مهرجان «شباك» في لندن.. فن وغناء ومسرح من العالم العربي

عمر القطان رئيس المهرجان: اهتمام متزايد بالمنطقة العربية وفنونها وثقافتها.. و25 ألف شخص حضروا فعاليات الدورة السابقة

تشارك مؤسسات بريطانية عريقة مثل متحف فيكتوريا آند ألبرت والمتحف البريطاني في استضافة العروض
TT

فيما أصبح عادة سنوية، أطلق عمدة لندن بوريس جونسون الدورة الثالثة من مهرجان «شباك» للثقافة العربية. المهرجان الذي بدأ أولى دوراته في عام 2011 أصبح من الأحداث الثقافية التي تشغل موقعا مميزا على خارطة الفعاليات في العاصمة البريطانية. ويضمن المهرجان حضورا كبيرا أيضا من السياح العرب الذين يقضون إجازات الصيف في لندن إضافة إلى المقيمين فيها. وخلال الـ15 يوما مدة المهرجان يستمتع الجمهور بكمّ هائل من العروض السينمائية والمسرحية ومعارض الفن التشكيلي والحفلات الغنائية والندوات التي تعقد في أرجاء العاصمة.

تتشارك مجموعة كبيرة من المؤسسات والأفراد المهتمين بالثقافة في دعم فعاليات المهرجان، ومنها مؤسسة «القطان» وهي الداعم الرئيس لدورة هذا العام. وخلال حديث لـ«الشرق الأوسط» مع عمر القطان رئيس مجلس إدارة «شباك» 2013، أشار إلى أن المؤسسة بالإضافة إلى مؤسسات أخرى انبرت لدعم المهرجان بعد نجاح دورته الأولى: «في عام 2011 أطلق عمدة لندن بوريس جونسون فكرة المهرجان، وتولى مكتبه موضوع إدارته، وكان الداعم الرسمي وقتها هو بنك (إتش إس بي سي)، وبعد أن انتهى المهرجان الذي شمل عدة مؤسسات لندنية منها مؤسسة (القطان) و(موزاييك رومز)، قال العمدة إن البلدية تطلق الفعاليات، ولكن لا تستطيع دعم استمرارها ورمى بالكرة في ملعب المؤسسات العربية في لندن. وبالفعل، تم اجتماع لعدد من تلك المؤسسات، وتم الاتفاق على تأسيس جمعية (شباك)، وانتخبوني رئيسها».

العثرة التالية في طريق المهرجان كانت إيجاد الدعم اللازم من الهيئات الدبلوماسية العربية في لندن، وإثارة اهتمام المؤسسات الأخرى، يقول القطان: «حاولنا خلال عامين جمع الدعم للمهرجان، ولكن الظروف كانت صعبة خاصة في العالم العربي، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بريطانيا».

يرى القطان أن الهيئات الدبلوماسية العربية في لندن لا تساهم بالقدر المطلوب في دعم فعاليات مثل «شباك» ويقول بمرارة: «تلك الهيئات لا تفهم للأسف تأثير وفائدة الثقافة لهم أولا، ولتحسين علاقاتهم مع بريطانيا وأيضا لتعريف العالم بالثقافة العربية. من جانبنا، نرى أن دور المهرجان هو إقناعهم».

مجلس إدارة «شباك» يضم مؤسسات مثل دلفينا فاونديشن، وشخصيات مؤثرة مثل روكسان زان من «سوذبيز»، كما تشارك منيرة ميرزا مدير الشؤون الثقافية في مكتب العمدة بوريس جونسون، إضافة إلى خبير الفنون البريطاني وأحد مؤسسي «آرت دبي» جون مارتن ونورين أبو عون من المركز العربي البريطاني وآخرين.

المهرجان كما يشير القطان يستفيد بشكل أساسي من زيادة الاهتمام في بريطانيا بالثقافة العربية، خاصة في الخمسة أعوام الأخيرة: «خلال هذه الأعوام شهدنا كثيرا من المحاضرات والقراءات والعروض، وهو أمر رائع، في المتاحف والمؤسسات البريطانية العريقة مثل المتحف البريطاني ومتحف فيكتوريا آند ألبرت. وأعتقد أننا هذا العام نحاول تتويج ذلك الاهتمام».

من بين المواقع المشاركة باستضافة فعاليات المهرجان أيضا مركز الباربيكان والمركز العربي البريطاني ودار «آسيا» و«سربنتاين» غاليري في حديقة «هايد بارك».

بالنسبة للمشاركين في فعاليات المهرجان، فليس هناك أي رقابة أو توجيه من ناحية المواضيع المقترحة «الشيء الأساسي أن يكون المشاركون عربا أو من أصول عربية ويترك لهم حرية اختيار الأعمال».

