عشرات آلاف الفلسطينيين يستقبلون نجم «أراب آيدول» محمد عساف في غزة

طالب الفصائل الفلسطينية بإنهاء الانقسام والرئيس عباس يمنحه لقب «سفير للنوايا الحسنة»

عساف يحيي الجماهير لدى وصوله غزة (أ.ف.ب.)
TT

وسط استقبال رسمي وجماهيري حاشد، وصل الفنان الفلسطيني محمد عساف الفائز في برنامج «أراب أيدول» قطاع غزة عبر معبر رفح البري عصر أمس الثلاثاء قادما من جمهورية مصر العربية. واحتشد عشرات الآلاف من الفلسطينيين لاستقباله لدى عودته، حيث دعا إلى المصالحة بين الفلسطينيين.

ورغم ارتفاع درجات الحرارة فإن المواطنين تجمعوا أمام بوابة معبر رفح منذ الصباح في انتظار نجمهم الذي وصل قرابة الساعة الرابعة عصرا.

وحاز عساف، الذي ينتمي إلى مخيم للاجئين في القطاع، إعجاب ملايين المشاهدين بأناشيده الوطنية وأغانيه الشعبية الفلسطينية.

وعلى بوابة المعبر الخارجية تجمع عشرات آلاف الفلسطينيين وهم يحملون صورا لمحمد عساف كتب عليها «مبروك يا ابن فلسطين»، إلى جانب أعلام فلسطين ورايات حركة فتح الصفراء.

ومع وصوله إلى المعبر سجد النجم الفلسطيني مقبلا الأرض قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا مقتضبا إلى جانب وفد من حكومة حماس يترأسه فكري جودة مدير عام وزارة الثقافة في الحكومة.

وقال جودة: «ننتظر من فناننا أن يعي عبء المسؤولية على عاتقه ويحمل رسالة هذه الأرض المقدسة وشعبنا المشرد وأسرانا خلف القضبان».

وعاد الشاب الفلسطيني إلى القطاع الذي تسوده خلافات سياسية عميقة. وكانت حماس التي فازت بانتخابات برلمانية في 2006 قد انتزعت السيطرة على القطاع من القوات الموالية لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس في 2007.

بدوره قال إبراهيم أبو النجا، عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح، إن الشعب الفلسطيني أصر على الحشد والحضور، رغم حرارة الشمس، لاستقبال الفنان الفلسطيني محمد عساف، منوها بأن إصرار الشعب نابع من إيمانه بأن ما يغنيه عساف «ليس ماجنا وتبرجا، إنما غناؤه للوطن وللشهداء والأسرى، وللكوفية الفلسطينية، والهوية الوطنية». وأضاف أبو النجا أنه «بطل بامتياز، ويستحق أن يكون سفير فلسطين للنوايا الحسنة، ونجم فلسطين المتألق».

وعقب وصوله المعبر رحب عساف بكل مستقبليه وشكرهم على حسن الاستقبال، شاكرا الجماهير الفلسطينية التي استقبلته وساندته خلال مسيرته. وقال عساف بعد وصوله: «شكرا لكم جميعا. من دونكم ما كنت وصلت للقب».

وقال: «أشكركم لاستقبالكم الرائع. أتمنى أن لا تكون هناك احتفالات بإطلاق النار وغوغاء، كما أتمنى من كل قلبي أنا محمد عساف أن ينتهي الانقسام، ورسالتي لشعبنا الفلسطيني العظيم الوحدة ثم الوحدة». وأضاف: «تربيت على الأغاني الوطنية، وسوف يكون لي في كل عمل أقدمه نصيب من هذه الأغاني، لن أتخلى عن الثوابت الوطنية التي تربينا عليها». وتابع: «أول شيء فكرت فيه حين دخلت هذه المسابقة هو أن أدخل الفرحة إلى أبناء شعبي، واليوم أنا أهدي هذا الفوز لشهداء فلسطين وللأسرى والجرحى».

وطالب عساف بضرورة إنهاء الانقسام بين شطري الوطن وإتمام الوحدة الفلسطينية والمصالحة «لكي يتواصل النصر الفلسطيني». وأضاف: «أنا ابن فلسطين وقضيتها العادلة، وسأكون خير سفير لوطني الذي نشأت فيه»، مبينا أنه سيواصل تأدية الأغاني الوطنية لإعلاء راية فلسطين عاليا.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن عن منح عساف لقب «سفير للنوايا الحسنة» تقديرا لفنه، مع صلاحيات دبلوماسية كاملة.

