جداريات مؤسسة «الفكر العربي» لتعزيز الحوار في لبنان

شارك فيها 30 طالبا وتدشن إحداها في مدرسة الشياح غدا

الدكتورة منيرة الناهض خلال إحدى الورشات
TT

غدا الثلاثاء، تدشن «مؤسسة الفكر العربي» أولى جدارياتها الثلاث، التي أرادت منها المساهمة في «تعزيز الحوار والتماسك الاجتماعي ودعم القيم الإنسانية المشتركة» في لبنان. وكانت المؤسسة تأمل في تدشين الجداريات الثلاث في يوم واحد، إلا أن الأحداث الأليمة في مدينة صيدا يوم الاثنين الماضي حالت دون ذلك. وبالتالي أعيد ترتيب المواعيد، لتأتي الجدارية التي أنجزها طلاب مدرسة شفيق سعيد الشياح فاتحة الغيث.

تروي لنا الدكتورة منيرة الناهض، الأمينة العامة المساعدة لمؤسسة الفكر العربي، أن قصة الجداريات بدأت عندما كانت في حوار مع الدكتور حجازي إدريس ممثل مكتب اليونيسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية، حول الساحات العامة وكيف يمكنها أن تكون مكانا للتعبير عن القيم المشتركة، ومن هنا ولدت الشراكة مع اليونيسكو في هذا المشروع الذي نشأ بالتعاون مع ثلاث مدارس ثانوية رسمية، تضم تلامذة من انتماءات مختلفة، وبالتعاون أيضا مع بلديات المناطق الموجودة فيها وهي الشياح، الشويفات، وكفرشيما.

تم اختيار منسقين من كل مدرسة، دربوا على الأفكار والمحاور التي يدور حولها المشروع. ومن ثم أقيمت ورشات تدريبية في المدارس الثلاث، شارك فيها أكثر من 150 طالبا، لاختيار قياديين يمكنهم التفاعل مع من حولهم لبث القيم المشتركة. الطلاب كلهم من الصف الأول الثانوي، وهو اختيار لم يأت اعتباطيا، وإنما للتمكن من العمل معهم، لسنتين مقبلتين أثناء وجودهم في مدارسهم. هذه الورشة التي استمرت أربع ساعات، اختير في نهايتها، ما بين 8 و10 طلاب من كل مدرسة، خضعوا لتدريب معمق في مخيم خاص، أقيم لهذه الغاية. كم تم التعاون منذ البدء مع أحد فناني الغرافيتي المعروفين وهو رامي المعلم.

الطلاب الثلاثون الذين وقع الاختيار عليهم، تقول الدكتورة منيرة الناهض تم تدريبهم على المفاهيم التي يلتزم بها المشروع، منها على سبيل المثال «كرامة الإنسان» و«احترام الاختلاف» كما «التواصل» و«التكامل» مع الآخرين. وحين نسأل عن النهج الذي اتبع في التدريب تقول «في إحدى الورشات، كان الطلاب يجلسون حول طاولة مستديرة، عليها أشياء قديمة وغامضة بعض الشيء. طلب إليهم، أن يكتب كل منهم ما الذي يراه من زاويته دون أن يغادر كرسيه أو يتحرك من مكانه. كانت النتيجة، بعد جمع الأوراق، أنهم في غالبيتهم أخفقوا في توصيف ما يرون. عندها قال لهم المدرب: لقد امتثلتم لما طلب منكم، وبقيتم ترون الأشياء من زاوية واحدة، ولم تتمكنوا من معرفة ماهية الأشياء. لو أنكم تمردتم على ما طلب منكم، وتحركتم عن كراسيكم، لتمكنتم بشكل أفضل من رؤية ما هو أمامكم». هذا النوع من التدريبات كسر الصور والسلوكيات النمطية عند الطلاب، وحضرهم بشكل جيد – بحسب الدكتورة الناهض - هذا عدا التدريب الفني على التصوير الفوتوغرافي، وتصوير الفيديو، والتمثيل المسرحي والراب.

في النهاية توافق طلاب كل مدرسة على البدء بجدارية تحمل رسالة وعنوانا. مدرسة الشويفات أخذت برسم جدارية تحمل عنوان «عد للعشرة» وكذلك عملوا على تصوير أفلام، مدرسة أخرى أنجزت عرضا لتقديمه في الشارع. تلاميذ كفرشيما مثلا طالبوا بأن يساعدوا تلاميذ منطقة الشياح في رسم جداريتهم. من فضائل هذه التجربة – بحسب الناهض - أن الطلاب تعرفوا على بعضهم البعض وتفاعلوا، كما أن بينهم من هم من مدرسة واحدة لم يكونوا قد تعارفوا سابقا.

الجدارية التي سيتم افتتاحها في الشياح هي بطول 12 مترا والعرض متران، فيما سيتم تدشين جدارية كفرشيما يوم الاثنين المقبل، والشويفات ستؤجل ما بعد شهر رمضان على الأرجح. كما سيقام حفل كبير وسط بيروت في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تقدم فيه عروض مسرحية في الشارع وتعرض أفلام، إضافة إلى فعاليات فنية أخرى. وهو حفل ستحضره المدارس المشاركة كما مدارس أخرى للاحتفاء بنهاية المشروع.

يتضمن حفل تدشين جدارية الشياح، كلمات لكل من الأمينة العامة المساعدة في مؤسسة الفكر العربي الدكتورة منيرة الناهض، وممثل مكتب اليونيسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية الدكتور حجازي إدريس، ورئيس بلدية الشياح الأستاذ إدمون غاريوس، ومدير الثانوية الأستاذ رامي الهبر، فضلا عن الأنشطة التفاعلية التي سيقدمها تلامذة المدارس وعروض من مسرح الشارع.