ولد نحيل يستطلع الهلال

د. حسن الشافعي

TT

للدكتور حسن الشافعي، كبير مستشاري شيخ الأزهر، ذكرياته في شهر رمضان، قائلا «أتذكر السنوات الأولى في الصيام في أوائل الأربعينات من القرن الماضي، واحتفاء أهل قريتي بمحافظة بني سويف (القريبة من القاهرة)، برؤية هلال شهر رمضان، ومحاولتهم لرصد هلال الشهر الكريم بأنفسهم، وأتذكر الفرحة التي كانت على وجوه أهل قريتي عند رؤية الهلال واستعداداتهم لقدوم رمضان».

ويواصل «أتذكر وأنا ولد صغير نحيل الجسم صغير الحجم، حيث ألزمت نفسي بالزى الأزهري خلال شهر رمضان، وكان يتمثل وقتها في عمامة رأسية على الرأس و(كاكولة) سابغة على الجسم.. وكان هذا الزى يكسب صاحبه الوقار، ويفــرض عليه التوقر، ويُلزمه بسلوك معين في مشيته بالشارع وفي المساجد».

وأضاف الدكتور الشافعي، وهو رئيس مجمع اللغة العربية في مصر، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن «الأيام الأولى لصيامي في شهر رمضان منطبعة في ذهني، وعندما كلفتني وزارة الأوقاف لأكون إماما في أحد مساجد القاهرة خلال شهر رمضان، وهو مسجد قصر عابدين في منطقة وسط القاهرة، كنا أنا وزملائي من الأئمة نتبادل الخطب وصلاة التراويح في المساجد بعد الإفطار، بدلا من أن يبقى الإمام في مسجد واحد، وكذا في صلاة الفجر والتهجد، وأذكر الشيخ محمد الغزالي عندما كان مديرا في وزارة الأوقاف أنه هو الذي أجرى حركة رفيعة جدا لاستغلال هذا الموسم الإيماني وهو شهر رمضان لزيادة الوعي الديني لدي المسلمين».

وولد الدكتور الشافعي عام 1930 وحفظ القرآن الكريم صغيرا، والتحق بمعهد القاهرة الديني الأزهري، وقد برز، وهو طالب بين زملائه، فكانت شخصيته تقدمه إلى الصفوف الأولى في الصلاة خاصة في صلاة التراويح خلال شهر رمضان، ممن هم في مثل سنه، وعلى من هم أكبر منه سنا أحيانا.

وأضاف الشيخ الشافعي (83 عاما) لـ«الشرق الأوسط»: «أذكر عندما سافرت إلى باكستان ولاحظت عادات الناس هناك واحتفاءهم بشهر رمضان، وعاداتهم الخاصة في هذا، فهم ليسوا مثلنا يفطرون عند غروب الشمس، وإنما يكتفون بالماء فقط». ويواصل «إذا عزمك واحد من أهل باكستان على الإفطار في رمضان فمعنى هذا أنه سوف يقدم لك الماء المثلج والتمر فقط، وإذا زاد ربما يقدم لك بعض الحلوى.. والسلام عليكم»، موضحا أنهم «يفطرون عقب الانتهاء من صلاة التراويح، والحقيقة أنه الأفضل، لأن عندنا في مصر عادة سيئة، وهي الإفطار بعد أذان المغرب مباشرة على أكل ثقيل، وينتج عنه أن الجسم يصيبه الثقل عن أداء السنن».

وتابع «لاحظت أيضا في المغرب العربي أن لهم تقاليد خاصة، فهم يحتفون برمضان احتفاء شديدا على جميع المستويات الملك والحكومة والعلماء الوافدين من مصر بوجه خاص، ويتم توجيههم إلى المساجد والبلاد، وعاداتهم في الطعام قريبة من عادات الشرق الأقصى وهي تأخير الإفطار»، مضيفا «أقول إنني صمت عدة سنوات في الغرب، وكنا نصوم قرابة 18 ساعة، لأن مواعيد المغرب والعشاء متأخرة».

وعن الأماكن التي يحب الشيخ الشافعي قضاء صلاة التراويح والفجر فيها خلال شهر رمضان، قال «أفضل الصلاة في مساجد قريتي، وأقضي أسبوعين في مساجد الإسكندرية»، مضيفا «أحب أن أقضي أكثر أيام رمضان في مساجد عروس البحر المتوسط اعتبارا من أول أيام رمضان».

وعن وجباته التي يفضلها في شهر رمضان، قال كبير مستشاري شيخ الأزهر ضاحكا «أنا رجل جاوزت الثمانين من عمري، والوجبات التي أتناولها قليلة بطبعها.. فكل الطعام المتاح هو خير»، معتبرا أن إفطاره في منزله هو الأفضل، بقوله «أرفض دعوات كثيرة للإفطار خارج منزلي».

وعن طقوس الشيخ الشافعي في رمضان، قال «ليست لي طقوس معينة سوى قراءة القرآن الكريم ومنح الدروس في المساجد التي تركز دائما على فضائل شهر رمضان بشكل بسيط وميسر يسهل فهمه».