الفوانيس والتمور و«لمة العائلة» رموز رمضانية ما زال يتمسك بها اللبنانيون

تحفيز القطاع الخاص للفنادق والمطاعم لتقديم أفضل الأسعار للمواطنين

TT

«على قد بساطك مد رجليك».. مثل لبناني معروف يصح قوله في مناسبة الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان والتي يمكن وصفها بالخجولة في ظل الحالتين الأمنية والاقتصادية غير المستقرتين في لبنان والتي دفعت بأهله أن يبدأوا بالتحضيرات له بوتيرة بطيئة إذا جاز التعبير.

ولعل التصريحات السياسية المحتدمة والمتبادلة من قبل طرفي (8 آذار) و (14 آذار) والشوائب الأمنية التي تشهدها البلاد من الشمال إلى الجنوب ساهمت في التخفيف من حماس شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين للاستعداد للشهر الفضيل ولا سيما الذين يعيشون هذه التجاذبات السياسية والأمنية مباشرة في مناطقهم وبلداتهم، فيما أصرت نسبة لا يستهان بها منهم أن تقوم بهذه التحضيرات ضمن ميزانية معقولة لا تضطرهم فيما بعد إلى الوقوع في خسارة هم في غنى عنها.

ويقول غسان، أحد العاملين في مقهى «بيتي كافيه» في منطقة الروشة إن التحضيرات أصبحت شبه جاهزة في المقهى الذي يبقي أبوابه مفتوحة لـ24 ساعة والتي تشمل لوائح وجبات الإفطار والسحور بأسعار مدروسة موضحا: «لا يمكننا أن نغير عاداتنا وتقاليدنا، ولذلك فإن هذه التحضيرات هي ثابتة في برنامجنا السنوي، والزبون أصبح يعرفها عن ظهر قلب وتتضمن 7 أصناف طعام بالنسبة للإفطار نغيرها نحو أربع مرات في الشهر، وتبدأ بالعصائر وصحن الحساء مرورا بالطبق اليومي والمقبلات ووصولا إلى الحلويات، ولا يزيد سعرها عن 27000 ليرة لبنانية (نحو 20 دولارا) للشخص الواحد إضافة إلى وجبة السحور وتتضمن المناقيش على الصاج والفول المدمس والبليلة وغيرها».

أما بالنسبة للفنادق فقد أعدت بدورها لوائح طعام خاصة بالمناسبة، إذ اعتمد فندق «فينيسيا» مثلا في وسط بيروت ثلاث صالات من مطاعمه «موزاييك» و«ووك ووك» و«أميتيست» لتستقبل الزبائن في الشهر الفضيل، بحيث يستطيعون وبين ثلاثة خيارات منوعة أن يقصدوا الصالة التي تقدم لهم ما يرغبون فيه من وجبات إفطار وسحور.

أما مطعم «العجمي» وسط بيروت فقد ركز استعداداته على وجبة الإفطار فقط، بحيث يغلق أبوابه بعد الثانية ليلا وتتضمن أيضا المقبلات والمشاوي والحلويات وبتكلفة لا تتعدى 63000 ليرة لبنانية للشخص الواحد.

ووصف نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان بول عريس وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» الاستعدادات للشهر الكريم في المطاعم بأنها شبه غائبة قائلا: «لمن سنقوم بالتحضيرات؟ فإن عملنا تراجع منذ عام 2010 حتى اليوم بنسبة 50% وبسبب الأوضاع المتردية في البلاد وتحذير الرعايا العرب من المجيء إلى لبنان من قبل بلدانهم لا ننتظر حركة غير اعتيادية في المطاعم في شهر رمضان، خصوصا وأن اللبنانيين من المقيمين يفضلون عادة تناول الإفطار في منازلهم وارتياد المطاعم للتنويع والتسلية». ويضيف: «جيبة المواطن فارغة ومصاريف أرباب العمل زادت مع ارتفاع أجور العمال وأسعار الإيجارات وقيمة الضرائب، فلا نريد أن نبكي ولكننا لسنا متفائلين».

