أنطوني هوبكنز: وحدتي قادتني إلى البحث عن منهج خاص في الحياة يكون نافعاً لي

الممثل العالمي قال لـ «الشرق الأوسط» إن الفيلم الديني أو التاريخي يساعد الممثلين على الخروج من الزمن المعاصر

أنطوني هوبكنز في لقطة من «أحمر 2» مع بروس ويليس
TT

بعد أسبوع أو اثنين ينطلق عرض فيلم تشويقي من نوع خاص. عنوانه «أحمر 2» والخاص فيه هو أنه من بطولة معمرين أو لنقل ممثلين تجاوزوا سن الشباب: بروس ويليس، وهيلين ميرين، وجون مالكوفيتش، وماري - لويز باركر، وكاثرين زيتا جونز و أنطوني هوبكنز.

لم يكن اشترك في الجزء الأول، لكنه نجده هنا واحدا من محاور الفيلم الأساسية. إنه عالم فيزيائي وكان يعمل جاسوسا في زمن مضى. حين تسأل الممثل الذي لا داعي لتقديمه بكلمات تقليدية تكشف عن تاريخه وأعماله، إذا ما كان يعتقد أنه يصلح لأن يكون جاسوسا يقول نافيا: «لا. طبعا. لا أرى أنني أصلح لهذه المهمة لأني سأخاف أن يقبض علي».

الحديث بيننا تناول أكثر من شأن. هوبكنز الذي يبلغ الخامسة والسبعين من العمر الآن، يعود إلى الماضي أكثر مما فعل حين التقيته قبل نحو ثلاث سنوات في مقابلة أخرى. يتحدث عن مرحلة طفولته وكيف أن الوحدة والرغبة في الانتقام من فشله في المدرسة وقفا وراء نبوغه في المجال الذي اختاره لنفسه. ولا يستطيع المرء حيال ذلك إلا أن يشكر الظروف التي جعلته تلميذا غير نجيب.

خلال الحديث عرض صورة يحتفظ بها لنفسه. هي صورة صبي ينظر إليها من حين لآخر ليقيس، على ما يبدو، تلك المسافة الطويلة التي خطاها منذ ذلك الحين، والتي أثمرت حتى الآن عن 70 عملا (معظمها سينمائي) ونجاحا كبيرا.

* لم تشترك في الفيلم الأول «أحمر»، لكن هل شاهدته؟

- نعم. كنت أريد أن أعرف شيئا عن هذا الفيلم. عن أجوائه وما الذي يريد أن يقوله ولماذا نجح وأعجب النقاد. كان لا بد لي من مشاهدته أيضا لأني كنت قرأت سيناريو الجزء الثاني، الذي اشترك فيه، وأعجبني.

* تؤدي شخصية مثيرة للاهتمام: ذكي ومتقدم عن سواه بخطوات. كذلك هو شخص من الصعب أن يفاجأ بشيء. هل أنت كذلك في حياتك الخاصة؟

- لم يعد هناك كثير مما يفاجئني حاليا. ولا أحاول أن أتقدم على سواي أو غيري في الحياة. أنا لست من النوع الذي ينافس. عندما كنت أصغر سنا بالطبع كنت أقوم بذلك. الآن أرى أنه من غير المجدي أن تحاول سبق الآخرين لأن لا أحد يمتلك أي قرار على نحو كامل في كل الأحوال. أنظر إلى المرآة صباحا وأقول في نفسي: «أنت تكبر يا فتى» لكنها الحياة. لم القلق؟ جميعنا سنتوجه إلى هذه النهاية.

* «رد» و«رد 2» في الواقع يدوران حول مجموعة من أبطال الأمس وهم ما زالوا يعملون في المهام المستحيلة. مجموعة تجاوزت سن الشباب.

- لا بأس. يحق لهم (يضحك). الفكرة تقوم بالفعل على أن فريقا من جهاز أمني يعود للعمل لكي يدافع عن وجوده في عالم مختلف اليوم عما كان عليه بالأمس. وهو في الواقع مختلف جدا.

* هناك مشهد أعجبني يعبر عن هذا الاختلاف: تقود بعض الممثلين في زيارة إلى موسكو التي كنت تعتقد أنك تعرفها لكنك تفقد طريقك وتنتهي أمام الكرملين.

