«آرت سبيس» في لندن يستضيف معرض «من فلسطين مع الأمل»

يقدم أعمالا للفنانين جعفر خالد وطارق الغصين

عمل للفنان جعفر خالدي
TT

عند دخول المساحة البيضاء من صالة «آرت سبيس» الفنية في لندن يباغتك اللونان الوردي والأخضر يرحبان بك بهواء منعش غير متوقع. ويقدم المعرض المقام حاليا في صالة عرض «أرت سبيس لندن»، الذي يحمل عنوان «من فلسطين مع الأمل»، للمتلقين أنماطا إدراكية أخرى للثمن الإنساني الذي يدفع في فلسطين. يهدف المعرض، الذي يضم أعمال فنانين هما جعفر خالد وطارق الغصين، إلى زرع الأمل والسلام ويتم التبرع بعائده لمنظمة «المساعدات الطبية للفلسطينيين» التي تتخذ من لندن مقرا لها. وتم تأسيس هذه المنظمة في أعقاب مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها مدنيون فلسطينيون عام 1982 بلبنان. وبعد تأثرهم بإعلان الأمم المتحدة اعترافها بدولة فلسطين في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اختار القائمون على «أرت سبيس لندن» المنظمة لتحصل على التبرعات نظرا لموقعها كمنظمة مستقلة غير حكومية علمانية. وصرح القائمون على صالة العرض بأن معرض «من فلسطين مع الأمل» يأتي في وقت يتطلع الكثير من الفلسطينيين فيه إلى حياة ليس بها عدوان وعنف واحتلال وصراع في المستقبل.

الفنانان الفلسطينيان المقيمان في الإمارات العربية المتحدة حاليا لديهما أسلوبان فنيان مختلفان.. فالفنان جعفر خالد يعتمد على خلفيته المتنوعة ثقافيا، حيث يدمج تجاربه وذكرياته في تجارب وذكريات الشعب الفلسطيني. مع ذلك يعترف بأن هدف عمله بعيد عن السياسة، مؤكدا على عدم رغبته على فرض رأيه على المتلقي، بل إنه مهتم بشكل أكبر بتشجيع المتلقين على التوصل إلى أحكامهم واستنتاجاتهم الخاصة من خلال الصور السياسية والاجتماعية والمعاصرة التي يستخدمها.

تعتمد أعمال خالد على الأحداث الجارية من خلال الصور المستعارة وترى التصوير وصور الثقافة الشعبية الأميركية التي تثير الضحك من دون قصد منها. وتتكون مجموعة «بريداتور» من صور فوتوغرافية لعدة سيناريوهات تشمل قادة عربا وفوقهم ألوان رش معدنية. ويقول خالد: «أنا لست فنانا سياسيا، لكنني أعتقد بضرورة أن يكون للفن عمق ومعنى وأن يحث الناس على التفكير. هذا العمل ليس عني وعن تاريخ وطني فحسب، بل إنه عن توعية الناس بالماضي حتى يتعلموا منه ولا يسمحوا لأحد أن يستغل جهلهم».

على الجانب الآخر، كانت التجارب المبكرة للغصين، الذي ولد في الكويت، كمصور صحافي، ذات تأثير كبير على إنتاجه الفني. ووضع عمله الحالي كأستاذ مساعد للتصوير في كلية العمارة والتصميم بجامعة الشارقة تكويناته الفكرية والتقدمية في صدارة فنون التصوير الفوتوغرافي العربية المعاصرة. وخلال الـ15 عاما الأخيرة التي كان يعيش خلالها في الإمارات العربية المتحدة، شهد الغصين تغيرا هائلا تحدى فهمه لما تعنيه كلمة «هوية». ويقول: «منذ عام 2003 اكتشفت جوانب متعددة للهوية من خلال عملي كمصور فوتوغرافي. كان التحول السريع للإمارات العربية المتحدة حافزا ونقطة انطلاق لمزيد من التفكر في قضايا تتعلق بعلاقتي الشخصية بالأرض والمكان». وتتناول مجموعة «تصوير الذات» صورا لرجال إما يلفون حول رؤوسهم الكوفية الفلسطينية المعروفة وإما يختفون في الظلام داخل مشهد فارغ. هذه المجموعة جاءت كرد فعل لما وجد الفنان أنه تصوير خاطئ للعرب من قبل وسائل الإعلام. ويركز على فكرة أن العربي والكوفية مرتبطان في ذهن البعض بالإرهاب. وبالمثل، كان الشبه بين الصراع السياسي المستمر بين العرب، مثلما حدث في الانتفاضة الأولى، وبين المصير القاسي الذي لاقاه إفيرا في الأسطورة اليونانية «سيزيف»، التي تدحرج فيها الصخرة إلى ما لا نهاية، مصدر إلهام يرى فيه شبها بالصراع المستمر إلى ما لا نهاية.

ويطرح وضع الشخصيات في لوحاته وسط مساحات واسعة قاحلة جرداء تساؤلا بشأن علاقته بالمكان والسياق. ويقدم معرض «من فلسطين مع الأمل» لوحات تصويرية وفوتوغرافية ومجموعة متنوعة أخرى.