وكان لوزير السياحة في لبنان فادي عبود رأي مغاير في الموضوع، إذ صرح لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة على جهوزية تامة من أجل استقبال هذا الشهر، وأن المهرجانات السياحية المقامة في عدد من المناطق اللبنانية لا بد أن تضفي رونقها على هذا الشهر الكريم مشيرا إلى أن الوزارة تعمل جاهدة على تحفيز القطاع الخاص من فنادق ومطاعم لتقديم أفضل ما لديها من أسعار للمواطن فيما يخص عروض وجبات الإفطار والخدمات السياحية الأخرى من خيم رمضانية ووجبات سحور وغيرها. وعن رأيه في ما قاله النقيب بول عريس بأن الوضع سيء، علق الوزير فادي عبود بالقول: «نحن نعتبر أن التبشير باليأس يؤدي إلى المزيد منه، بينما هو يعتبر ذلك وسيلة للخروج منه، ولننتظر ونرى مدرسة من هي الأكثر فعالية لأننا متفائلون».

أما العائلات اللبنانية فقد بدأت استعدادها لرمضان كل حسب إمكانياتها وتقول نهى الخطيب وهي أم لثلاثة أولاد: «ما زلنا نستعد لشهر رمضان كما في الماضي فلا شيء يمكن أن يتغير في هذا الشهر الكريم الذي يلم العائلة ويجمع أفرادها ولكن مع اختلاف بسيط وهو اتباع سياسة الاختصار في المصاريف لأن الأسعار ارتفعت».

أما نجاة كريدية، التي تعمل في أحد مصارف العاصمة فأكدت أن عائلتها ما زالت تحافظ على تقاليد هذا الشهر بحيث تتنقل كل يوم من أيامه لتناول وجبة الإفطار في منزل أحد أفرادها.

وتؤكد ذكية فخري التي تقطن في مدينة صيدا أنها تقوم حاليا بالاستعدادات اللازمة لشهر رمضان ولكن ليس بنفس وتيرة الماضي وتقول: «كنا نشتري مكونات الأطباق الخاصة بهذا الشهر قبل وصوله بأسابيع كثيرة وبالكيلوهات، أما اليوم فأصبحنا نشتريها بالغرامات، وكل يوم بيومه ولكننا أبقينا على تحضير أكثر من خمسة أصناف طعام على مائدة الإفطار، وهو أمر لم يكن يعتمده أهلنا في الماضي إذ كانوا يكتفون بتقديم طبق الفتوش واليخنة والتمور فقط».

من جهته رأى بسام أبو خشبة صاحب محل «بن فردان» في منطقة فردان لبيع المكسرات والتمور وقمر الدين والجلاب وكل لوازم مائدة رمضان أنه لم يغير عاداته في تزيين المحل وعرض فوانيس رمضان واستيراد أفضل نوعية منتجات إلى محله لأن زبائنه معروفون ويتمسكون في تقديم ما لذ وطاب على موائد الإفطار في منازلهم لمناسبة الشهر الكريم. وقال: «لم نقدم على زيادة أسعارنا رغم أن البعض يغتنم الفرصة لزيادة أرباحه في هذا الشهر والزبائن بدأوا منذ اليوم شراء حاجاتهم استعدادا لاستقبال الشهر الفضيل».

مدير عام وزارة الاقتصاد في لبنان فؤاد فليفل أكد من ناحيته في حديث لـ«الشرق الوسط» أن الوزارة، وبالتحديد مصلحة حماية المستهلك، وضعت برنامجا خاصا لمراقبة الأسعار في المحلات التجارية والتعاونيات في شهر رمضان، بحيث ستقام دوريات مكثفة للوقوف على مدى التزام التجار بالأسعار الموضوعة من قبلها وللحفاظ على حقوق المواطن والاطمئنان على راحته في ظل هذا الشهر الكريم.