«يوم التبولة الوطني».. 12 لبنانية تبارين في تحضير أفضل طبق منها

«سوق الطيب» استضاف الحدث داعيا ربات المنازل إلى إدراجه على مائدة العائلة أسبوعيا

المتباريات يعرضن اطباق التبولة أمام لجنة الحكم
TT

«يوم التبولة الوطني» عيد جديد أضيف إلى روزنامة وزارة السياحة في لبنان، في مبادرة منها لترسيخ جذور أشهر الأطباق اللبنانية عالميا؛ فللسنة السادسة على التوالي نظم «سوق الطيب» في منطقة الصيفي وسط بيروت هذا المهرجان الذي يصادف السبت الأول من تموز (يوليو) من كل عام، وتجري فيه مسابقة تدور حول إعداد أطيب طبق تبولة في أصنافه الثلاثة؛ التقليدي والشتوي والمبتكر.

وبعد إشراف لجنة الحكم المؤلفة من عدد من رجال الصحافة وأساتذة جامعيين وأفضل الطهاة، على رأسهم الشيف جو برزا (عضو لجنة الحكم في البرنامج التلفزيوني «توب شيف») فازت جميلة نهرا من بلدة صغبين البقاعية بلقب صاحبة أفضل طبق تبولة تقليدي، بينما حازت ريما مسعود من بلدة الرملية في منطقة عاليه بجائزة أفضل طبق تبولة شتوي، وانتزعت سونا وهي أرمنية من بيروت لقب صاحبة أفضل طبق تبولة مبتكر.

زوار سوق الطيب في هذا اليوم تناولوا «التبولة» بكل أشكالها، التي حضرتها بعض السيدات المتباريات مباشرة على أرض الحدث أو مسبقا في منزلها، وقدمتها في طبق كبير زين أما بالملفوف والخس أو بحبات البندورة الكرزية أو بحبوب الكيناوا الشبيهة بحبوب البرغل، أحد أهم عناصر هذا الطبق.

وقالت ميسون بومطر، التي دخلت المسابقة عن فئة الطبق المبتكر، إنها استخدمت حبات الكيناوا محل البرغل الأبيض، لأنها صارت تشكل مؤخرا موضة رائجة على المائدة اللبنانية، كونها تحتوي على فائدة غذائية كبيرة تماما كالسبانخ، ولأنها تشكل مكونا جديدا يمكن أن يدخل على التبولة.

أما الفائزة جميلة نهرا، التي تحظى باللقب للسنة الثانية على التوالي، فتؤكد أن سر نكهة طبق التبولة الذي تحضره يكمن في مكوناته الطبيعية، التي تحرص على زرعها في حديقتها كالبقدونس والبندورة والبصل الأخضر والنعناع، الذي تضيف إليه عصير الحامض الطازج وزيت الزيتون البلدي فيخرج من مطبخها لذيذا طازجا ذا طعم ونكهة لا يشبهان الطبق الذي يقدم في المطاعم.

وأضافت لـ«الشرق الوسط»: «كما يقولون، فإن سري يكمن (بالنفس) الذي أتمتع به، والذي يضفي إلى الأطباق التي أحضرها نكهة طيبة».

أما ريما مسعود (الفائزة بأفضل طبق تبولة شتوي)، فاعتبرت أن هذا الطبق العريق عادة ما تستعمل فيه «القاورما» (لحمة ممزوجة مع كمية من الدهن) مكان البرغل، فيزود متناوله بطاقة حرارية تخوله مواجهة البرد والحرارة المنخفضة السائدة في الجبل في فصل الشتاء، أما من ناحيتها، فقد اختارت استعمال حبوب العدس المقشور الأحمر لتحل مكان «القاورما»، وهي عادة يتبعها أهل الجبل في فصل الربيع.

وعن طريقة تحضير هذا الطبق قالت: «إنه يحضر تماما كطبق التبولة التقليدي، مع فرق بسيط يكمن في استعمال العدس الذي يتم نقعه قبل يوم من استعماله، ويتم غسله أكثر من مرة ليصبح طريا وطيب المذاق».

من ناحيتها، رأت سونا التي حازت على إعجاب لجنة الحكم عن طبق التبولة المبتكر أن دبس الرمان المخلوط مع الفلفل الأخضر، مع القليل من البقدونس، هو سر خلطتها التي خولت لها الفوز، مشيرة إلى أن المكونين الأولين يستعملان في معظم الوجبات الأرمنية.

وعلى الرغم من أن تيريز سركيس حاولت دخول المسابقة عن فئة «الطبق المبتكر» فقدمته مع برغل التفاح الميروبي (نسبة لبلدة ميروبا) الحامض الطعم، مستعينة بعشبتي القريص والحميضة مكان البقدونس، فإن الحظ لم يحالفها في الفوز.

أما «أم علي» الآتية من الجنوب، فهي معروفة بتحضير طبق «التبولة الزهري»، إذ تستخدم فيه زهرة الجيرانيوم الحمراء مكان البندورة، مع إضافة الحبق إليها، لم يحالفها الحظ أيضا بالربح على الرغم من أنها تشارك في هذه المسابقة منذ عام 2001، وهي التي استطاعت أن تفوز بمسابقة أفضل رغيف خبز من العام نفسه، الذي حضرته بخلطة غريبة مؤلفة من العقدة الصفراء ورب الورد والجوز والقرفة، وهذا الرغيف أصبح رائجا اليوم بين اللبنانيين الذين يقصدون مطاعم معينة تستعين بـ«أم علي» لتلبية طلبات زبائنها.

ووصفت ميرا مخلوطة مديرة «سوق الطيب» لـ«الشرق الأوسط» هذا المهرجان السنوي بأنه حجر الأساس، الذي يجمع ما بين اللبنانيين المنقسمين، في ظل التجاذبات السياسية التي يعيشونها؛ فهو يوحدهم، حيث إنهم يقدمونه جميعا على موائدهم. ودعت المسؤولة عن تنظيم هذا الحدث ربات المنازل إلى تحضير هذا الطبق أكثر من مرة في الأسبوع، لا سيما في شهر رمضان، كونه مغذيا ويزود متناوله في الإحساس بالشبع، خصوصا إذا ما ترافق ذلك مع رغيف خبز أو مع الخس والملفوف أو ورق العريش الأخضر الطازج.

يذكر أن «يوم التبولة الوطني» بدأ العمل فيه عام 2001 على صعيد ضيق، بفكرة أطلقها يومها ريكاردو مبارخو، وهو فنان تشكيلي، بعد أن رأى ضرورة الاهتمام بهذا الطبق المشهور في لبنان وإعطائه حقه التقديري، ولو بلفتة صغيرة، ترجمها حينها في «سوق الطيب»، وما لبثت هذه الفكرة أن تطورت وأخذت منحى جديا، بعد أن أعلنتها وزارة السياحة يوما وطنيا عام 2007 يحتفى به رسميا في جميع البيوت اللبنانية.

أما الجوائز التي تقدم للفائزات، فهي (كما وصفتها مديرة «سوق الطيب» ميرا مخلوطة) رمزية، تقتصر على صناعات لبنانية مرتبطة بالتراث اللبناني كالفخاريات وما شابهها.