النسخة الثالثة من «متحف الثورة» تنافس المتحف المصري بالتحرير

تضم منحوتات وقصاصات ورقية وقصائد شعرية تمثل انتهاكات نظام الإخوان

تضم النسخة الثالثة من «متحف الثورة» أحداث ثورة 30 يونيو («الشرق الأوسط»)
TT

لم يكتف المصريون بالتوثيق لثورتهم برسوم الغرافيتي على جدران الشوارع والميادين، فعلى بعد ما يقرب من مائة متر من المتحف المصري العريق وسط العاصمة القاهرة، الذي يضم عجائب الحضارة الفرعونية القديمة، أعاد المتظاهرون المصريون المناهضون للرئيس المعزول محمد مرسي، افتتاح «متحف الثورة» في قلب ميدان التحرير، أيقونة ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011.

المتحف، المقام بشكل بدائي بسيط، على مساحة تبلغ نحو 150 مترا وسط حديقة ميدان التحرير، هو نسخة ثالثة مطورة لمتحفين سابقين له أقيما في نفس الموقع، الأول قبل سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك، والثاني إبان فترة حكم المجلس العسكري للبلاد قبل عام من الآن، وكلاهما تم هدمهما بعد أن فضت قوات الشرطة الاعتصامات السابقة بالقوة. وفي نسخته الثالثة المقامة حاليا يضم المتحف منحوتات وقصاصات ورقية وقصائد شعرية، تسجل ما يعتبره القائمون عليه «انتهاكات» جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي ضد المصريين خلال عام من توليه الحكم، بالإضافة إلى صور لشهداء الثورة، الذين سقطوا في مظاهرات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم «جيكا» و«الجندي»، لتخليد ذكراهم وتضحياتهم في سبيل الحرية للمصريين، على حد قول أحد الشعارات المرفوعة بالمتحف.

يقول محمد كمال، أحد القائمين على المتحف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نحو 20 من شباب الثورة وفنانيها دشنوا هذا المتحف، أكثر من نصفهم هم أيضا كانوا قد أقاموه من قبل أيام مبارك والمجلس العسكري، حين كان يضم رصاصات الأمن التي كانت توجه للمتظاهرين وكذلك ملابس الشهداء وعليها الدماء، وغيرها من المقتنيات التي تم هدمها من قبل».

وأضاف كمال، وهو رجل خمسيني ذو لحية مشذبة: «الجديد الآن في متحفنا هو أنه يضم أحداث ثورة 30 يونيو (حزيران) وتسجيلا كاملا لفشل الرئيس السابق محمد مرسي على مدار عام في إدارة الدولة وأسباب الاعتراض عليه».

ويعترف كمال بأن «هذا المتحف مجهود مهدر دائما لأنه يهدم بعد انتهاء الاعتصام، لكنه مصر على عرض هذه الحقيقة للعالم أجمع، حتى وإن استمر لمدة أسبوع واحد فقط، حيث يرتاده الآلاف يوميا للزيارة وتصويره، من جميع الجنسيات في العالم».

ويعتصم كمال منذ أكثر من أسبوعين في ميدان التحرير ويقوم بحراسة المتحف والعمل على تنظيفه، وخلال يومين يقام حفل زفاف ابنة أخته، لكنه كما يقول «لا أستطيع ترك المكان وحضور حفل الزفاف إلا بعد أن أطمئن على تحقيق كافة مطالب الثورة».

ويؤكد كمال أن «نبرة المتاجرة بالدين كشفها الشعب المصري، وأسقط كل الأقنعة التي تتخفى في ظلالها.. فالشعب الذي جعل شعار ثورته (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية)، هو الشعب نفسه الذي اخترع مثلا حيويا ومتسامحا للتعبير عن وسطيته الدينية حين قال: (ساعة لربك وساعة لقلبك)». ويوجد نصب تذكاري كبير للفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، وكذلك نصب للجيش المصري، احتفالا باستجابة وانضمام القوات المسلحة لمطالب الشعب المصري وعزل الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم قبل أيام.

وفي المتحف أيضا صور للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس، وعدد من الرموز الوطنية التي أيدت عزل الرئيس السابق مرسي وحرمت دماء المصريين.

بدوره، يأمل رجب شركس، وهو أحد الفنانين الشباب الذين صنعوا تماثيل هذا المتحف، أن تتبنى الدولة هذه الفكرة بدلا من هدمه في كل مرة، وأن يقوموا بتطويره وتحديثه وإقامته كذكرى لثورة مجيدة ضحى الشباب من أجلها، مؤكدا أنه يعمل كمتطوع وسيحارب لآخر فرصة من أجل عدم هدم هذا المتحف.

ويقول شركس لـ«الشرق الأوسط» إن «الفكرة لاقت إعجاب الكثير من المتظاهرين الذين يتطوعون يوميا بأعمال للمتحف»، مشيدا بالإقبال الشديد عليه.

ويضم المتحف أيضا استراحة لأهالي شهداء الثورة، وكذلك أهالي المعتقلين السياسيين، عبارة عن خيمة كبيرة مجهزة بالمياه والعصائر والبطاطين، من أجل الإقامة فيها خلال اعتصامهم بميدان التحرير.