الفن يمكن أن يصنع المعجزات، ويجمع الفرقاء، ويوحد الشعوب والثقافات، فإذا كانت هذه بديهة فإن الفنانة الكردية العراقية برواز حسين استطاعت أن تحقق ذلك بصوتها وأدائها الغنائي المتميز وتجمع الفرقاء السياسيين الأكراد وتوحد أصوات العراقيين من مختلف القوميات والأديان والطوائف عندما صوت لها مئات الآلاف من العراقيين من الأكراد والعرب والتركمان، مسلمين وغير مسلمين.
برواز حسين التي اقتحمت مسرح برنامج (أراب آيدول) الذي تقدمه محطة (إم بي سي) العربية معتمدة على موهبتها وثقتها بنفسها وجاعلة من ابتسامتها الجميلة وإطلالتها الكردية المميزة عنوان حضورها وحافز تحديها ومنافستها لأصوات عربية من جميع أنحاء العالم، معبرة عن انتمائها القومي والوطني بوضوح وشفافية لا لبس فيه (كردستان العراق) معرفة المشاهدين بوجود الإقليم الكردي فنيا وثقافيا وليس سياسيا فحسب، مع أنها تدرك أن البرنامج عربي بحت وأنه لم يسبق لأحد قبلها أن خاض هذه المنافسات من قومية أخرى، لتؤكد كرديتها قوميا وثقافيا، وعراقيتها وطنيا، فهي لم تقل أنا من كردستان وحسب بل حددت بيقين انتماءها الذي عرف المشاهدين بأن العراقيين إنما هم من الأكراد والعرب، وأن الأكراد جزء مهم من الشعب العراقي.
برواز حسين وحدت السياسيين الأكراد المختلفين راهنا حول دستور الإقليم وقوانينه، إذ تحدث رئيس الإقليم مسعود بارزاني بصفحته الشخصية على الـ«فيس بوك» عنها، وأعرب عن إعجابه بالنجاح الذي حققته برواز، فيما أعلن رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني عن دعمه الكامل لها، بل إنه صوت لها عبر رسالة نصية داعيا أبناء الشعب الكردي إلى مؤازرتها بهذه المرحلة الحاسمة.
من جانبه وفي تصريح خص به «الشرق الأوسط» أكد الدكتور برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني «أن وصول فتاة كردية إلى برنامج بمستوى أراب آيدول، يثير الإعجاب والفخر بالنسبة لنا، ولذلك أنا أعتز بها وأقدر جرأتها وشجاعتها بخوض هذه المغامرة التي لا يقدر عليها الكثيرون، وبرواز استطاعت لوحدها أن تنقل الفن الكردي إلى فضاء أوسع بالعالم العربي، ولذلك تستحق أن نعتبرها سفيرتنا للفن الكردي». وأضاف صالح: «إن الدعم الذي تلقاه برواز من مختلف الدول العربية يؤكد حقيقة أن الفن هو لغة التواصل الإنساني في عالم اليوم، وإن ما تقوم به هذه الفنانة الكردية دليل على وجود الجمال والإبداع في كردستان، وهو دليل مضاف أيضا على أن الفن والثقافة والموسيقى الكردية تتمازج وتتداخل بشكل إيجابي مع الموسيقى العربية، والأهم من ذلك هو أن الفن الجميل والأصيل هو الوسيلة والأداة لدحر قوى الشر والظلام». وبعد أن حضر نائب رئيس حكومة الإقليم عماد أحمد ببرنامج أراب آيدول ليؤكد دعم حكومته للمتسابقة الكردية.
وفي ظل الخلافات التي نشأت مؤخرا بين أحزاب المعارضة والسلطة في إقليم كردستان العراق بشأن جملة من القوانين المعروضة على البرلمان المحلي، كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول التوافقات السياسية بشأن القضايا التي لها أبعاد وطنية وقومية بكردستان، وفي مقدمتها مشروع الدستور الذي يثير خلافات عميقة بين القوى والأحزاب الكردية، وهي خلافات تنذر بانقسام الإقليم وتمزقه كما تتوقع بعض المصادر القيادية، بسبب عدم توافق الأطراف السياسية على حل يرضي طرفي المعادلة. والسجال متواصل، والانتقادات والاتهامات تتبادل في ظل فشل القوى السياسية بكردستان على حل توافقي لمشكلة الدستور. ويبدو أن المتسابقة الكردية برواز حسين أصبحت هي وحدها محل توافق وتفاهم جميع القوى الكردستانية، بعد تحول دعمها بالمراحل النهائية لبرنامج «أراب آيدول» إلى مسألة لها فعلا أبعاد وطنية وقومية، من خلال إجماع الشارع الكردي من جهة، والأطراف السياسية من جهة أخرى على دعمها في هذه المرحلة. فالخلاف الدستوري فرقهم، وبرواز وحدها نجحت بجمعهم.
أصبحت برواز حسين هي الوحيدة من بين المتسابقين تمثل العراق بعد خروج عدد من المتسابقين من البرنامج، وهذا ما دفع بشركة «آسيا سيل» التي تغطي خدماتها جميع أنحاء العراق إلى فتح خطوطها لإرسال رسائل الدعم لها بمختلف المحافظات، وأعلنت لذلك تخفيضا كبيرا بنسبة 60% بسعر الرسائل الذي كان 1200 دينار، فخفضته الشركة إلى 480 دينارا لحشد الدعم للمتسابقة الكردية العراقية بغية تأهيلها للمراحل الأخيرة من البرنامج، خاصة أن المرحلة الحالية أصبحت حاسمة، حيث يخرج اليوم اثنان من المتسابقين.
إلى ذلك وجهت هيئة السياحة بإقليم كردستان دعوة رسمية إلى لجنة التحكيم المؤلفة من الفنانين (راغب علامة ونانسي عجرم وأحلام وحسن الشافعي) لزيارة كردستان، وتنظيم جولات سياحية لتعريفهم بجمال طبيعة كردستان. وقدمت الهيئة شكرها وتقديرها للجنة التحكيم لمؤازرتها بتعريف أربيل عاصمة للسياحة العربية لعام 2014.