«مينت بولو» يطلق شرارة الفعاليات الصيفية ببريطانيا بمشاركة عربية

لعبة الكرة والصولجان لا تزال لصيقة بالطبقات الأرستقراطية

لقطة من مباراة أبوظبي وموسكو
TT

«عندما يتعب المرء من لندن، فإنه في الحقيقة تعب من الحياة» هذا ما قاله الكاتب صامويل جونسون في عام 1777، وكان على حق، لأن كل جوانب لندن تتنفس الفن والثقافة والنشاطات الاجتماعية لا سيما هذه الأيام مع انطلاق الموسم الصيفي.

وإذا كانت منطقة أسكوت هي أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر النشاطات الصيفية، فإن هناك مناطق وفعاليات أخرى تحاول أن تسجل اسمها كتقليد في هذا البرنامج الصيفي مثل حديقة «هيرلينغتون»، الواقعة بالقرب من منطقة «فولهام» بلندن. فقد كانت قبل الحرب العالمية الثانية من أهم الملاعب الخاصة بلعبة البولو، لكنها عرفت بعد ذلك تجاهلا دام عقودا، إلى أن قام المسؤولون في عام 1999، باستعادة حقها في احتضان هذه اللعبة. وهذا ما تطلق عليه حاليا «مينت بولو إن ذي بارك» (Mint Polo in The Park) على مدى ثلاثة أيام من الـ7 إلى الـ9 من شهر يونيو (حزيران) من كل عام.

في دورته الخامسة، يوم الجمعة الماضي، بدأ الطقس غائما لكن دافئا، مما أعطى بعض الأمل بأن الشمس قد تشرق في أي لحظة، أو هذا على الأقل ما كانت تأمل فيه الحاضرات اللواتي ارتدين فساتين صيفية خفيفة ومنسدلة من الحرير أو الجيرسيه في الغالب، وتخلت أغلبهن على المعاطف. الرجال في المقابل كانوا أكثر تحسبا لتقلبات الجو بسترات البلايزر أو الكنزات الصوفية المفتوحة. كانوا أيضا أكثر جرأة من حيث الألوان، إذ قلما ترى واحدا منهم لم يعانق موضة هذا الموسم، التي تتغنى ببنطلونات بألوان صارخة مثل الأحمر أو الأخضر أو الأرغواني شكلت خلفية رائعة ليوم رمادي. فقد قررت الشمس أن تحجب أشعتها، وقبيل بدء المباريات بربع ساعة بدأت الأمطار تتساقط بين الفينة والأخرى. وعلى الرغم من أن المطر وفعالية في مكان مفتوح لا يتماشيان، فإن نظرة للحضور البريطاني، تجعلك تشعر بأنك نشاز في تفكيرك هذا، فالكل تعامل مع مداهمة المطر كتحصيل حاصل، أو كأسلوب حياة. لم تتأثر السيدات ولا الرجال، وظل الكل يتابع المباريات الساخنة بين فريقي «بيجين» و«بيونس آيرس» وفريقي «لندن» و«سيدني» ثم بين فريقي «موسكو» و«أبوظبي»، التي كانت سخونتها تنتقل إلى الحضور مع كل هدف يتم تسجيله من قبل فريق «أبوظبي» الذي أظهر مهارة عالية وحقق السبق. كان واضحا أن ليس كل الحضور من عشاق اللعبة أو حتى فاهما لقوانينها أو ملمّا بأسماء الفرق المتنافسة، بقدر ما هم هنا للاستمتاع بالأجواء العامة والمرح. أكبر مثال على هذا أنه كلما سجل أحد الفريقين هدفا، تعالت الموسيقى الصاخبة لثوانٍ معها التصفيقات ثم تتهادى الأجسام يمنة ويسرة. وبعد ربع ساعة تقريبا من نهاية أي شوط، وبمجرد خروج اللاعبين للاستراحة وتغيير المهور، تُفتح الأبواب لكي يسرح الحضور ويمرح في الملعب في تقليد معروف يقومون فيه بطمر الحفر التي خلفتها ضربات عصي اللاعبين على الأرض، ثم يعودون بعدها إلى أماكنهم، ليبدأ الشوط الثاني، وهكذا دواليك.

تجدر الإشارة إلى أن لعبة البولو ارتبطت تاريخيا بالنخبة والطبقات الأرستقراطية، ويقال إن قدماء الفرس أطلقوا عليها لعبة الكرة والصولجان، إلا أنها وبشكلها الذي تمارسه به اليوم، تعود إلى عام 1862م عندما تعلمها مجموعة من الضباط البريطانيين من بعض فرسان البنجاب بالهند، أحضروها معهم، أول مرة إلى إنجلترا عام 1869م. ولا تزال إلى الآن لصيقة بالطبقات الأرستقراطية. ما إن تذكر حتى تتبادر صور الأمير تشارلز وأقرانه يمررون الكرة بعصي طويلة تشبه المطارق وهم على مهور رشيقة في استعراض رائع لخفتهم وقدرتهم على السيطرة على المهر والكرة في الوقت ذاته. لكن برأي كثير من عشاق هذه اللعبة فإن الأبطال الحقيقيين هنا المهور. فتدريبها يستغرق من ستة أشهر إلى سنة تقريبا حتى تتقن مهارات الوقوف بسرعة والدوران والانحراف، ومعاودة العدو بأقل قدر من فقدان السرعة. لهذا يتم تغييرها بشكل دائم خلال المباريات حتى تحافظ على لياقتها ولا تتعرض للتعب.

وأفضل الأنواع هي الأرجنتينية مثل المهرة جاكلين، التي امتطاها أوسكار مانسيني من فريق «بيونس آيرس» وسرقت الأضواء. تبلغ من العمر ست سنوات، وكان من المفترض أن تصبح مهرة سباق لكنها لم تنجح في الاختبار مما استدعى تدريبها للعبة البولو.

تجدر الإشارة إلى أن فريق «أبو ظبي» فاز على فريق «موسكو» بخمسة أهداف مقابل ثلاثة يوم الجمعة الماضي، وعلى فريق «لندن» بأربعة أهداف مقابل ثلاثة يوم أمس السبت.