متحف الشرقية.. مخزن تراث حضاري

بعد عامين من بدء العمل في إنشائه لا يزال مستقبله مجهولا

لدى متحف الشرقية مخزون كبير من الآثار لكل حقبة تاريخية («الشرق الأوسط»)
TT

يقول عبد الحميد الحشاش، مدير متحف الدمام «ليست لدينا أية أنشطة متحفية، فلم نعد نستقبل طلاب المدارس، كل ما لدينا مخزن مليء بالقطع الأثرية ومجموعة مكاتب، ولا توجد لدينا أي مساحة إضافية لأي نشاط يمكن القيام به».

يحدث هذا بعد أن رصدت الهيئة العامة للسياحة والآثار 45 مليون ريال لبناء المتحف الإقليمي، وبعد عامين من بدء العمل في المبنى الذي طرح كمعلم من معالم مدينة الدمام. وفي الواقع لا يزال المتحف الذي يضم آلاف القطع الأثرية يحتل جزءا من مبنى المكتبة العامة بالدمام، كموقع مؤقت منذ الإعلان عنه في عام 1985، وحتى الآن لم يطرأ أي تغيير عليه رغم مشاركة باحثيه الفاعلة في الكشوفات الأثرية التي شهدتها المنطقة الشرقية، والتي كان من أبرزها مدينتان تعودان إلى 1300 سنة مضت.

تم وضع حجر الأساس لمبنى المتحف في يونيو (حزيران) عام 2011، بمساحة بلغت حينها 17.8 ألف متر مربع، ويضم في المخطط المعد له 7 قاعات، وقاعة للعروض الزائرة، وقاعات الفصول التعليمية، وقسم الترميم للقطع الأثرية، والمكتبة ومكاتب الباحثين. وقد استبشر القائمون على المتحف خيرا فهو سيكون معلما سياحيا مميزا لمدينة الدمام (بحسب التصميم) على واجهتها البحرية، إلا أن المشروع دخل مرحلة الركود والتمديد، بينما اكتفى مدير المتحف بـ«ليس لدي ما أقوله».

تغيرت المعطيات بعدما تغيرت الأرض المخصصة للمتحف، بحسب المهندس عبد المحسن أبانمي مدير عام الإدارة الهندسية بالهيئة العامة للسياحة والآثار، بسبب عدم مطابقة المخططات ووثائق المشروع للأرض الجديدة التي تم تخصيصها بعد التصميم. ويضيف أبانمي «يجري في الفترة الراهنة تصحيح وضع المشروع من الناحية التعاقدية، وسينجز المشروع بعد 16 شهرا مقبلة». الجدير ذكره أن نسبة الإنجاز لم تتعد 12 في المائة من المشروع، حيث تم الانتهاء من كامل طبقات الردم الصخري وصب الخرسانة العادية، وجار فرد طبقات العزل والحماية تمهيدا للبدء في أعمال الأساسات.

تم إنشاء متحف الدمام في عام 1985، وكان واحدا من سلسلة متاحف أقامتها وأشرفت عليها وزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم لاحقا)، حيث كانت ضمن وكالات الوزارة حينها وكالة معينة بالآثار والمتاحف قبل أن تنتقل مهمة إدارة المتاحف من وزارة التربية والتعليم إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار.

ويضم متحف الدمام الإقليمي من الآثار والشواهد الأثرية ما يدل على غنى المنطقة الشرقية بموروثها الحضاري على امتداد العصور، حيث يضم آثارا تعود إلى ما قبل التاريخ.

ولدى المتحف مخزون كبير من الآثار لكل حقبة تاريخية منذ العصر الحجري وما قبل التاريخ مرورا بمرحلة ثقافة العبيد وهم القبائل الذي عاشوا في المنطقة الشرقية قبل الميلاد بنحو 4500 عام، ثم الحضارات التي تلتها وحتى الحضارة الإسلامية. ويشرف الباحثون في المتحف على الأقل على الكشوفات الأثرية وترميم الآثار في مدينتين أثريتين تم الكشف عنهما مؤخرا، الأولى في مدينة الدمام وتعود عمرها إلى 1300 سنة مضت، والمدينة الأثرية الثانية في مدينة الجبيل وتعود إلى 1200 سنة مضت، إضافة إلى عدد من المواقع الأثرية في المنطقة.

ويضم المتحف من الآثار والقطع الأثرية كثيرا من الآثار التي تعود إلى حقب زمنية مختلفة، ويشرف ممثل لوكالة الآثار على عدد من المواقع الغنية بالآثار مثل ثاج، وهي أحد مراكز التجمع البشري في المنطقة منذ العصر الجاهلي، كما عثر على العديد من الآثار والرسومات والنقوش في مواقع متعددة من المنطقة والتي تعود إلى حقب زمنية قديمة.

ويضم المتحف الكثير من القطع الأثرية التي تعود إلى حقبة العبيد التي عمت المنطقة قبل 4300 سنة قبل الميلاد، والتي لا تعد حضارة بالمعنى الحرفي للحضارة وإنما ثقافة، حيث انتشرت قبائل العبيد في المنطقة الشرقية وتركت الكثير من الدلائل الأثرية على حياتها في المنطقة. وتم جمع كمية كبيرة من آثار «ثقافة» العبيد من الفخاريات وبعض قطع القار الذي كان يستخدم لسقف المنازل تعود لحقب زمنية تسبق حضارة ما بين النهرين، كما تم الكشف عن الكثير من المقابر التي تعود إلى حقب زمنية مختلفة، ففي أحد الكشوفات الأثرية تم العثور على نحو 500 قبر في مدينة الظهران وحدها. كما يضم المتحف بعض الآثار التي جمعت من أماكن متفرقة من المنطقة الشرقية من شواهد للقبور كتب عليها بالخط المسماري وخط المسند (الخط المنتشر في جنوب شبه الجزيرة العربية).

قدرات المتحف بحسب القائمين عليه كبيرة، فهو يضم مقتنيات أثرية كثيرة كانت وما زالت منذ سنوات عديدة حبيسة المخازن، والمتحف عندما كان يستقبل الزوار كان يعرض من مقتنياته الأثرية نحو 3 آلاف قطعة فقط.