الفلسطينية سحر خليفة تفوز بجائزة محمد زفزاف للرواية العربية

أول كاتبة عربية تتوج بها

واسيني الأعرج رئيس لجنة التحكيم يسلم جائزة محمد زفزاف للرواية العربية للروائية الفلسطينية سحر خليفة
TT

فازت الروائية الفلسطينية سحر خليفة بجائزة محمد زفزاف للرواية العربية، التي تمنحها مؤسسة «منتدى أصيلة»، وتسلمت الفائزة جائزتها، مساء أول من أمس، بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة. وتهدف الجائزة إلى الاحتفاء بالفضاء الروائي العربي، والتركيز على إسهاماته المميزة في مسيرة الثقافة الإنسانية، وتعطى الأولوية عند الاختيار، للروائيين الذين يضعون إبداعهم في خدمة التعددية والتفاهم وتثبيت قيم الحرية والعدالة الإنسانية.

وعبر محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة «منتدى أصيلة» ووزير خارجية المغرب الأسبق، عن سعادته بقرار لجنة التحكيم منح جائزة محمد زفزاف للروائية العربية سحر خليفة، وقال: «بقدر ما تسعد مؤسسة منتدى أصيلة بهذا القرار، فإن هذه الجائزة ستغتني حتما بانضمام روائية كبيرة من فلسطين إلى فضاء المتوجين بها»، مشيرا إلى أن سحر خليفة هي أول عربية تتوج بهذه الجائزة، وهذه علامة دالة على المكانة المرموقة والمضيئة التي أضحت للمرأة الروائية العربية في المشهد الروائي العربي. كما هنأ بن عيسى ابنة نابلس الأديبة خليفة بالتتويج المستحق، شاكرا المساهمات والمساهمين في الكتاب الجماعي الذي أعده عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب، وأصدرته مؤسسة منتدى أصيلة بعنوان «التجربة الروائية لسحر خليفة»، وهو كتاب من 400 صفحة موقع بأسماء نقاد وباحثين وكتاب عرب وازنين يزيد عددهم على الـ30، ويضم دراساتهم وقراءاتهم وحواراتهم مع الروائية سحر خليفة.

وذكر رئيس لجنة التحكيم الكاتب الجزائري واسيني الأعرج، أنه منذ خمسة أشهر من السجال الثقافي ضمن أعضاء لجنة تحكيم «جائزة محمد زفزاف للرواية العربية» في دورتها الخامسة، انتهت لجنة التحكيم إلى منح الجائزة إلى الروائية الفلسطينية سحر خليفة، موضحا أنها توفرت فيها سلسلة من الشروط التي وضعتها اللجنة، أبرزها الأعرج في خمسة شروط، أولها في التعبير عن معضلات العصر من حروب وهزات عنيفة من خلال القضية الفلسطينية، التي تشكل حجر الزاوية في كتابات سحر خليفة، وثانيها في الحرية الإبداعية، حيث ظلت سحر خليفة تتحرك كإنسانة منخرطة في الفعل الاجتماعي والثقافي مبدعة وروائية في كل ما يحيط بها من قضايا إنسانية وحياتها الكبرى، ومن قضية المرأة إلى مسألة الاحتلال والحصار واتفاقية أوسلو وغيرها، وهو ما بوأها مرتبة الروائية الحرة.

وتمثل الشرط الثالث في الدفاع عن القيم النبيلة التي تهم الفلسطيني وتهم أيضا الإنسان في المطلق. أما الشرط الرابع فتجلى في الانتصار لقيم الحداثة من خلال الوسائط الفنية التي تفرضها الرواية وليس الخطاب السهل، كحق المواطنة والتنوع وحرية المرأة وغيرها. وفي الشرط الخامس تحدث الأعرج أن هذا المتن الكبير صاحبته استمرارية وتواتر واضحان وحيوية منتجة تتفادى مقتل الفعل الروائي كالتكرار والخطاب السهل، وهي خاصية مهمة لا تتوفر في جميع الروائيين، موضحا أن سحر خليفة منذ روايتها الأولى «لم نعد جواري لكم» التي أصدرت عام 1974 حتى نصها الأخير «حبي الأول» عام 2010، لم تتوقف عن الكتابة والإبداع إيمانا منها أن الرواية رهان ثقافي وحضاري.