واصطحبت سيارة حكومية عساف من داخل المعبر إلى بيته في مدينة خان يونس (جنوب القطاع) حيث كان الآلاف في انتظاره هناك أيضا.

وكان في استقبال عساف داخل معبر رفح البري وفد يمثل حكومة غزة والكثير من الشخصيات الوطنية والاعتبارية ووفد من بنك فلسطين وشركتي «جوال» و«الوطنية» ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفي إشارة إلى دعمها الضمني للمطرب أرسلت حماس مسؤولين من وزارة الثقافة في القطاع إلى المعبر الحدودي للترحيب به.

وبحسب مصادر قريبة من عساف فإنه كان تعرض إلى مضايقات عدة من حكومة حماس عندما كان يغني في الحفلات الشعبية لحركة فتح في غزة. والتزمت حماس الصمت إلى حد ما حول مشاركة عساف في البرنامج. لكن جودة أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الحكومة ووزارة الثقافة تؤكدان دعمهما للإبداعات الفنية وعساف واحد منها».

وتابع: «نحن نقيم له استقبالا رسميا. محمد عساف مواطن فلسطيني حقق إنجازا مميزا في تخصصه في إطار فئته العمرية، فئة الشباب المتميز، ونكرمه اليوم وندعمه مثل أي شخص يقوم بإنجاز».

وإذ أكد أن «لدينا بعض المآخذ على البرنامج نفسه»، أثنى على «أداء محمد عساف الذي كان ملتزما ومميزا ورائعا، ونتمنى أن يستمر في أدائه الملتزم». وأضاف جودة: «نتمنى أن يستخدم هذه الهبة التي وهبه الله إياها، هبة الصوت، في خدمة القضية الفلسطينية».

وحضر مسؤولون من فتح أيضا ولوح كثيرون وسط الحشد بأعلام الحركة الصفراء. وأعلنت الأمم المتحدة عساف بعد فوزه أول سفير لها لشباب اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية وفي البلدان المجاورة. ومن المتوقع أن يزور الضفة الغربية لإقامة حفل.

وقال أبو خليل (65 عاما)، الذي يقيم في قطاع غزة: «لقد فزنا بالأمل». وعبر عن أمله في أن يتعلم الزعماء السياسيون من عساف أن ما يوحد الناس هو الحب وليست الكراهية.

وقبل وصوله تجمع آلاف المواطنين أمام معبر رفح (جنوب قطاع غزة) وأمام منزل عساف في مخيم خان يونس لتحيته، في حين علقت صور ضخمة له على الشوارع المؤدية للمنزل. ووجدت الشرطة صعوبة كبيرة في تنظيم حركة السير بسبب تدافع الجماهير لاستقبال عساف. ورغم ارتفاع درجات الحرارة فقد حرص الآلاف من المعجبين على الانتظار لساعات حتى وصول عساف المعبر وخروجه منه، حيث أخذوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية. وقد أكد عدد كبير من الحضور أنهم تركوا أعمالهم وتوجهوا للمعبر للمشاركة في استقبال عساف. وقد أطلقت مئات النسوة الزغاريد لحظة خروج عساف، في حين تجمع الآلاف على جانبي الطريق لتحية موكبه الذي انتقل من المعبر إلى منزله الكائن في مخيم خان يونس (جنوب القطاع).

وسيطرت شرطة القطاع الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بصعوبة على الحشود التي كانت في انتظار عساف الذي كان يرتدي سترة رمادية خارج بوابة معبر رفح الحدودي مع مصر.

ومرت سيارته وسط حشود المبتهجين الذين تسلق بعضهم أعمدة الكهرباء وصعدوا على أسقف المنازل من أجل مشاهدة النجم الشاب الذي أعلن فوزه بالمسابقة في بيروت يوم السبت.

وأظهر الفلسطينيون اهتماما غير مسبوق بالمغني الشاب الآتي من غزة، وتابعوه بشغف لأكثر من شهرين وصوتوا له بكثافة ليفوز باللقب.

