فوبيا انعدام الأمن تدفع المصريين لاقتناء كلاب الحراسة

إقبال متزايد على شرائها ولها مراكز تدريب وفندقة خاصة

العميد محمد عمر ومعه أحد كلاب الحراسة من فصيلة الجيرمن شيبرد
TT

لا يبدو النموذج المصري شبيها بنظيره الأميركي فيما يتعلق باقتناء حيوان أليف كالكلب، وهو أمر بات يمثل ظاهرة في العاصمة المصرية في الوقت الراهن بعد أن تراجع الإحساس بالأمن في البلاد بعد عامين ونصف العام من ثورة 25 يناير، وبينما يمثل امتلاك الكلاب مثالا للأسرة الأميركية المستقرة في السلم الاجتماعي، يبدو الوضع في القاهرة أكثر تعقيدا.

خلال العقد الماضي، تشكل حزام من المجمعات السكنية الراقية يحيط بخاصرة القاهرة، ومال سكان الفيللات الفارهة التي تحيط بها حدائق صغيرة إلى تقليد النموذج الأميركي، الذي يظهر عادة في حرص رؤساء الولايات المتحدة على الظهور بصحبة حيوانهم الأليف. وحول هذه الرغبات المصرية الجديدة، بدأت تظهر على استحياء العيادات البيطرية، ولم تعد محال التسوق الكبرى تخلو من ركن مختص بأكل الكلاب المجفف.

لكن تدهور الحالة الأمنية في البلاد عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) قبل عامين، وانتشار ظاهرة السرقة بالإكراه، دفعا أبناء الطبقة المتوسطة العليا للجوء إلى اقتناء كلاب الحراسة للتقليل من حدة مخاوفهم.

وتأسست فوق البنية التي تشكلت مع انتشار الكلاب في الأوساط الراقية مؤسسات أكبر، فأقيمت عدة مستشفيات للحيوانات الأليفة، وظهرت مراكز تدريب الكلاب وأماكن لاستضافتها خلال فترات تغيب أصحابها، وتجمع محبي تربية الكلاب على شبكات التواصل الاجتماعي، مؤسسين للكثير من المجموعات الخاصة بهم لتبادل الخبرات والتسويق.

حاتم السيد، قرر اقتناء كلب حراسة في بدايات العام الماضي، يقول: «أسكن في منطقة على أطراف القاهرة، وفي ظل الأوضاع الأمنية الحالية وتغيبي عن البيت مع وجود زوجتي وابنتي الصغيرة لفترات طويلة وحدهما - قررت اقتناء كلب للحراسة». ويضيف: «وجود الكلب يرهب المتطفلين.. وأعتقد أن من يجد كلبا في المنزل يفضل تجنبه على الأقل».

لكن أميرة، زوجة السيد، تعتقد أنه يستغل الأوضاع الأمنية لإشباع رغبة قديمة، تقول: «بصراحة، هو يتحجج بمسألة الأمن، صحيح أنا أشعر بطمأنينة أكبر في وجود الكلب، لكنه فكر في الأمر لتحقيق أمنيته في تربية الكلاب».

في المقابل، يؤكد أحمد الزين، وهو أحد مدربي للكلاب، أن عددا كبيرا من الأسر المصرية، خاصة من الشباب، اتجهوا خلال السنتين الماضيتين إلى شراء كلاب الحراسة، يقول: «هناك إقبال كبير على الكلاب، خاصة الجيرمن شيبرد أو الراعي الألماني والروت فايلر، لأنها من أشهر كلاب الحراسة في مصر».

من جانبه، يقول العميد محمد عمر، مؤسس الأكاديمية الدولية لتدريب الكلاب، إن السبب الحقيقي خلف انتشار ظاهرة تربية الكلاب يعود لظهور التجمعات السكنية الراقية والفيللات التي تحتاج إلى الحراسة.

ويشير العميد عمر إلى أن المزاج المصري اختلف خلال الفترة الأخيرة ولم تعد النوعيات الرائجة كما كانت، يقول: «قبل سنوات، كانت بعض الأسر تقتني نوعيات مثل الغولدن رتريفر واللابرادور، وهي نوعيات غير شرسة إطلاقا وتصلح للتربية في المنازل، لكن الآن الاتجاه أكثر لكلاب الحراسة».

ويضيف: «النوع الأكثر انتشارا هو الجيرمن شيبرد، والأنواع الجديدة منه يبدأ سعرها من 3000 جنيه (430 دولارا) بالنسبة للجراء الصغيرة، وتصل إذا كان الكلب من سلالة جيدة ومستوردا من الخارج إلى 20000 جنيه (2850 دولارا). أمام النوع الثاني من حيث الانتشار، فهو الروت فيلر وهو تقريبا بنفس متوسط الأسعار».

وتخضع الكلاب للتدريبات في أكاديميات بدأت تنتشر في أحياء عدة بالقاهرة، ويقول العميد عمر: «للأسف، معظم هذه الأكاديميات يديرها أناس غير متخصصين، لذلك هناك ضرورة مع وجود هذا الانتشار إلى وجود تنظيم»، ويشير إلى أنه حتى المجموعات التي تنتشر حاليا على شبكات التواصل الاجتماعي تحتاج أيضا للتنظيم والرقابة، لكي لا يتعرض البعض لعمليات نصب.

ويحتاج الراغب في تربية الكلاب إلى معرفة جيدة بما يسمونه في أوساط محبي تربية الكلاب «التقليب الجيد للكلب»، وهو أمر يحتاج إلى خبير لفحص السلالات الجيدة الأصيلة من السلالات الهجين، كما نشأت الحاجة لوجود أماكن لاستضافة الكلاب في حال سفر أصحابها لبعض الوقت.

ومع وجود حاجة ضرورية لقيام الكلاب بدورها في الحراسة، تأتي أهمية التدريب الذي يخضع له الكلاب لتعلم طاعة صاحبه وكذلك الشراسة في مواجهة المتطفلين أو اللصوص. وتكلفة تدريب الكلاب تبدأ من 1500 جنيه للكورس الأول، وتصل إلى 2500 جنيه.

ويؤكد العميد عمر أن «مسألة تدريب الكلاب تتداخل فيها عدة عوامل؛ أولا مدى ذكاء الكلب وقدرته على التعلم، والعمر الذي يبدأ فيه تلقي التدريب، وأخيرا كفاءة المدرب نفسه وقدرته على التعامل مع الكلاب».