وفاة جيمس غوندولفيني الممثل الذي عاش تحت ظلال سوبرانو

صاحب وجه حزين وأدوار خشنة

TT

أحد أهم إنجازات الممثل جيمس غوندولفيني الذي توفي يوم الأربعاء الماضي عن 51 سنة بالسكتة القلبية، هو أنه إذ وجد أنه مطلوب في أدوار هي في الأساس شريرة، انتبه إلى ضرورة تمييز نفسه. نعم، قد تكون شريرا في أي دور تشاء، لكن ليس معنى ذلك أن تثير حنق الناس أو كرههم. غوندولفيني من الذين أحبهم الجمهور في معظم ما ظهر به من أدوار حتى تلك الأدوار الخشنة التي توجـت، لسنوات، بمسلسل «سوبرانو» على محطة «HBO» المعروفة. وهو تميـز، فوق ما سبق، بعينين حزينتين ربما هما ما قرباه من الناس أكثر مما فعلت بعض أدواره.

ولد في أسرة إيطالية - أميركية في الثامن عشر من سبتمبر (أيلول) سنة 1961 في مدينة نيوجيرسي. والده من الطبقة العاملة فعليا، إذ اشتغل في البناء المعماري، وأمـه كانت تخدم في مطعم إحدى المدارس القريبة. تخرج سنة 1979 بشهادة بكالوريوس في قسم الاتصالات، بينما كان يعمل حارسا أمنيا في حانة ملحقة بالجامعة.

غوندولفيني، الذي دائما ما تميز بطوله وكبر حجم قامته، بدأ بعد أقل من عشر سنوات بالإغارة على التمثيل متسللا إلى أدوار صغيرة في أفلام بوليسية وتشويقية؛ مثل «آخر كشاف» بطولة بروس ويليس، و«غريب بيننا» من بطولة ميلاني غريفيث. في كلا الفيلمين، ظهر غوندولفيني كشاب إيطالي لا يمكن المزاح معه خوفا من بطشه، كذلك كان الحال في «المال أو لا شيء» و«ترو رومانس». لكنه في «اقبض على شورتي» (1995) برز كممثل مساند لديه القدرة على التعبير الجيد وليس مجرد «شبيح» يمتاز بقوته البدنية. هذا الفيلم قاد لأدوار أكبر، بدءا من «عضو المحكمين» الذي لعب فيه دور شريك في مشروع جريمة قبل أن يدفع ثمن ذلك على نحو مفجع. وهو أيضا التحري الذي يشك في أن أحد زملائه في العمل هو القاتل المتسلسل الذي يبحث عنه البوليس، وذلك في «سقوط» (1998).

في عام 1999، بدأ مرحلة جديدة هي قمـة نجاحه المهني: دور رئيس العصابة توني سوبرانو (في مسلسل «ذا سوبرانوز») الذي يعيش حياة خطرة كزعيم مافياوي. من ناحية، عليه إبقاء العائلة الشخصية بمنأى عن نشاطاته الإجرامية، ومن ناحية أخرى لديه من المشاكل العاطفية والنفسية ورواسب الشعور بالندم ما يجعل شخصيته تختلف عن شخصية زعماء العصابات في الأفلام والمسلسلات الأخرى.

حقق المسلسل نجاحا كبيرا، نتج عنه بث 86 حلقة، فاز عن بعضها بجوائز «إيمي» والـ«غولدن غلوب»، بالإضافة لأكثر من عشر جوائز أخرى. منح المسلسل غوندولفيني نجومية لم يحققها له أي ظهور آخر. كان قادرا على إثارة التعاطف مع شخصيته رغم شرورها وعيوبها الظاهرة. ومع أنه داوم الظهور في الأفلام، التي من بينها حديثا «أقتلهم بنعومة» (2012) و«زيرو دارك ثيرتي» (2012) إلا أن سوبرانو ظلل الممثل أكثر مما يجب. في «اقتلهم بنعومة» مثلا، لا تتوقـع منه أكثر مما تتلمسه من اللحظة الأولى، وهو يترك الدور مبكرا في الفيلم من دون تلك البصمة المعتادة له.

سنراه في فيلمين بدءا من مطلع العام المقبل (إلا إذا قام التوزيع بتغيير جدولهما الآن)، كان انتهى منهما للتو: «إنقاذ حيوانات» و- الأهم - «كفى كلاما» أمام كاثرين كينر.