الدلة القريشية ولدت في مكة وتصنع في حائل لتزين مجالس الرجال

أسعارها تصل مئات الألوف وتتخذ زخارف متنوعة

أنواع الدلال في أحد المحلات المشهورة في مدينة حائل شمال وسط السعودية (خاص «الشرق الأوسط»)
TT

لا شيء يعلو على القريشيات في مجالس الرجال وهي مصفوفة على جنبات النار لتقدم القهوة العربية بمواصفات حائل. مصانع الدلال في حائل يشد لها الرحال للحصول على ما يسمي الزهاب وهي ست من الدلال الصفراء النحاسية يدوية الصنع ذات نقوش تبين، يصل ثمنها أحيانا إلى 10 آلاف دولار.

وتنسب دلة القريشيات إلى قبيلة قريش في مكة المكرمة، حيث كانت تصنع في منطقة الحجاز لتتقل فيما بعد إلى مدينة حائل وسط السعودية لتصبح مركز صناعتها. إذ إنه لم تكن الجزيرة العربية تعرف صناعة الدلال وخصوصا في نجد بل كانت تجلب من بلاد الشام التي يسميها أهالي نجد بالبغداديات أو الشاميات والقريشيات القادمة من الحجاز.

وحينما سألنا سعد الشمري وهو من محبي ومقتني الدلال وصاحب مصنع للدلال في حائل عن أول وصول لها لنجد أوضح أن بعض العارفين أوضحوا أنها كانت آنية تركية تستخدم في مجالات مختلفة قبل أن يحولها العرب وأهل نجد تحديدا لاستخدام القهوة.

وفي الشعر الشعبي خلد كثير من الشعراء وصف القهوة والدلة بوصف زاه جعل الناس يتنافسون في تجهيز القهوة والاهتمام بصف الدلال في صدر المجلس، إذ يقول الشاعر سليم عبد الحي:

في دلة مثعوبها كنه الفاس/ قريشية ما قابلوها الدلاليس ويشير الشمري أن سعر الدلة يحددها مزاج الرجال ومعرفتهم بالشكل والجودة وكذلك النقش. ويضيف أن القريشيات هي أغلى الدلال وزهابها (الزهاب بمعني الأغراض التي تستخدم لصنع القهوة أو ما يصل لعدد 6 دلال) يصل لحدود 40 ألف ريال. وهناك كثير من الأنواع ومختلف الأحجام وأسعارها في تفاوت حيث لا يتجاوز بعضها سعر 500 ريال للزهاب.

وأضاف أنه لم تكن في الجزيرة العربية مصانع للدلال وكانت تأتي من العراق ومن بلاد الشام وهناك مصانع في تلك الدول وتورد لنجد والجزيرة العربية في وقت مضى. موضحا أن هناك دلالا غالية الثمن نقشت عليها التاريخ واسم مستخدمها حيث صنعت لشخص معين وهي «دقة» كما يقال لها وقد يصل سعرها لملايين الريالات.

وفي جولة في سوق الدلال في حائل وجدنا أحد المهتمين بالدلال الذي كان يفاوض على سعر إحدى الدلال وهو مطلق العماش، الذي أوضح أنه قدم من مكة ليشتري بعض القريشيات التي يهتم بوجودها في منزله ويستخدمها في أوقات معينة فقط، فهو يرى أنها يجب أن تكون بجانب النار في الشتاء.

ويبين العماش وهو من مرتادي السوق أن في الفترة الحالية تعاني السوق من ركود كبير قبيل موسم الصيف، حيث تزدهر سوق الدلال مع بداية فصل الشتاء وقامة المخيمات وكذلك شبة النار سواء في المنازل أو في مواقع أخرى. ومن جانب آخر يحرص بعض المهتمين باقتناء أشهر دلال القهوة العربية في منزله حيث يحدد لها موقعا خاصا يعرف بالكمار أو الوجار ويصنع من الجبس الأبيض ويتم تجهيز مكان للدلال لوضعها في الموقع للزينة أمام الضيوف.

وبالعودة لسعد الشمري ذكر أن هناك أنواعا من دلال القهوة يتم تصنيعها حسب طلب الزبون وبأحجام كبيرة للزينة وهذا يتم وفق طلبات خاصة وهي مكلفة حيث يتم صناعتها يدويا وتشكيل بعض الزخارف عليها.

وتعتبر الدلال الحايلية والحجازية والحساوية والحمصية والقريشية من أشهر الدلال في الجزيرة العربية، فيما تستخدم الزهاب المكون من 6 دلال لأغراض إعداد القهوة إذ تسمى الأولى المخمرة وهي أكبر حجما من دلال القهوة العادية وتوضع دائما فوق الجمر وبها الماء الساخن وما تبقى من بقايا الهيل والبن، أما الثانية فتسمى الملقمة وهي الدلة متوسطة الحجم التي يتم فيها تلقيم القهوة بعد نقل جزء من الماء الساخن من الدلة الكبيرة (المخمرة) فيرفع البن من قاعها ويقال: «لقم» القهوة، أي جهزها تمهيدا لصنعها.

والثالثة تسمى المبهارة، وهي أقل حجما من المطباخة وهذه الدلة توضع بها البهارات وتصب عليها القهوة من المطباخة ثم تقرب من النار، أما الرابعة فتسمى المزلة وهي أصغر الدلال المستخدمة في عمل القهوة، وتستخدم بعد طبخ القهوة في الدلة المتوسطة، حيث يصب فيها صافي القهوة، ويقال «زل» القهوة، ثم يوضع بها الهيل، وتستخدم لتقديم القهوة، حيث تصب في الفناجين، وذلك لخفة وسهولة حملها بحيث لا تتعب صباب القهوة، فيما المتبقي اثنتان تستخدم أيضا لصب القهوة.