أذان الفجر يتردد في غرف معيشة البريطانيين طوال شهر رمضان

المؤذن البريطاني حسن رسول لـ «الشرق الأوسط»: نتيح للمشاهد البريطاني رؤية الإسلام في صورة إيجابية مليئة بالسكينة والطمأنينة

المؤذن حسن رسول في أحد شوارع لندن
TT

بدأ المسلمون في بريطانيا صيامهم أمس على أذان الفجر الذي بثته «القناة الرابعة» في التلفزيون البريطاني بصوت الموسيقي حسن رسول.

وكانت القناة أعلنت أنها ستبث أذان الفجر في الثالثة صباحا طوال أيام الشهر في أول سابقة من نوعها لشبكة تلفزيون تمولها الحكومة في بريطانيا، كما ستقطع القناة التي تختص ببثها الأقليات في بريطانيا بثها المعتاد أربع مرات في أول أيام شهر رمضان لعرض أفلام قصيرة مدة كل منها 20 ثانية لتذكير المشاهدين بموعد الصلاة.

واختار المسؤولون لأداء الأذان حسن رسول، وهو موسيقي من جنوب أفريقيا، وصورته الكاميرات وهو يتجول في شوارع لندن مرتديا ملابس عصرية شبابية، ويتوقف لإلقاء الأذان بينما يمر من حوله المارة من كل الثقافات والخلفيات، تتبعه من شوارع الأحياء الضيقة إلى الأسواق الشعبية، وأمام مبنى البرلمان إلى جسر لندن. يتردد صوته العذب ويتلقى الابتسامات أحيانا من المارة، ونظرات الفضول أيضا، لكن الابتسامة التي تعلو وجهه تتغلب على الاستغراب الذي يقابله.

وكان لا بد من الحديث مع المؤذن الشاب حسن رسول لمعرفة المزيد عن التجربة الرائدة، سألته عن عمله مؤذنا فقال: «أؤذن في بعض الأوقات في أماكن مختلفة، ولكن في شهر رمضان سأؤذن لكل الصلوات في مسجد الحي الذي أعيش به في هارو».

وكان سؤالنا سببه أن رسول معروف بأنه موسيقي، وهو ما يؤكده أيضا، ويقول: «أجل أنا أغني وأكتب الأغاني، أغنياتي تميل لنوعية موسيقى (السول) وأغنيات بوب ديلون. وأصدرت عدة أغنيات بالفعل».

ولكن كيف تم الاتفاق معه وما رأيه في هذه الخطوة الرائدة والجريئة أيضا، يقول لنا إن مسؤولي القناة قاموا باختياره بناء على ترشيحات من أناس استمعوا له من قبل، وأضاف: «كنت سعيد جدا بالأمر؛ فأنا أعتقد أننا في بريطانيا بحاجة لنرى برامج إيجابية على شاشة قناة رسمية، فنحن نشاهد دائما صورا سلبية للإسلام والمسلمين على شاشات التلفزيون، وخاصة بعد حادثة مقتل الجندي لي ريجبي في حي ووليتش على يد متطرفين. وبإذاعة الأذان أرى أننا نتيح للمشاهد البريطاني رؤية الإسلام في صورة إيجابية مليئة بالسكينة والطمأنينة. وافقت على العرض وقمنا بالتسجيل في أحد استوديوهات سوهو، لا بد أن أشيد بالقناة التي حرصت على تنفيذ التسجيل على أعلى المستويات».

ما أثار إعجاب الكثيرين هو كيفية تصوير الأذان في إطار معاصر بين الشوارع والمباني المعتادة في بريطانيا وبين المارة الذين يتوجهون لعملهم وبين المتسوقين، تلك اللمحة العصرية كما يعلق رسول تعكس شخصيته: «أردت أن أعكس شخصيتي؛ فأنا شخص أحب الناس، أبتسم للغرباء وأسارع لنجدة المحتاج. في الحقيقة كان من أهم الأشياء التي أصررت عليها عند الاتفاق مع القناة هو أنني يجب أن أكون على طبيعتي، وبالفعل وافقوا على ذلك. فأنا لم أرد الوقوف على سطح أحد المباني للأذان، أردت أن يكون التصوير جريئا وحضريا».

المشاهد للفيديو يرى تعبيرات مختلفة على وجوه المارة، وفي إحدى اللقطات يمر شرطيان بجانب رسول وينظران إليه بتوجس، يعلق رسول: «قمنا بسؤالهما بالسماح لنا باستخدام الفقرة التي يظهران بها ووافق أحدهما ورفض الآخر، ولكننا عرضنا له الجزء الذي تم تصويره وحاولنا إقناعه بأن العمل هادف وسيكون أمرا جيدا إذا ما ظهر فيه كشرطي، ونجحنا في إقناعه في النهاية. أما بقية المارة فكانوا سعداء بسماع الأذان والتصوير، وأبدوا فضولا لمعرفة ما أقوله. أحسست في لحظة وقوفي على جسر لندن أن الطيور تحلق حولي وكأنما اجتذبها الأذان، وتفرقت بعد انتهائي».

نشأ رسول في جنوب أفريقيا حيث اكتشف موهبته الموسيقية، وكان يلح على المؤذن في مسجد بلدته ليسمح له برفع الأذان عندما لم يكن عمره يزيد على ست سنوات.

ومن جانب آخر هون رسول من شأن الانتقادات التي وجهها معلقون يمينيون إلى «القناة الرابعة» بسبب قرار بث أذان الفجر حسب «رويترز»، وقال: «سواء كنت عنصريا أو متعصبا أو شخصا لا تقبل أي ثقافة أخرى.. لا بأس.. فعندما تتحدث روحك أو عندما تريد التواصل مع صوت فقد قضي الأمر، ولم يكن لك حيلة فيه».

وكانت القناة قد أعلنت أنها أعدت برامج خاصة تذاع على مدار الشهر ضمن باقة خاصة تحمل اسم «4 رمضان» تبدأها ببرنامج «رمضان بريطاني جدا» وبرنامجين يذاعان يوميا في الصباح والمساء بعنوان «تأملات رمضانية» و«مذكرات رمضان».

وعلق متحدث باسم القناة لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرار جزء من سياسة القناة بالتوجه لأذواق واهتمامات مجتمع متنوع ثقافيا، وأن توفر مساحة لوجهات نظر وآراء مختلفة. ستقدم البرامج المعدة لموسم رمضان نظرة على كيفية دمج المسلمين للصيام مع حياتهم اليومية في بريطانيا.

إطلاق الأذان يحدث بكل المساجد في أنحاء بريطانيا، وسنقوم بإذاعته في الثالثة صباحا، ورغم أننا لا نتوقع أن يشاهده عدد كبير من الجمهور فإننا نأمل أن يقوم المسلمون وغيرهم من المهتمين بالإسلام بمتابعة القناة في هذا الوقت لمشاهدة الأذان وبرنامج (تأملات رمضانية)».

وعلق رالف لي رئيس برامج «تشانل 4»: «الدعوة للصلاة هي إيعاز للمسلمين لأن يقوموا بقضاء لحظات من التأمل والعبادة، ولكني آمل أن تكون إذاعة الأذان فرصة للمشاهدين الآخرين لملاحظة ذلك».