الفن والدراما والمسرح.. أدوات جديدة للترويج للسلام في العالم العربي

بمشاركة 30 رائدا من رواد السلام من لبنان وفلسطين والأردن

تسخر أجيال السلام عالمية الرياضة كمدخل للتعامل مع الأطفال والشباب
TT

لم تعد لغة الحوار فقط هي السائدة للترويج للسلام بين أوساط الشباب في العالم العربي، خاصة في ظل الواقع الصعب الذي يعيشه وطننا العربي والتحديات التي تواجه شبابه، حيث دخلت أدوات جديدة لبناء السلام، كالفن والدراما والمسرح والرسم وغيرها.

وفي هذا الإطار اختتمت في قاعة مؤتمرات أجيال السلام في عمان أخيرا ورشة عمل بمشاركة 30 رائدا من رواد السلام في كل من لبنان وفلسطين والأردن، وقد نظمتها هيئة أجيال السلام بهدف تطوير المعارف الأساسية التي يمتلكها هؤلاء الشباب عن أساليب تحويل النزاع، ورفدهم بمجموعة من مهارات بناء السلام، والتفاوض، وهي العناصر الأساسية لبرامج أجيال السلام.

وتعرف المتطوعون خلال التدريب على أدوات جديدة لبناء السلام فضلا عن الرياضة، كالفن والحوار وكسب التأييد، مما يتيح المجال أمامهم للوصول إلى نطاق أوسع في مجتمعاتهم، كما رفدتهم الورشة بمعارف جديدة عن كيفية تصميم البرامج وإجراء التقييم اللازم لها، مما سيساعدهم في تطبيق برامج أفضل وذات أثر أكبر على مجتمعاتهم لدى العودة إلى بلدانهم. ويرى محمد حمصي، متطوع في أجيال السلام من الأردن، أن هذه الورشة تتميز عن غيرها فيما تطرحه من مفاهيم جديدة لبناء السلام: «لقد تعرفنا في هذه الورشة على العديد من أدوات بناء السلام التي لم نكن على سابق معرفة بها، كالفن والدراما والمسرح والرسم، بالإضافة إلى ذلك فقد رفدتنا هذه الدورة بآليات جديدة لتحليل النزاع وأبعاده». وبدورها، تؤمن فاليري دالاتي، المتطوعة في أجيال السلام من لبنان، بأهمية العمل الذي تقوم به أجيال السلام في المساهمة في حل النزاع على مستوى شعبي: «نسعى من خلال البرامج التي نعمل على تطبيقها إلى بث مفاهيم أساسية في مجتمعنا، وهي التسامح وقبول الآخر والحوار كعامل أساسي للتفاهم. إن ورشة العمل هذه تساعدنا في دراسة ما نطبقه من برامج بشكل عملي ومراجعتها ومعرفة نقاط القوة والضعف فيها والعمل على تطويرها».

ما يجمع هؤلاء القادة الشباب هو ما تعيشه مجتمعاتهم من نزاعات داخلية، والنزعة للجوء إلى العنف خاصة بين الفئات المختلفة، عرقية كانت أم دينية أم سياسية. ففي الوقت الذي يعاني فيه الأردن ازدياد العنف في الجامعات والمدارس، ما زال المجتمع اللبناني يعاني انقسامات عديدة، وما زالت التصدعات داخل المجتمع الفلسطيني تعيق التقدم في عملية التنمية، مما يؤثر سلبا على حياة الفلسطينيين. وسيسعى المندوبون والرواد المشاركون بعد انتهاء الورشة إلى تطوير البرامج المطبقة في مجتمعاتهم، ونقل هذه المعارف المتطورة إلى غيرهم من المندوبين، بالإضافة إلى العمل على تعزيز مفهوم قبول الآخر، وقيم التسامح والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع وطوائفه. وتؤكد رايا فطاير، المتطوعة من فلسطين، على أن هذه الورشة ستساعدها بشكل كبير في تطوير برنامجها الذي يركز بشكل أساسي على الانقسام الحاصل في عمق المجتمع الفلسطيني: «لقد استفدت كثيرا من مشاركتي في هذه الورشة؛ إذ سأعمل الآن على كسب تأييد عدد أكبر من الناس لقضيتي لضمان نجاح برنامجي في تحقيق الهدف المنشود».

هيئة أجيال السلام هيئة غير ربحية مقرها الرئيس الأردن، أسسها الأمير فيصل بن الحسين والأميرة سارة الفيصل، بهدف بناء السلام المستدام عبر استخدام الرياضة والفنون وكسب التأييد والحوار والتمكين لتحويل النزاعات. ومن خلال توفير التدريب اللازم والدعم والإرشاد الدائمين للمتطوعين الشباب، تعمل أجيال السلام على منحهم القدرات والمهارات اللازمة لإحداث التغيير في مجتمعاتهم، من خلال الترويج لقيم المنظمة، كالتسامح الفعال والمواطنة المسؤولة، والعمل على المستوى الشعبي لمعالجة القضايا المحلية من الصراع والعنف. تشمل السياقات المختلفة للنزاعات تلك الحاصلة بين القبائل، وبين الأعراق، والأديان؛ كما تشتمل على عدم المساواة بين الجنسين؛ وردود الفعل ما بعد النزاعات، وإعادة الإدماج، وإقصاء الأقليات، بمن في ذلك المهجرون داخليا واللاجئون والأشخاص الذين يعانون الإعاقة، إضافة إلى تحديات الاندماج في المجتمعات ذات الثقافات المتعددة. كما يتضمن نهج أجيال السلام حساسية النزاعات، والمشاركة الكاملة وتمكين الفتيات والنساء في المجتمعات. وتسخر أجيال السلام عالمية الرياضة كمدخل للتعامل مع الأطفال والشباب، وتوفر الأنشطة الرياضية المبسطة وسيلة للتعليم المتكامل وتغيير السلوك. وبالإضافة إلى النهج القائم على الرياضة، فقد وضعت أيضا أجيال السلام الفنون، والتأييد، والحوار، وأنشطة التمكين لدعم تحويل النزاعات التي تؤثر على الأطفال والشباب والكبار في سياقات مختلفة.

منذ عام 2007 دربت أجيال السلام ما يقارب 8100 متطوع في 46 دولة وإقليما في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأوروبا. وقد كان لهذه الجهود أثر إيجابي في حياة 210 آلاف من الصغار والشباب.

وتم أخيرا اختيار هيئة أجيال السلام من قبل مجلة «غلوبال جورنال» كواحدة من أفضل مائة منظمة غير حكومية في العالم لعام 2013، وقد تم اختيار المنظمات غير الحكومية وفقا لمعايير الابتكار والأثر والاستدامة.