التغير المناخي يجبر روسيا على إخلاء محطة للأبحاث العلمية في القطب الشمالي

الممرات الملاحية الخالية من الجليد تقلل المسافة بين أوروبا وآسيا بما في ذلك المرور عبر قناة السويس

عملية الإخلاء ربما تستمر لثلاثة أسابيع
TT

تستعد روسيا لإجلاء 16 عالما يعملون في محطتها البحثية في القطب الشمالي المعروفة باسم «نورث بول 40» (إس بي - 40) بعد أن بدأت طبقة الجليد التي أقيمت عليها في التصدع بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

ويقول فلادمير سوكولوف، رئيس البعثات الروسية للقطب الشمالي لوكالة الأنباء الروسية «ريا نوفوستي»: «التصدعات تتزايد بشكل كبير».

وغادرت واحدة من أقوى كاسحات الجليد في العالم «يآمال»، التي تبلغ قوتها 75 ألف حصان وتعمل بالطاقة النووية، في طريقها إلى مورمانسك لتصل إلى المحطة الطافية في بحر بوفورت في رحلة من المتوقع أن تستغرق نحو 10 أيام لبدء عملية إخلاء ربما تستمر لثلاثة أسابيع.

وأضاف سوكولوف «أننا نقترب من حالة طوارئ حقيقية».

وإلى جانب خطر فقدان أرواح ومنشآت بحثية، من الممكن أن يتسبب انهيار طبقة الجليد، التي يصل سمكها ما بين 2 إلى 4 أمتار، في تلوث الساحل الشمالي النقي بكندا جراء زيوت التشحيم والنفايات الخاصة بالمحطة.

ويقول فلاديمير شابروف، منسق برنامج الطاقة في منظمة «جرينبيس روسيا»: «نأمل أن يدرك الكرملين أخيرا مدى خطورة مثل هذه الأعمال».

وكانت روسيا قد أخلت محطة أبحاث في ظروف مماثلة عام 2010. وتقوم محطة (إس بي - 40) بدراسة التغيرات المناخية في منطقة القطب الشمالي أكتوبر (تشرين الأول) 2012.

وتنشط روسيا أيضا على نحو ملحوظ في القطب الجنوبي. ففي مطلع العام الماضي، تمكن علماء روس من الحفر عبر ما يقرب من 4 كيلومترات من الجليد وصولا إلى بحيرة فوستوك في القطب الجنوبي. ويعتقد الخبراء أن البحيرة تحت الجليدية انفصلت عن السطح منذ ملايين السنين.

وفي الوقت الذي يحذر فيه نقاد من أن النظام البيئي للبحيرة الذي لم يمس تقريبا يمكن أن يتعرض للتدمير، يأمل العلماء في جميع أنحاء العالم في رؤى جديدة لمواجهة تغير المناخ.

ولا تقتصر المصالح القطبية لروسيا على الأبحاث العلمية فقط - بل تستهدف أيضا احتياطيات النفط والغاز الطبيعي التي تتجاوز قيمتها مليارات الدولارات.

ففي عام 2007. نزلت غواصتان روسيتان صغيرتان إلى عمق 4261 مترا تحت الغطاء الجليدي وثبتتا علما روسيا مصنوعا من التيتانيوم للإعلان رمزيا عن حق روسيا في منطقة «لومونوسوف ريدج» الغنية بالموارد الطبيعية تحت الماء، والتي تقسم المحيط المتجمد الشمالي إلى حوضين رئيسيين. وقال ارتور تشيلينجاروف، قائد الحملة الروسية الممثل الرئاسي الخاص للتعاون الدولي في القطب الشمالي والقطب الجنوبي «إن القطب الشمالي روسي». وتقول روسيا إن سلسلة الأراضي المرتفعة هي جزء من جرفها القاري وتأمل أن توافق الأمم المتحدة على مطلبها. كما أن دول القطب الشمالي الأخرى - الولايات المتحدة وكندا والنرويج والدنمارك عبر سيطرتها على منطقة غرينلاند - لديها اهتمام بالثروات الطبيعية. وبفضل ذوبان الجليد والتكنولوجيا الحديثة بات استخراج موارد القطب الشمالي التي كان يتعذر الوصول إليها في السابق أمرا ممكنا بصورة أكبر من ذي قبل.

كما بدأ يظهر تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على الملاحة. فمن شأن الممرات الملاحية الخالية من الجليد في المحيط المتجمد الشمالي أن تقلل من مسافة الرحلات البحرية بين أوروبا وآسيا إلى نحو 14 ألف كيلومترا فقط بدلا من 21 ألف كيلومترا حاليا، التي تشمل المرور عبر قناة السويس.

ويعلق شابروف، الخبير في مجال البيئة، قائلا: «يحب السياسيون أن يقولوا إن ذوبان الجليد يفتح آفاقا جديدة أمام طرق النقل واستخراج الموارد الطبيعية. لكن هل نحن حقا بحاجة لأن نضحي بآخر ما تبقى من مناطق بكر من أجل تحقيق الربح؟».