أسواق غزة تعاني كسادا خلال شهر رمضان

حالة انعدام الثقة والخوف من المستقبل جعلت الغزيين أكثر حذرا في الإنفاق

TT

على الرغم من أن يوم الثلاثاء كان المتمم لشعبان وهو اليوم الذي يتجه فيه الغزيون لشراء ما يحتاجونه من حاجات خلال شهر رمضان، فإن النشاط في أسواق قطاع غزة دلل على مزيد من التراجع في القوة الشرائية للناس. وقد كانت القوة الشرائية في شارع «الزاوية» الذي يربط ميدان فلسطين بالمسجد العمري الكبير، في قلب مدينة غزة، وهو الشارع الذي تصطف فيه المحال التجارية التي تختص بجلب السلع التي يقبل عليها الغزيون خلال شهر رمضان، ضعيفة على الرغم من أنه يظل مزدحما طوال ساعات النهار.. فمعظم الناس الذين قصدوا هذا الشارع كانوا يكتفون بالاطلاع على الأسعار، وفي حالات قليلة يتجهون لشراء سلع. لا يبدي المارة الذين يتحركون في هذا الشارع اهتماما كبيرا بشراء ما لذ وطاب من الأجبان والتمور والحلاوة والمقبلات وأطباق قمر الدين، وغيرها من السلع التي يزخر بها المكان.

أحمد، الشاب الذي يعمل في أحد المحال التجارية، قال إن الأوضاع باتت أكثر سوءا بسبب إغلاق الأنفاق بين قطاع غزة ومصر. وحسب أحمد، فإن إغلاق المعابر قلص من حجم البضائع المصرية المهربة، وهي البضائع التي تباع بأسعار رخيصة مقارنة مع البضائع التي يتم استيرادها عبر إسرائيل، وهو ما قلص هامش المناورة أمام المستهلكين. وما يقوله أحمد أمر منطقي، حيث إن معظم الناس كانت تقبل على شراء السلع الأرخص، مثل الأجبان المصرية المهربة والمربى وغيرها، وقلة هم من يتوجهون لشراء التمور والأجبان المستوردة عبر إسرائيل، وحتى الأجبان المصنعة محليا بسبب ارتفاع أسعارها.

ونظرا لارتفاع الأسعار، فإنه بخلاف ما كانت عليه الأمور في الأعوام الماضية، فإن أصحاب المحلات لم يعودوا يبالغون في دعوة المارة للشراء بعد إخبارهم بمدى الانخفاض في الأسعار. ولا خلاف على أن الحصار الإسرائيلي وتعاظم معدلات الفقر والبطالة عمل على تدهور الأوضاع الاقتصادية، وقلص بالتالي القوة الشرائية. ومما يعكس تراجع القوة الشرائية للناس، حقيقة أن الكثيرين من أصحاب المحال يقضون وقتهم، إما في تبادل الحديث مع بعضهم البعض، وإما في مطالعة الصحف والاستماع لنشرات الأخبار.

علاء، الذي يملك والده محلا لبيع المواد الغذائية في السوق، قال إنه «منذ أن بدأ الحصار وبدأ اقتصاد البلد في التدهور نقول كل عام إن القوة الشرائية في كل رمضان تتراجع عن رمضان الذي سبقه، وهذا صحيح هذا العام أيضا، الناس تتردد في الشراء». والمفارقة، أنه حتى الموظفون الذين يعملون في دوائر تابعة لحكومتي غزة ورام الله ويتمتعون براتب ثابت يبدون حذرا شديدا في شراء السلع عشية الشهر الفضيل.. فعلى الرغم من أن الحكومتين قد أعلنتا عن أنهما ستقومان بدفع الرواتب في موعدها المحدد، فإن حالة انعدام الثقة والخوف من المستقبل، جعلت الغزيين أكثر حذرا في الإنفاق عشية الشهر، ولا سيما أن الحكومتين قد عجزتا في الماضي عن دفع الرواتب في موعدها المحدد.

نبيل إبراهيم، الذي يعمل موظفا في إحدى الدوائر التابعة لحكومة غزة، يقول إن رمضان يحل هذا العام في ظل تعاظم حالة انعدام اليقين بشأن قدرة الحكومة على مواصلة دفع الرواتب للموظفين، مشيرا إلى أن الراتب الذي تقاضاه أخيرا هو عن شهر مايو (أيار)، مع العلم أنه كان يفترض أن يتلقى راتب شهر يونيو (حزيران). وأضاف: «لقد قررت تقليص المصاريف بشكل كبير خلال الشهر الفضيل، فتأمين ملابس للعيد والمدارس يتطلب تقليل الإنفاق على شراء السلع، فلست مستعدا للاقتراض من أجل تأمين شراء هذه السلع».