وتحمل الجائزة اسم الروائي المغربي الراحل محمد زفزاف، وتبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار، وهي جائزة تمنح مرة كل ثلاث سنوات بالتناوب مع جائزتي «تشكايا أوتامسي» للشعر الأفريقي و«بلند الحيدري» للشعراء العرب الشباب. وحسب قانون الجائزة، توكل صلاحية منحها إلى لجنة تحكيم دورية يختارها مجلس أمناء مؤسسة منتدى أصيلة وأمينه العام. وتتكون لجنة التحكيم الحالية من واسيني الأعرج (رئيسا)، وعضوية محمد بن عيسى (المغرب)، وإسماعيل فهد إسماعيل (الكويت)، وأحمد المديني (المغرب)، وعبده جبير (مصر).

وقدمت رزان محمود إبراهيم، كاتبة فلسطينية، دراسة نقدية في أعمال الروائية الفلسطينية سحر خليفة، واعتبرتها أنها كانت الشاهد الحقيقي على نفسها وعلى تاريخ فلسطين حيث عرفته عن قرب، وأن كتاباتها كانت تتطور وفق الحاضر الفلسطيني. وقالت: «يجب أن نربط بين سردها وأنماط حياتها التي عاشتها في فلسطين»، مشيرة إلى أن للروائية نكبة خاصة لأن فلسطين نكبة، وأنها كانت حريصة على نقد الذات ودفعها إلى اتجاه النمو والتجدد.

وأفادت إبراهيم بأن الروائية الفلسطينية كانت رسالتها أن أي كلام مجاني عن السلام غير مقبول، وأنها كانت تربط بين حرية المرأة وحرية الوطن بشكل جميل كما تربط بين الاستعمار والتخلف، مضيفة أنها كانت مخلصة للوظيفة الفنية والوظيفة الوطنية.

ووصف نبيل عمرو الكاتب والمحلل السياسي وسفير دولة فلسطين السابق لدى مصر ووزير الإعلام سابقا، الروائية الفلسطينية سحر خليفة بأنها النبتة الخضراء وارفة الظلال وغزيرة الثمر. واعتبر أن الاحتفاء بها وبإبداعها وتمثيلها الجدير للإنسان الفلسطيني هو احتفاء بالظاهرة الفلسطينية الثرية والمعطاءة في الفكر والسياسة والحضارة والكفاح الوطني، وقال عمرو: «إنه احتفاء من المغرب بفلسطين الأقرب إليه من حبل الوريد».

وتحدث الروائي المصري عبده جبير، من جهة ثانية، عن فوزه بأقصر قصة قصيرة في المشرق، بعد أن شارك عام 1990 في ندوة نُظمت ببيت ويليام فولكنر بولاية مسيسيبي في الجنوب الأميركي، موضحا أن السيدة التي كانت تدير الجلسة طلبت منه كما طلبت من الجميع كتابة أقصر قصة، فكان جوابه «أنا أموت». وعلى أثر ذلك، قال جبير ككلمة له في حق الروائية الفلسطينية سحر خليفة: «والآن أريد أن أفوز بجائزة أقصر كلمة.. سحر أحبك».

ويذكر أن «جائزة محمد زفزاف للرواية العربية» تم إقرارها سنة 2002. وحصل عليها إلى حدود الدورة الحالية مجموعة من الروائيين المرموقين في العالم العربي، هم: الروائي السوداني الراحل الطيب صالح، والروائي الليبي إبراهيم الكوني، والروائي المغربي مبارك ربيع، والروائي السوري حنا مينه، وفي عام 2013 الروائية الفلسطينية سحر خليفة.