاميرات في المساعدة على الكشف عن الجرائم والاستدلال على المجرمين، قال أبو محمد: «أكثر من 90 في المائة من الجرائم الكبرى أسهمت الكاميرات بالكشف عن الفاعلين فيها، والجهات الأمنية والتحقيقية تأخذ بما تسجله الكاميرات كأحد الدلائل الجرمية للإدانة».

المصور الصحافي سعد الله الخالدي، الذي سبق أن تعرض لأكثر من محاولة تهديد واعتقال بسبب عمله الصحافي، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف أن العمل الإعلامي في العراق محفوف بالمخاطر، والعراق يحتل المرتبة الأولى بين البلدان التي لا يدان فيها مرتكبو جرائم القتل بحق الصحافيين، بحسب تقرير لمنظمة دولية، لذلك عمدت إلى نصب كاميرتي مراقبة في مدخل بيتي والشارع المؤدي له، وأشعر أن تلك الكاميرات تمكن عائلتي من التعرف على الجناة فيما لو تعرضت لحادث اعتداء».

وأضاف الخالدي: «لا يخلو استخدام كاميرات المراقبة من سلبيات، من بينها استخدامها من قبل بعض ضعاف النفوس لتصوير الفتيات ومراقبة الحياة الشخصية للآخرين بهدف ابتزازهم أو تصوير منازل الأصدقاء ومكاتبهم بقصد السرقة بالتعاون مع شركائهم، وخصوصا الكاميرات السرية التي تتخذ بعضها شكل قلم الحبر أو نظارة شمسية أو ميدالية مفاتيح».

بدورها، رحبت وزارة الداخلية العراقية باستخدام المواطنين كاميرات المراقبة لأجل حماية أنفسهم لكونها أحد الأدلة الجرمية للعثور على الجناة، وقال العميد سعد معن المتحدث الإعلامي للوزارة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «استخدام الكاميرات في الشركات والمحال والبيوت السكنية يعبر عن ثقافة ووعي أمني طوعي نطمح له لأجل تحقيق الأمن الكامل للمواطن ودرء أخطار العناصر المسلحة والعصابات».

وأضاف معن: «غالبا ما نستعين بتسجيلات كاميرات المراقبة كأحد الدلائل الجرمية والتعرف على المتهم، وهي عامل مساعد لردع أصحاب النفوس الضعيفة التي ترمي إلى إلحاق الذعر والخوف في نفوس المواطنين الآمنين».

ونفى العميد معن صدور تعليمات بإلزام أصحاب المحال بنصب كاميرات، وقال: «هي مسألة طوعية، لكنها مفيدة في حالة الكشف عن الجرائم والإقلال منها أيضا».