نطرح تساؤلا حول اختيار الفعاليات المشاركة، ويرد قطان بأن «شباك» يعمل على تقديم مظلة لأطياف واسعة من الفعاليات الثقافية العربية التي تحدث في لندن، ويشرح لنا أن شح الإمكانيات المادية لم يمكّن منظمي «شباك» من دعم أنشطة أكثر: «أغلبية الفعاليات المشاركة كانت منفذة سابقا و(شباك) وفّر لها مظلة إعلانية دعائية لنشرها وترويجها. أرى أن السيناريو الأمثل لنا هو أن نقوم بدعم كل النشاطات وتنفيذها، لكن هذا الأمر يحتاج إلى إمكانيات كبيرة، ولهذا فنحن نلعب دور المظلة».

مهرجان «شباك» هذا العام يختلف في مزاجه وتعبيره عن العالمين السابقين «المزاج واللهجة تغيرت، أصبحت أكثر كآبة وسلبية هذا العام». عندما أطلق «شباك» في 2011، كنا في قمة التفاؤل بمستقبل المنطقة، ولكننا نجد أن الوضع أصبح أصعب، أصبحت هناك حروب أهلية وعدم استقرار ونزاعات طائفية، وكان من الطبيعي أن ينعكس هذا على مضمون المهرجان، وعلى تفكير الشباب والفنانين المشاركين. وعلى الرغم من ذلك فهناك فعاليات أكثر إيجابية وفرحة، فدور الثقافة التمسك بالحياة والدفاع عنها.

إيكارد تيمان المدير الفني للمهرجان حرص، كما يشير القطان إلى أن تسليط الضوء هذا العام على كبار الفنانين العرب المخضرمين، الذين لم تتح لهم فرصة الشهرة خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل الفنان السوداني إبراهيم الصلاحي، الذي يقدم معرضا في متحف تيت مودرن. ومن جانبه، يعلق تيمان: «هذا البرنامج دعوة مفتوحة للجميع في لندن للاطلاع على الثقافة العربية الديناميكية اليوم. هي ثقافة شابة وتجريبية وغنية بالتنوع، إنها محفز للندن وفرصة للاحتفال بأفضل الفنون من كل أنحاء العالم العربي».

بالنسبة للاستقبال والتفاعل مع المهرجان من الجانب البريطاني، يقول القطان إنه إيجابي جدا، ويشير إلى حضور 25 ألف شخص لفعاليات الدورة السابقة، ويضيف: «أتوقع أن يكون هناك رد فعل جيد هذا العام، خاصة في ظل وجود اهتمام متزايد بالمنطقة وفنونها وثقافتها، وأرى أن هذا سينعكس على الحضور المتوقع للفعاليات».

خلال الأسبوع الماضي، نشرت الصحف البريطانية خبر رفض بريطانيا منح تأشيرة دخول لاثنين من المشاركين في المهرجان، وهما علي أبو خطاب وسماح الشيخ، وهو ما يطرح تساؤل حول موقف إدارة المهرجان في مثل تلك الحالات، يقول القطان: «حاولنا التواصل مع المسؤولين، كما حاول عمدة لندن بوريس جونسون أن يتدخل في الموضوع، ولجأنا أيضا إلى النائب البرلماني عن منطقة تشيلسي. المشكلة بيروقراطية من جهة؛ فمنح تأشيرات الدخول أصبح في يد أجهزة بيروقراطية بعيدا عن القنصليات والسفارات التي تعتبر أقرب إلى المجتمع الذي تعمل فيه. أيضا الكاتبان من غزة والعلاقات بين بريطانيا وغزة ليست جيدة، وحاولنا أن نغير القرار ولكن للأسف لم ننجح، ولم يعد هناك وقت لإعادة الطلب، خاصة أن الحدث الجمعة المقبل».

* من فعاليات «شباك»:

* برنامج العروض البصرية يتضمن أول معرض كبير للفنان التشكيلي السوداني إبراهيم الصلاحي في «تيت مودرن» حيث يعرض أعماله إلى جانب معرض الفنانة اللبنانية سلوى روضة شقير

* عروض مسرح من سوريا ومصر ولبنان منها «كوميديا أوديب» للكاتب علي سالم و«مولانا» للكاتب السوري الفارس الذهبي

* برامج سينمائية بالتعاون مع سينييه لوميير بالمعهد الفرنسي في لندني والمتحف البريطاني ومعهد الفنون المعاصرة

* عروض موسيقية لفرقة نوبة نور وأمسية للملحنين العرب في قاعة ناصر بالمركز الثقافي المصري

* حلقات بحث ونقاش تشمل مؤتمرا دوليا حول الفن المعاصر في الشرق الأوسط يعقد في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (سواس)، وحلقة نقاش حول الدين والأزياء في كلية لندن للأزياء للمزيد: http://shubbak.co.uk/