أجواء احتفالية مرحة تخيم على افتتاح «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» في المغرب

عروض موسيقية.. ومنتدى يناقش حركية المجتمعات وبناء السياسات المتعلقة بالشباب

افتتاح المهرجان في شوارع الصويرة
TT

أظهر حفل افتتاح الدورة الـ16 لمهرجان «كناوة وموسيقى العالم» في الصويرة، الذي ينظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن هذه التظاهرة الفنية وصلت درجة من النضج التنظيمي والفني، سمح لها بأن تحافظ على توهجها، مستندة على وفاء جماهيري، شبابي في معظمه، وقدرة على التنظيم الجيد الذي ضمن وفاء المحتضنين والداعمين.

ومر حفل الافتتاح الذي ترأسه مساء أول من أمس أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، ونائلة التازي مديرة المهرجان، إلى جانب عدد من الضيوف والسفراء وممثلي السلطات المحلية والمنتخبين، في أجواء احتفالية.

وانطلق الموكب الرسمي لحفل الافتتاح على إيقاعات وأنغام موسيقى مجموعات: كناوة، عيساوة وحمادشة، مخترقا أزقة المدينة العتيقة، وصولا إلى ساحة مولاي الحسن، قبل أن تعطى الكلمة للموسيقيين، على منصة مولاي الحسن، في مزج موسيقي ترافقت فيه إيقاعات الفرقة الإماراتية (النادي البحري) والمعلم سعيد كويو، وفرقة هوارة تارودانت.

ولم تخف نائلة التازي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ارتياحها للأجواء التي مر بها حفل الافتتاح والحضور الجماهيري النوعي والكبير الذي ميز فعالياته، متوقفة عند النجاح والتطور الذي عرفه المهرجان، مرجعة سر ذلك إلى «تلك الكيمياء التي ظلت تجمع الفضاء والمكان بطبيعة العمل والفكرة».

وكان «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» انطلق عام 1998 بمنصة وحيدة وحضور جماهيري لم يتعد 20 ألفا، قبل أن يتطور ليصل عدد منصاته إلى ثمانية، ويتضاعف عدد جمهوره ليقارب نصف مليون خلال الدورات الأخيرة.

مفتخرا بجذوره الأفريقية، يقدم المهرجان، في دورته الحالية التي تختتم ليلة الأحد المقبل، فنانين طبعوا ببصمتهم موسيقى تشرب من معين الثقافة الأفريقية الذي لا ينضب. ويشكل الجاز جزءا لا يتجزأ من التظاهرة. وسيحمل كل من عمر سوزا وويل كالون وريتشارد بونا محبي هذا النوع الموسيقي إلى عالم ساحر من الأنغام الأفرو - أميركية، التي تحتفي بتلاقح الثقافات وتعكس بشكل جميل روح المهرجان. وسينضم الفنان والموسيقار الأميركي، عازف الساكسفون وموسيقى «الفانك»، ماسيو باركر، إلى قائمة الفنانين الذين سيحتفون هذا العام بمهرجان كناوة. ولا يعتبر باركر أفضل عازف ساكسفون في العالم فحسب، بل هو أسطورة حية لها تأثيرها على فن «الجاز»، حيث يعتبر من بين الفنانين القلائل الذين ما زالوا ينشطون ويبدعون في لون «الفانك» الأصيل، الذي برز سنوات السبعينات من القرن الماضي.

كما يستمر السفر في عالم الموسيقى رفقة المهرجان مع «المعلمين الكناويين» الذين سيكونون حاضرين في جميع فضاءات المهرجان لتقديم حفلات مميزة، حيث ستكون المتعة الموسيقية في الموعد على المنصات الكبرى، فرادى أو مرفوقين بفنانين آخرين.

وإلى جانب «المعلمين»، سيكون الإبداع المغربي ممثلا بأنواع موسيقية مختلفة وراسخة في تراث البلد؛ إذ ستحضر الموسيقى الكلاسيكية والحسانية والعصرية، حيث ستطرب سيدة الملحون ماجدة اليحياوي محبي هذا الفن الجميل إلى جانب «المعلم» عزيز باقبو، كما سيستمتع الجمهور بإيقاع نغمات ناي رشيد زروال، وموسيقى الصحراء مع محمد بايعة.

كما أن المهرجان، في ارتباطه بالجذور، يبقى على اتصال مع الحاضر والمستقبل فيما يخص الموسيقى المغربية، وسيبرمج حفلات لفنانين مغاربة معروفين على الساحة، كهاوسة وأوم وأماينو ومازاغان.

كما يتميز برنامج الدورة بالتكريم الذي سينظم لكبار «المعلمين» الذين رحلوا هذه السنة: مايسترو مجموعة «ناس الغيوان» عبد الرحمن باكو، و«المعلم» الكناوي الشريف الركراكي، و«المعلم» محمود غينيا، الذين سيكرمون بعد رحيلهم في مدينتهم الأم، الصويرة.

كما يتضمن البرنامج منتدى مهرجان كناوة، الذي انطلقت فعالياته يوم أمس، وينظم بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويتناول موضوع «حركية المجتمعات.. شباب العالم».

وكان منظمو المهرجان قد أضافوا، انطلاقا من الدورة الماضية، فقرة منتدى للحوار والتبادل، لمناقشة مواضيع آنية، في سياق يعرف تحولات اجتماعية وسياسية. وتقول التازي، في هذا السياق: «في المغرب الذي يتغير، نحن بحاجة لأماكن حيث تتبادل الأفكار من دون لغة خشب، ويبرز مثالنا الديمقراطي المغربي بكل تميزه».

كما تعرف الدورة إقامة «شجرة الكلمات»، الخاصة بالتعريف بالتقاليد «الكناوية»، وإبراز المواهب الجديدة في هذه الموسيقى، ضمن سياسة المهرجان التي يقول منظموه إنها تسعى إلى إبراز مواهب جديدة في هذا الفن المغربي الأفريقي الأصيل.

ومن المعروف أن مهرجان الصويرة، الذي تكرس بوصفه موعدا سنويا ببعد عالمي، انطلق باعتباره خيارا فنيا يروم تطوير «مدينة الرياح» (اللقب الذي تعرف به مدينة الصويرة) عبر الثقافة. ومن بين الرجال والنساء الذين دفعوا بالفكرة، كان هناك أندري أزولاي، الذي يبدو مرتاحا للعمل الذي تم منذ أولى دورات التظاهرة، والذي نجده يشدد اليوم على أن الأساسي في العمل الذي يتم القيام به، على مستوى «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، هو ألا يرتبط الجهد بشخص واحد.

يشار إلى أن مهرجان «كناوة وموسيقى العالم» هو المهرجان المغاربي والأفريقي الأول الذي انضم إلى الشبكة الدولية للمهرجانات الموسيقية، التي تضم 24 مهرجانا تحظى باستقلالية فنية، وتمثل سبع دول من أوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية، وهي شبكة تسعى إلى تعزيز المبادلات وتبادل الخبرات في مجال التنظيم والإبداع الفني والتنمية، ودراسة تطور قطاع المهرجانات وتمثيلها داخل الهيئات المهنية.