- صحيح. الأشياء تتغير فينا ومن حولنا ولا يمكن إيقاف هذه العربة المنطلقة. مستحيل.

* كما تعلم معظم ما تنتجه هوليوود من أفلام موجه للشباب. لكن أليس من المبهج أن تنتج مثل هذا الاستثناء حيث معظم الممثلين تجاوزوا الخمسين من العمر؟

- صحيح. قريبا سأقوم بالتمثيل في فيلم من بطولة شبان وشابات. أولاد في مثل سن أولادي أو أحفادي. في الحالتين هي خبرة أكتسبها فيلما بعد فيلم. بالطبع يعنيني أن تنتج هوليوود أفلاما أكثر تصلح للراشدين، لكن الواقع هو أن هناك ما يكفي من الأدوار الناضجة لممثلين فوق الخمسين حتى ولو كانت الأفلام تدور حول جيل أصغر. في الحقيقة، أحب أن أكون بصحبة الشباب.. أنا الآن أكبر الممثلين (يضحك).

* هل لديك دراية في العلوم كما ينص دورك في «أحمر 2»؟ هل كان لديك ميل للعلوم حين كنت صغيرا؟

- لا. مطلقا. كنت سيئا في مادة العلوم. كنت أجلس في آخر الصف وأحاول أن أتحاشى نظرات الأستاذ. هذا لم يكن يمنع من أن يروني وأعتقد أنهم كانوا يعرفون كم كنت مثيرا للأسى لذلك كانوا يقصدون مناداتي. لكني بالفعل لم أكن أعرف ما الذي كانوا يتحدثون فيه.

* في أي مادة كنت ناجحا إذن؟

- كنت سيئا في كل المواد. كنت في قاع الدراسة. ولم يكن والدي مشجعا لي. كان يقول: «هل هناك خطأ جذري في هذا الصبي».. والدتي كانت ترد عليه «اتركه وشأنه». لكن أدرك الآن أن كل ذلك كان جيدا لي. لأنني كنت مصمما على أن أكون ناجحا وثريا يوما ما. كنت وحيدا في البيت من دون أخوة ووحيد في المدرسة وهذا ما جعلني أتوسل عالمي الخاص.

* هناك فيلم تسجيلي سويدي شاهدته منذ سنوات يشير إلى هذه النقطة: الصبي الوحيد في محيطه أو بيئته عادة ما يظهر نبوغا فائقا. يستخدم خياله مما يؤدي به إلى خلق عالمه الخاص - أعتقد أن هذا صحيح تماما. لقد قادتني هذه الوحدة بحثا عن منهج في الحياة يكون نافعا لي. سأريك صورة لي وأنا في العاشرة من العمر، ولدي صورة أخرى وأنا في الرابعة.. حين أنظر إليهما أفكر قائلا في نفسي: «لقد أحسنت يا فتى».

* هل صحيح أنك أردت أن تشتري المنزل الذي عشت فيه حين كنت صغيرا؟

- لا. ليس صحيحا. ما حدث أنني كنت في منطقة ويلز نحو الكريسماس الماضي وكان عيد ميلادي في الواحد والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) يقترب. توقفت وزوجتي أمام المنزل الذي ولدت فيه في بلدة بورت تالبوت. نزلت زوجتي من السيارة ودقت الباب. صحت بها ألا تفعل. فتح الباب رجل وقالت له زوجتي إنني زوجة أنطوني هوبكنز ونود مشاهدة البيت الذي ولد فيه. شعرت بالحرج، لكن الرجل كان سعيدا. دخلنا البيت وكان الجو باردا. طبعا تغير قليلا. ربما هو من صرح للصحف أنني أريد شراء البيت، لكن ذلك لم يكن واردا.

* واحد من تلك الأدوار الناصعة التي اشتهرت بها هو دور «هانيبل» في فيلم «صمت الخراف». هل كنت تتوقع ذلك عندما مثلت هذا الفيلم؟

- كيف يمكن لأي ممثل أن يتوقع كيف ستكون عليه ردة فعل الجمهور حيال أي دور؟ لا أعتقد أن ذلك ممكنا. طبعا يأمل وربما في الدور ما يدفعه لأن يعتقد أن هذا محتملا جدا. لكن التوقع دائما ما ينجلي عن نتيجة هي إما أكثر مما توقع أو أقل مما توقع.. في مرات قليلة يتحقق التوقع كاملا. لم أكن أعرف شيئا عن مدى نجاح ذلك الفيلم، لكني كنت أعلم أنه مختلف. في رأيي ورأي كثيرين كما أعتقد أنه ليس فيلم رعب كما «طارد الأرواح» مثلا، لكنه مرعب لأنه ليس كذلك.