وولد عساف (23 عاما) في مصراتة في ليبيا، ثم عاد مع عائلته إلى قطاع غزة للعيش في مخيم خان يونس للاجئين.

وأكدت مصادر قريبة من عساف أنه لن يغني في أي حفلات عامة في قطاع غزة خلال زيارته الحالية المقررة لثلاثة أيام فقط، قبل أن يتوجه إلى الضفة الغربية نهاية الأسبوع الحالي.

وطغى الحديث عن عساف وتألقه اللافت على انشغالات الفلسطينيين خلال أسابيع مشاركته في «أراب أيدول» بديلا عن أوضاعهم المتردية سياسيا واقتصاديا. كما أنه مثل فرصة نادرة للبهجة بعيدا عن ويلات الصراع مع إسرائيل وانقسامهم الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007.

وأعلن عن تنظيم عدة حفلات عامة لعساف في الضفة الغربية. وأدار الفلسطينيون ظهورهم للأزمة السياسية التي تشهدها الساحة الفلسطينية عقب استقالة رئيس الوزراء الجديد رامي الحمد الله وصبوا اهتمامهم على فوز المغني الفلسطيني محمد عساف في برنامج «أراب أيدول».

وخرج آلاف الفلسطينيين ليل السبت - الأحد للاحتفال في شوارع الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى في القدس الشرقية بفوز المتسابق الفلسطيني في البرنامج الغنائي الذائع الصيت.

وكان الحمد الله أعلن تراجعه عن استقالته مساء الجمعة، إلا أن الفلسطينيين كانوا منشغلين بالحلقة الأخيرة من البرنامج، لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن صباح الأحد قبوله استقالة الحمد الله بعد ثلاثة أسابيع من تعيينه، إلا أن صدى فوز عساف كان أقوى وحظي بالنصيب الأكبر من الاهتمام.

ورأى وكيل وزارة الإعلام محمود خليفة أن الاهتمام الهائل بعساف «شيء طبيعي؛ لأن المواطن الفلسطيني بحاجة إلى لحظة فرح، وهو ما حققه هذا الفنان المبدع وحرك الشارع الفلسطيني».

وفيما يتعلق بقضية استقالة الحمد الله التي تزامنت مع فوز عساف قال خليفة إن «الناس تركوها للسياسيين القائمين على السياسة، فقد سيطرت حالة محمد عساف على الشارع واحتلت العناوين الرئيسية لتمثل حالة الشعب الفلسطيني الذي يتوق للفرح».

وأظهر الفلسطينيون اهتماما غير مسبوق بالمغني الشاب الآتي من غزة، وتابعوه بشغف لأكثر من شهرين، وصوتوا له بكثافة على أمل أن يفوز باللقب.

وقالت الفلسطينية نعمة إبراهيم (50 عاما) التي تابعت لحظة الإعلان عن فوز عساف في الساحة القريبة من قبر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رام الله: «لا أعلم ماذا يجري من مباحثات بشأن الحكومة، ولا أريد أن أعلم؛ لأن السياسة كاذبة، لكن ما همني أن عساف فاز باللقب».

وفضل أحد الفلسطينيين محسوب على حركة حماس، متابعة الحفل الختامي من منزله في مدينة رام الله وبين أسرته، وقال بعد أن طلب عدم ذكر اسمه: «إذا لم يفز عساف باللقب فسأصاب بالجنون».

وبدأت السلطة الفلسطينية إجراء الترتيبات لاستقبال النجم الشاب الذي سيحيي حفلات عدة في الضفة الغربية «ليغني للشعب الفلسطيني الذي سانده طوال فترات البرنامج». وأعلنت وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية أنها حصلت على تصريح من إسرائيل للسماح لعساف بدخول الضفة الغربية.

ورحبت كل وسائل الإعلام الفلسطينية الأحد بفوز عساف، مشيدة «بانتصار الصاروخ الفلسطيني»، في إشارة إلى اللقب الذي أطلقه النجم اللبناني العضو في لجنة تحكيم البرنامج راغب علامة على عساف.

كما تحدثت الصحف الإسرائيلية عن فوز عساف وكتبت صحيفة «هآرتس» اليسارية: «ولادة بطل فلسطيني»، بينما كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي على صفحته على موقع «تويتر» رسالة تهنئة لعساف.