«كتاب المورمونز» تنتقل من برودواي إلى الوست إند في لندن

مسرحية بلا ضوابط أو كوميديا واقعية حديثة

فاصل راقص من المسرحية
TT

«كتاب المورمون» مسرحية موسيقية صادحة سبق لها أن تم افتتاحها على مسارح برودواي قبل نحو عامين. لكن لا تتوقع، إذا ما كنت تميل للاعتقاد بأن المسرحيات الموسيقية ما زالت خشبة لأعمال عائلية أو أدبية، عملا من هذا النوع. حضر نفسك، إذا ما كنت ترغب في مشاهدتها وقد انتقلت إلى بعض مسارح لندن، أن تسمع كلاما نابيا وسخرية لاذعة تقترب من الإحراج.

الحدة في الموقف تبدو الغاية، أو واحدة من الغايات الأساس في هذا العمل. لقاء بين الكاتبين الكوميديين مات ستون وتري باركر وبين مصمم الرقصات كايسي نيكولو والمؤلف الموسيقي المسرحي روبرت لوبيز. لكن ما قدمه هذا الرباعي على برودواي، نيويورك، لا ينتقل بكامله إلى «الوست إند» في لندن. كنيسة «المرمونز» (وهم جماعة من المتدينين المسيحيين المتواجدين بكثافة في سولت لايك سيتي عاصمة ولاية أوهايو)، قد تكون نكتة سهلة لدى الأميركيين تبعا لثقافة أكثر استعدادا للسخرية من الثوابت والأفكار، لكن هنا في لندن فإن النكتة أصعب تحقيقا. يتمسك المشاهد ذو الثقافة الأوروبية بالبحث عن السبب ولا يجده.

يتحدث العمل عن رجلين من المورمون أحدهما عليه تعليم المنتسب الجديد ما تقوم عليه الكنيسة المورمونية من أسس وقواعد، وهذا يلعب كمبرر لقيامهما برحلة إلى قلب أفريقيا للوقوف على مشاكلها. في استقبالهما قبائل وميليشيات تشتمهما بلغات محلية لكنهما لا يدركان ذلك إلا لاحقا. كذلك في استقبالهما مشاكل أفريقية متوارثة مثل المجاعة والقحط ومرض الإيدز وختان الإناث وكل ذلك يمنح المسرحية مشاهد متلاحقة من الضحك.. أو من الضحك المحتمل، يعود ذلك إلى أي درجة ترحب، كمشاهد عادي، بالبذيء من اللسان الذي بات، في الاستخدامات اليومية العامة، متداولا على نحو طبيعي، لكنه ما زال يخدش الأذن التي اعتبرت أن المسرح أحد معاقل القيم الفنية والأخلاقية.

طبعا، من الممكن أن يجد المرء دافعا مقبولا يبرر هذا السياق: كل من تراي باركر ومات ستون وقفا وراء المسلسل التلفزيوني الساخر «ساوث بارك» ومنوالهما الساخر والحاد هناك بنى لهما مجدا ونجاحا إعلاميا وتجاريا، وما يقومان به هنا هو ممارسة هذا المنوال نفسه ولديهما الكثير مما يستطيعان الاستعارة منه في هذا الشأن. لديهما أخلاقيات ومبادئ وشرائع المورمونز، ولديهما حبكة فيلم «الملك الأسد» التي تتيح لهما مجالا واسعا لتقديم الأفريقيين كقوم ما زالوا محافظين على أساليب فهمهم للحياة وغير عابئين بالقيم الغربية الحديثة. في ذلك، وعلى نحو واضح، تنميط سهل وساذج، لكن المسرحية تحول هذا التنميط إلى سلاح يعمل ضد النظرة الغربية إلى أفريقيا والأفريقيين.

«الملك الأسد» ليس الفيلم الوحيد الذي يمد المسرحية بالأفكار بل هناك مسرحيات وأفلام أخرى مثل «الملك وأنا» و«أوكلاهوما» (دراما مسرحية غنائية شهيرة). كذلك هناك سخرية من شخصيات راحلة وأخرى حاضرة مثل أدولف هتلر وجنغيز خان، كما من جفري دامر والمغني وعازف الغيتار جوني كوشران.

كل هذه العناصر موظفة فنيا على نحو متلاحم. لا شكوى هنا، لكن السذاجة التي تطغى على سطح العمل واضحة. لا أحد يقول: إن الكتابة عليها أن تستعير من «هاملت» أو «الخال فانيا»، لكن الضحك من الإيمان (بصرف النظر عن الديانة أو فرع ما منها) لا يمر بأي فلتر هنا، بل ينطلق مستبيحا ويستسهل أهدافه. إنه في محصلته كضحك المسرحيات المصرية من شخصية الصعيدي مثلا أو من نكات اللبنانيين على شخصية «أبو عبد». تبدأ مثيرة وبريئة وتنتهي عنصرية.

التوزيع الموسيقي لهذه الملهاة وتصميم الرقصات لا غبار عليه، كذلك تصميم الإنتاج الذي يمنح المسرحية قيمة فنية أعلى من قيمتها الفكرية. صحيح أنه لا يأتي بجديد يضاف إلى الجهد المبذول، مثلا، في المسرحية الغنائية الأكثر نجاحا «البائسون»، لكن ما يوفره ببعض البذخ من ألوان خلفية وشغل على ديكور متنوع يرفع من القيمة الفنية للعمل.