* بالتأكيد. هل شاهدت الحلقات التلفزيونية المقتبسة عن شخصية هانيبال؟

- لا. ليس لدي الوقت لأشاهد أي شيء. لمحت حلقة من المسلسل ذات مرة ولم يتسنى لي أن أتابع ما يدور. قرأت أن الممثل (يقوم بالدور الدنماركي ماس ميكلسن) جيد جدا.

* المرة السابقة التي التقينا بها ذكرت لي حبك للرسم. هل ما زلت تمارسه؟

- نعم. وزوجتي ألهمتني منذ أن اكتشفت وجود سيناريوهات كنت استلمتها للقراءة ورسمت على بعض صفحاتها. سألتني إذا ما كانت الرسومات هي لي وحين قلت لها نعم، أصرت على أن أرسم اللوحات.

* لنترك الماضي ونتكلم عن المستقبل.. تلعب دورا رئيسيا في «نوح» الذي لا يزال قيد التصوير.

- نعم.

* ما رأيك في الأفلام الدينية كهذا العمل؟

- بالنسبة للممثل، جزء كبير منه لا يكترث لنوع الفيلم. لكن الفيلم الديني والفيلم التاريخي والملحمي يساعدنا كممثلين على الخروج من الزمن المعاصر إلى الأمس. لذلك نحبه. يمنحنا بعض الشعور بأننا متأصلين بتلك الشخصيات على نحو أو آخر. حكاية نوح فيها كثير مما يمكن الحديث فيه. أعتقد أنها تسع لأكثر من فيلم.. يمكن أن تكون مسلسلا (يضحك).. السيناريو الذي كتبه دارن أرونوفسكي جيد ومثير للغاية. سيناريو ذكي بالفعل.

* لديك فيلم تاريخي آخر - تقصد «ثور: العالم الداكن»؟

* نعم، لكنه فيلم خيالي. ما قصدته بسؤالي الأول هو إذا ما كان للفيلم الديني مكان في هذا الزمن الحاضر؟

- أعتقد أن الجواب هو نعم. لكني قد أكون على خطأ. أعتقد أن ملايين البشر في كل أنحاء العالم يريدون عملا يعيد سرد حقب التاريخ والديانات بوجهات نظر مختلفة. لا أعتقد أن السينما ستتوجه بعد «نوح» لتحقيق أفلام دينية وتاريخية لكني أعتقد أنه سينجح إلى حد كاف لكي يعبر عن هذا الاهتمام الذي يكنه الناس للشخصيات الدينية والحكايات التاريخية ولو من باب التعرف. ليس ضروريا أن يكون الفيلم حول الدين، إنما يستطيع أن يكون فيلما تاريخيا عن موضوع ديني. وهذا هو «نوح» بالفعل.

* ما رأيك بالصدى الذي أحدثه فيلم «هيتشكوك»؟

- كان يستحقه. «هيتشكوك» كما لا بد من التعرف على المخرج الذي من الصعب وضع إطار خاص حوله. أو تصنيفه بكلمة ثم الانصراف بعيدا. أعتقد أن الفيلم أراد بالفعل تقديم أكثر من وجه لهذا المخرج وكنت سعيدا بالدور.

* ربما أكثر من وجه لكن هل تعتقد أن السيناريو كان واقعيا؟

- حسب المصدر (كتاب لستيفن ريبيللو) كان واقعيا. ليس على نحو تفصيلي أو على نحو دقيق كأنه يعايش حياة المخرج لحظة بلحظة فهو ليس فيلما تسجيليا. تستطيع أن تقبله وتستطيع أن ترفضه. لكنه من وجهة نظري كوني مثلت هذه الشخصية، كان علي أن أدافع عنها كما أريد لها أن تظهر به. ربما هناك حقائق أكثر لكن هذا لا يعني أن هذا الفيلم لم يقدم بعضها أو لم يقدم حقائق مختلفة ليست شائعة.